سميت الحكومة الحالية "بالانتقالية" و"المؤقتة" ثم اطلق عليها البعض اسم "حكومة الثورة" عقب زيارة د.عصام شرف رئيس الوزراء في الرابع من مارس الماضي لميدان التحرير معقل "ثورة اللوتس المصرية المجيدة" مؤكدا إيمانه بكل مطالب الثورة مع وعده بتنفيذ مطالب الشعب المصري، لتصبح علي الحكومة الانتقالية اذن ان تضع خطوات جادة للعمل علي تنفيذ اولويات وتحديات مهمة كي تخطو بمصر الي بر الامن والاستقرار حتي يتم الانتقال السلمي للسلطة، وبالتالي حددت الحكومة المهمة الرئيسية لها هي استعادة الأمن والنظام وتنشيط عجلة الاقتصاد، اضافة للاتفاق بين المجلس الأعلي للقوات المسلحة لمناقشة عدد من القضايا المهمة للعمل الوطني خلال الفترة المقبلة وفي مقدمتها عودة الأمن والأمان وإعادة دوران عجلة الإنتاج والتغلب علي التحديات الاقتصادية التي أعقبت ثورة 25 يناير. "نعمل علي بناء الديمقراطية وإعادة الثقة في الاقتصاد المصري" هكذا بدأ عصام شرف كلمته منذ ايام قليلة بمناسبة مرور 100 يوم علي حكومته، مضيفا أن الحكومة تعمل علي تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لبناء الديمقراطية واتخاذ جميع الإجراءات القانونية لاستعادة الأموال المنهوبة من الخارج وتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين في ظل تحديات نقص الموارد واضطراب الأمن . وأشار «شرف» إلي أن الحكومة قامت بتوفير أكثر من 10 مليارات جنيه لتوفير الاحتياجات الأساسية من السلع للمواطنين ، وتشجيع البحث العلمي وإقامة المؤتمرات في الداخل والخارج ، وقال إن الحكومة تعهدت بأن تسلم الأمانة لمن يأتي بعدها ومصر علي طريق الانطلاق بحيث لا يوقفه أي شيء. داعيا في ختام خطابه إلي التشبث بالامل." ..والان وبعد مرور اكثر من ثلاثة اشهر وبعد خطاب عصام شرف هل اوفت الحكومة بوعدها للثورة والشعب؟، او بدات بوضع خطوط عملية واضحة امام المواطنين ليطمئنوا ان القادم افضل؟ و هناك ايجابيات ملموسة نستطيع بها الحكم علي قدرة وكفاة الحكومة؟.. وهنا اختلفت وجهات النظر بين الاداء البطئ والضعيف للحكومة ووصفها الاخر بالمترددة.. في حين كانت وجهة النظر الاخري ان الحكومة انجزت ماعليها واكثر وعلينا ان نعطيها الفرصة كي نري انجازات اكثر. وكانت الاراء كالتالي: لم يتحقق الاستقرار لم يتحقق للان، هذا ما اكده الخبير الاقتصادي الهامي الميرغني قائلا إن الحكومة الحالية مازالت تعلق جميع الازمات علي شماعة "الانفلات الامني" من انهيار اقتصادي وتراجع مؤشرات البورصة.. وغيرها من اقاويل غير المنطقية بحجة الغياب الامني، وأشار الميرغني إلي ان هناك جريمة كبري ارتكبتها الحكومة حينما لجأت للتمويل الاجنبي وطلبت قرض ب12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ليضاف الي عبء المديونية لتتحملها الاجيال القادمة لتضخيم برامج التسديد من قبل البنك الدولي، اذن "حكومة الانقاذ" الحالية ادت إلي زيادة الدائنين للبلد وبالتالي فشلت في وظيفتها بتحقيق استقرار اقتصادي. وأكد الميرغني انه لم يكن هناك اي داع لطلب تمويلات خارجية لان من مصادر التمويل الحالية كنا نستطيع تسديد العجز. انجازات خيالية وهذا ما اكده ايضا د.