عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان صدر كتاب «الجمهورية البرلمانية ركيزة الإصلاح السياسي والدستوري» تأليف الكاتب الصحفي صلاح عيسي ود. عمرو الشوبكي. والكتاب عبارة عن مجموعة من الدراسات التي يعيد مركز القاهرة نشرها وهي تتعلق بقضية الإصلاح السياسي بشكل عام، وبنموذج الجمهورية البرلمانية بشكل خاص، الذي سعي مشروع دستور 1954 لتجسيده من خلال تصور طموح. وهذا الطموح هو ما جعل صلاح عيسي يفتش عنه حتي عثر عليه ونشره علي حلقات في جريدة الوفد ثم جمعه المركز في كتاب قدم له المستشار عوض المر الرئيس المؤسس للمحكمة الدستورية العليا. ويتطرق الكتاب الذي بين أيدينا إلي فترات رئاسة الرئيس السابق محمد حسني مبارك الثلاث السابقة والتي كثرت فيها المطالبة من قبل نشطاء الحركة السياسية المصرية بإجراء إصلاح سياسي وقدموا قائمة مطولة بمطالب تفصيلية منها إلغاء حالة الطوارئ، وإصلاح نظام الانتخاب، والإفراج عن المعتقلين السياسيين ووقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وإطلاق حرية إصدار الصحف، ورفع القيود عن حرية تشكيل الأحزاب، ورفع الرقابة عن تداول المطبوعات الخارجية، والمساواة بين الأحزاب في حق مخاطبة المواطنين عبر أجهزة الإعلام القومية، وهي مطالب يئس أصحابها من الاستجابة لها، حيث اصطدموا - دائما - بوضع دستوري مشوه، حيث ظلت التعددية الحزبية حبرا علي ورق، واستطاعت السلطة الحاكمة - وقتها - من اصطناع حزب ضعيف مكنه عن طريق التزوير المتوالي من الحصول علي الأغلبية الكاسحة في كل الانتخابات لكي تضمن كل الأغلبية الاستثنائية المنصوص عليها في الدستور، ومنها أغلبية الثلثين المطلوبة لترشيح الرئيس ولتفويضه بإصدار قرارات لها قوة القانون ولفصل النواب ولاتهام الوزراء ولتعديل الدستور، وفي ظل هذه الأجواء كان من المستحيل أن تتداول الأحزاب السياسية السلطة. ويتضمن الكتاب عدة فصول منها «مشروع دستور 1954 كأساس للإصلاح السياسي والدستوري» وهو الفصل الذي يبين مدي العوار الذي ظهر جليا في دستور 1971 الذي ظل سائدا في فترة حكم «مبارك»، والذي تصور هو ومن حوله أن الديمقراطية الليبرالية لا تصلح لشعوب العالم الثالث الجاهلة والفقيرة والتي تفتقد الوعي السياسي - علي حد تعبيرهم - في أكثر من مناسبة، حيث اعتقدوا أن ما تحتاج إليه هذه الشعوب، هو نظام حكم مركزي قوي، تلعب فيه السلطة التنفيذية، دورا مهيمنا، علي الدولة والمجتمع. توحيد الإصلاحيين ويري المؤلف أن مشروع دستور 1954 يشكل أساسا لتوحيد الإصلاحيين المصريين، حول مطلب واضح لحركتهم، وهو ما يمكن أن يكون كأساس لصياغة دستور جديد من خلال تنظيم الحوار حول الإصلاح الدستوري الجذري لعدة عوامل.. أولها: أن لجنة «الخمسين» التي وضعت المشروع عام 1954 كانت تضم ممثلين لكل ألوان الطيف السياسي والفكري التي كانت قائمة آنذاك، حيث كان من بينهم ممثلون لأحزاب الوفد والأحرار الدستوريين والسعديين والإخوان المسلمين والحزب الوطني القديم وحزب مصر الاشتراكي والكتلة الوفدية المستقلة، كما كانت تضم - كذلك - أعضاء من لجنة الثلاثين التي وضعت دستور 1923، ممن يعرفون ما كان به من ثغرات أدت إلي الصراع بين سلطة الملك وسلطة الأمة، فضلا عن ثلاثة من رؤساء القضاة، وعدد من ألمع فقهاء القانون الدستوري وثلاثة من رجال الجيش والشرطة المتقاعدين وشيخ الأزهر وبطريرك الأقباط، وخمسة آخرين. كذلك جاء الدستور في ظل مناخ الآمال الكبري التي علقتها التيارات الفكرية والسياسية علي ثورة 23 يوليو 1952، بأن تقيم نظاما سياسيا ديمقراطيا، يحاول توخي الانتكاسات، التي تعرض لها تطبيق دستور 1923. دستور جديد أما الفصل المعنون ب «نحو دستور مصري جديد» فيتضمن البيان الختامي لورشة العمل التي أقامها مركز القاهرة لحقوق الإنسان، والتي تطرقت إلي عدة أمور منها «إشكالية العلاقة بين الدين والدولة في إطار الإصلاح الدستوري». كما طرحت مسودة دستور 1954.. والتي تؤكد نظام الجمهورية البرلمانية حيث اقترح المشروع أن تنتقل السلطة التنفيذية الفعلية إلي مجلس الوزراء الذي ينبثق عن البرلمان الذي تكون مسئولة أمامه بحيث لا تباشر عملها ومهامها إلا إذا حصلت علي ثقة مجلس النواب.