تقارير دولية: استمرار انخفاض المؤشر العام لسوق الأوراق المالية شهدت سوق الأوراق المالية في أعقاب ثورة 25 يناير أداء متذبذبا، وفقد مؤشر البورصة الرئيسي ما يقرب من 500 نقطة، وقدر خبراء السوق خسارة الأسهم خلال الشهر الماضي بنحو 20 مليار جنيه، وكان عدد من خبراء سوق الأوراق المالية قد أكد أن العامل النفسي لمستثمري البورصة يتحكم في اتجاهات المستثمرين، خاصة بعد الأحداث السلبية التي لحقت بالعديد من الأسهم وتدني أسعارها السوقية. التقارير الدولية تتوقع استمرار نزيف الأسهم خلال العام الحالي، وسط توقعات أن يسجل مؤشر البورصة الرئيسي مستوي 4500 نقطة في نهاية العام، وسط تعاملات متباينة خلال العام. لكن مؤسسة "بزنس مونيتور انترناشيونال" أشارت في تقريرها الاقتصادي الأخير إن الأسهم المصرية لديها قدرة علي جذب المستثمرين بالرغم من حجم الخسائر المتوقعة للبورصة في عام 2011 واستشراء الفساد. وأشار التقرير أن تقديراته السابقة بشأن انخفاض مؤشر "EGX30 " قد تحققت خلال الأسابيع القليلة الماضية، وذلك بتراجع البورصة بحوالي 9 بالمائة منذ الأول من أبريل الجاري ، كما أن الانتعاش قصير الأجل المتحقق في آخر مارس الماضي كان نتيجة وصول البيع بالسوق إلي ذروته، متوقعا استمرار تراجع مؤشرات البورصة المصرية وليهبط المؤشر الرئيسي للسوق "EGX30 " إلي المستوي 4500 نقطة هذا العام. وتتراقص أسهم رجال الأعمال المتهمين في قضايا تربح وفساد علي أنغام الصعود والهبوط، فسهم حديد عز انخفض بنسبة 39 بالمائة منذ إعادة فتح الأسواق في مارس الماضي، في حين انخفضت أسهم بالم هيلز بنسبة 7 بالمائة في أعقاب صدور حكم ببطلان عقد بيع أرض القطامية خلال الأسبوع الماضي. القيمة السوقية هبوط مؤشر"EGX30 " والأسهم القيادية في سوق الأوراق المالية يدفع المستثمرين إلي المطالبة بضرورة تدخل الدولة لحماية سوق الأوراق المالية من الخسائر المحققة في القيمة السوقية للسوق، لكن الواقع يشبر إلي أن خسائر سوق الأوراق المالية في الواقع هي خسائر ورقية، وليست خسائر مادية كما يتصور البعض، فحجم التعامل اليومي في السوق لا يتعدي مليار جنيه في أغلب الحالات، لكن خسائر القيمة السوقية قد تصل إلي 8 مليارات جنيه نتيجة انخفاض سعر الأسهم، هذه الخسائر الورقية يمكن تعويضها في جلسة أخري إذا ارتفع السوق مرة أخري، فمثلا يمكن أن ترتفع أو تنخفض القيمة السوقية للشركة في سوق الأوراق المالية من خلال عملية واحدة، فعلي سبيل المثال، إذا كان عدد أسهم شركة ما متداولة في سوق الأوراق المالية مليون سهم، وسعر السهم 5 جنيهات، فإن القيمة السوقية لها 5 ملايين جنيه، وفي حالة تنفيذ عملية شراء لعدد 100 سهم فقط بسعر 5.5 جنيه، ترتفع القيمة السوقية للشركة من 5 إلي 5.5 مليون جنيه، والعكس إذا تم بيع أو شراء 100 سهم بسعر 4.5 جنيه تنخفض القيمة السوقية للشركة من 4.5 مليون جنيه إلي 5 ملايين جنيه، هذا من الممكن أن يحدث بفعل عملية شراء لا تتعدي 500 جنيه فقط. إنتاجية الشركات النقطة الثانية، أن سعر سهم الشركة المتداول في سوق الأوراق المالية ليس له تأثير علي إنتاجية الشركة، سواء ارتفع السهم أو انخفض، كما ليس له علاقة