حمدي عبد العظيم رئيس اكاديمية السادات سابقا، وحدد ان هناك بدائل ذاتية تمثل تمويلا داخليا بدلا من الاعتماد الكلي علي التمويل الخارجي، فهناك الصناديق الخاصة والتي يصل حسابها اكثر من تيرليون جنيه وبالتالي اذا زادت نسبة هذه الصناديق لوزارة المالية من 5% الي 50% سيساعد ذلك علي التمويل، ايضا هناك الضريبة العقارية لو تم تطبيقها علي الاغنياء واعفاء الفقراء مع تطبيق الضرائب التصاعدية التي تزيد بزيادة الدخل فكلما زادت الضرائب زاد دخل الدولة، واضاف عبد العظيم ان هناك بنوكا تمتلك "ودائع" اكثر من القروض بالاضافة لفائض السيولة بنسبة 48% من الايرادات البنكية مع امكانية التوسع في الاقراض من شركات التامين والبنوك للمشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة.. وتساءل عبد العظيم عن سبب تراجع الحكومة عن قانون الضريبة علي الارباح بحجة المستثمر دون اسباب واضحة الامر الذي يعد ترددا في اتخاذ القرارات دون دراسة سابقة. تطمينات عصام شرف اشار خلال كلمته ايضا الي أن تحسين السياحة والبناء والتشييد وهنا قال د. عبد العظيم إننا لم نلاحظ نتائج واضحة او اي تحسن يذكر لكنها مجرد تطمينات للمواطنين ليست اكثر استمرارا للنظام السابق فلم تضع لنا الحكومة حتي الان "أجندة" او رؤية واضحة للمرحلة الانتقالية، هذا ما اشار اليه أمين اسكندر وكيل مؤسسي حزب الكرامة تحت التأسيس، مضيفا ان الحكومة الحالية هي استمرار لحكومة الحزب الوطني وليست لها علاقة بالثورة والدليل علي ذلك وجود بعض وزراء النظام السابق ممن يتمتعون بسمعة ليست جيدة في الحكومة الحالية ، وتساءل اسكندر حول السياسات التي تبناها عصام شرف وحكومته بالنسبة للسياسة الخارجية فكل ماذهب اليه هو الاقتراض من الخارج سواء من دول الخليج وغيرها، ايضا اين هي سياسات العقد الاجتماعي؟ حكومة مترددة الحكومة انجزت بعض الانجازات لكهنا ضعيفة ومحدودة للغاية، علي حد قول د.عماد جاد الخبير بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية، مضيفا انه لو كان هناك حكومة قوية بوزراء اقوياء يعبروا عن الثورة بالفعل لكان هناك اجراءت وانجازات اسرع واقوي، لان جزءا كبيرا من الاخفاقات سببها التردد في القرارات لوجود شخصيات في الحكومة من النظام السابق هي شخصيات مترددة وكان من الممكن ان تكون حكومة ثورة بالفعل لو حدثت انجازات ملموسة بالفعل. واضاف جاد ان اهم عنصر مطلوب توفيره "الامن" والذي بدأ يعود مرة اخري لكن ببطئ شديد جدا، فكان من الممكن ضبط الامن بصورة اسرع من ذلك، واشار إلي ان توافر الامن هو المدخل لاستقرار الاقتصاد والسياحة والاستثمار والعمل. اما من ناحية العلاقات المصرية الخارجية بعد الثورة وفي ظل الحكومة الانتقالية قال الخبير الاستراتيجي إنه كان هناك رهان علي حدوث تغير جذري كبير في العلاقات المصرية الخارجية الا انه وضح بعد ذلك انه تغير محدود وعلي كل حال ليس المطلوب الان التغير الجذري في السياسة الخارجية. حكومة حققت الكثير هناك الكثير من اشكال المعارضة سواء كانت من النظام السابق او معارضة حالية لا تستمتع الا بمجرد ان تعارض طوال الوقت، هذا ما اكدته د.عزة كُريم استاذ علم الاجتماع السياسي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ومن هذا المنطلق الرافض لكل شئ دون التفكير العلمي والمنطقي يدفع بالمجتمع الي طريق لايحمد عقباه. واكدت عزة كُريم ان ماحدث في الوقع من تغيير او مقدمات تغيير احدثتها الحكومة الحالية خلال ستة اشهر اكثر بكثير مما قاله د.عصام شرف منذ لحظة قيام الثورة المجيدة، تلك اللحظة التي كان يمكن ان ينهار فيها المجتمع المصري كله بعد ان وضع النظام السابق خططا للقضاء عليه، فكل ماطلبه الشعب المصري من اسقاط للحزب الوطني الاخطبوطي ومجلسي الشعب والشوري وتغيير المحافظين ومقاومة لكل اشكال البلطجية التي تتبع دائما كل الثورات الشعبية. بالاضافة للمقاومة من بعض رجال الشرطة الفاسدين الذين يناهضوا الاستقرار لتبعيتهم للنظام البائد.