بخطط الشركة الاستثمارية أيضا، وهي النقطة الأهم الغائبة عن كثير من المحلليين في سوق الأوراق المالية. كما لا يؤثر سعر سهم الشركة علي أرباح الشركة، سواء شهد سعر السهم ارتفاعا أو هبوطا، لكم من الممكن أن تتأثر ربحية الشركة بسعر السهم في حالة واحدة فقط، وهي استخدام الشركة للأموال المتاحة لديها للمضاربة في سوق الأوراق المالية بدلا من استثمارها في المشروعات الإنتاجية للشركة، فالشركة في هذه الحالة تكون محفظة أوراق مالية، وتتوقف قيمتها وأرباحها علي مدي ارتفاع أو انخفاض في السوق خلال سنة، فربح الشركة أو خسارتها هو الذي يتحكم في سعر السهم بافتراض عدم وجود مضاربة في سوق الأوراق المالية، وليس العكس. وهنا تجدر الإشارة إلي أن ثورة 25 يناير أثرت علي أداء الشركات خلال الفترة من يناير إلي منتصف مارس بصورة كبيرة، مما سيؤثر علي أرباح الشركات خلال العام الحالي، خاصة أن بعض الشركات قد أجلت عددا من المشروعات التي كان من المزمع إنشاؤها بسبب أحداث الثورة،مما سيؤدي إلي انخفاض في الأرباح كما تتوقع معظم الشركات، الأمر الذي قد يؤدي إلي انخفاض قيمة أسهمها في أعقاب صدور نتائج الأعمال الربعية أو النصف سنوية. الأخطر من ذلك أن تحليل أداء سوق الأوراق المالية الذي تنشره الصحف لا يفرق بين المستثمرين، وإنما يركز علي اتجاهات السهم المتوقعة ونقاط الدعم والمقاومة لسعر السهم، وهو ما يزيد من حدة المضاربات في سوق الأوراق المالية خاصة في الفترة الأخيرة. المستثمرون يمكن تقسيم المستثمرين في سوق الأوراق المالية إلي ثلاثة أقسام، القسم الأول وهو المستثمر طويل الآجل وتقوم بشراء أسهم شركة بهدف المشاركة في الشركة، وليس المضاربة علي سهم الشركة، وهو في هذه الحالة يعتبر من مالكي الشركة بحسب عدد الأسهم أو نسبتها في الشركة، ويهدف هذا المستثمر إلي زيادة نسبة مشاركته في الشركة أملا في الاشتراك في مجلس الإدارة ، أو الاستحواذ علي الشركة علي الأمد الطويل إذا كانت لديه القدرة المالية، وبالتالي فإن انخفاض سعر سهم الشركة يعتبر فرصة لزيادة نسبته في الشركة، وهو لا يتجه إلي بيع أسهمه في الشركة إلا في حالة الضرورة القصوي فقط، ويحصل علي عائد من الشركة من خلال توزيع الشركة للأرباح أو الكوبونات أو الأسهم المجانية، وهي عادة تفوق نسبة العائد علي الودائع في البنوك. وهنا تظهر خطورة المستثمر طويل الأجل الذي ينوي الاستحواذ علي الشركات من خلال سوق الأوراق المالية، خاصة المستثمر الأجنبي، لذا لجأت الدولة لوضع بعض الشروط في البنوك فقط نظرا لطبيعتها لتحدد نسبة التملك للفرد فيها، أما في شركات قطاع الإعمال العام فتعتمد علي نسبة ملكية الشركة القابضة في الشركات التابعة بما يضمن لها التحكم في الجمعيات العمومية للشركات وعدم السيطرة عليها من خلال سوق الأوراق المالية. الغريب في الأمر أن الحكومة تسمح بتملك الأجانب لأسهم الشركات دون أن تحدد الجمعيات العمومية النسب المسموح بها لتملك الأجانب، كما في أسواق المال الأخري، ففي الإمارات أو السعودية وقطر تحدد الجمعيات العمومية النسب المسموح بها للعرب والأجانب لتملك الشركات والتي تتراوح ما بين 100 بالمائة و10 بالمائة بحسب طبيعة نشاط الشركة وأهميتها الإستراتيجية. أما النوع الثاني، فهو المستثمر متوسط الأجل، وهو يسعي إلي شراء الأسهم والاحتفاظ بها لمدة زمنية بهدف الحصول علي توزيعات نقدية من الشركة عند توزيع الأرباح، وبيع هذه الأسهم في حالة ارتفاع سعر السهم بما يحقق أرباحا كبيرة، وهو يستمر في المشاركة في الشركة لمدة لا تقل عن ستة أشهر علي الأقل. المضاربة أما النوع الأخير من المستثمرين، فهو المستثمر قصير الأجل، وتتراوح مدة استثماره في سوق الأوراق المالية ما بين يوم وأسبوع أو شهر علي الأكثر بحسب تسوية حسابات محفظته المالية، وهذا النوع من المستثمرين يعتمد علي المضاربة في سوق الأسهم، لتحقيق أرباح سريعة والخروج من أسهم شركة إلي شركة أخري، وقد يكون هذا المستثمر من صغار المستثمرين ماليا، أو محفظة مالية كبيرة تضم عددا من الأوراق المالية لعدد من الشركات، كذلك يمكن أن تكون عملية البيع والشراء في نفس الجلسة، والمحصلة النهائية للمضاربة أما تكون مكسبا أو خسارة أو لا مكسب ولا خسارة. وبالتالي في حالة انخفاض أسعار الأسهم ليس معني ذلك أن المضارين في السوق قد لحقت بهم الخسارة ، أو في حالة ارتفاع مؤشر سوق الأوراق المالية أن جميع المتعاملين في السوق قد ربحوا، لكن الربح والخسارة يتوقف علي المحصلة النهائية للمضارب في نهاية الجلسة سواء فردا أو محفظة أوراقا مالية أو مؤسسة، لذا من الصعب أن نعرف حجم الخسائر الحقيقية للمضاربين أو حجم الأرباح، ما لم يعلن المضاربون أنفسهم ذلك. وبالتالي فأن أي حديث عن المكسب أو الخسارة في سوق الأوراق المالية- كما في العرض السابق- غير دقيق علي الإطلاق ويعطي صورة غير حقيقية عن أوضاع سوق الأوراق المالية في الدولة. الاقتصاد والبورصة لكن تلعب سوق الأوراق المالية دورا مهما في تنشيط الاقتصاد القومي بعيدا عن المضاربة في السوق، فالوظيفة الأساسية لسوق الأوراق المالية هي تمويل المشروعات الجديدة أو توسعات الشركات وزيادة رأسمالها من خلال طرح أسهم في سوق الأوراق المالية، مما يساعد الشركات علي الحصول علي التمويل اللازم لمشروعاتها بدلا من الاقتراض من الجهاز المصرفي، وبالتالي فإن انخفاض مؤشر السوق وأسعار الأسهم قد يؤجل طرح الشركات لأسهمها أو زيادة رأس المال، لكنه ليس العامل الوحيد، فحتي مع ارتفاع المؤشر العام للسوق وارتفاع الأسهم قد تؤجل الشركة الطرح لعدم مناسبة ظروف السوق لضعف السيولة في السوق مثلا. كثيرا من التحليلات في سوق الأوراق المالية تحاول تهدأ السوق بالربط بين الاقتصاد الكلي للدولة وسوق الأوراق المالية، وهو نوع من الربط غير الحقيقي فسعر السهم في الحالات العادية يتوقف علي ربح الشركة وليس أداء الاقتصاد ككل، فانخفاض مؤشر السوق لا يعني مثلا زيادة معدل التضخم أو زيادة معدلات الدين العام .. الخ ..والعكس صحيح، لكن يهم المستثمر في المقام الأول مناخ الاستثمار والرؤية المستقبلية، فقبل ثورة 25 يناير انخفض معدل الاستثمار في مصر كنتيجة للرؤية الضبابية للمستقبل السياسي لمصر خاصة أنه عام الانتخابات الرئاسية وزاد من ضبابية هذه الرؤية أحداث الثورة، وهو ما يعني استمرار انخفاض معدل الاستثمار حتي تتضح الصورة في مصر.