حزب للشاي .. وآخر للقهوة تعتبر حفلات شاي ما بعد الظهر تقليدا شائعا في انجلترا، وهو تقليد اجتماعي لا علاقة له بالسياسة. إلا أن نفس التقليد تحول في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي مصطلح سياسي يعبر عن مجموعة من القوي الاجتماعية والسياسية التي ترفض تدخل الحكومة الفيدرالية الأمريكية في كل صغيرة وكبيرة، وتعتبر أن الحكومة تحاول دائما لعب دور الأخ الأكبر الذي يتدخل في كل شئون الإخوة الصغار. حزب الشاي تطورت حركة حزب الشاي الأمريكي علي مدار السنوات القليلة الماضية، وظهر له مؤيدون بالملايين، ممن ملوا من سيطرة الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي علي مجريات السياسة في الولاياتالمتحدة. أصل التسمية استوحي حزب الشاي اسمه (تي بارتي أو حفلة الشاي) من احتجاجات شعبية قديمة قام بها الأمريكيون عام 1773 علي الضرائب التي فرضها البرلمان البريطاني علي الشاي المستورد إلي المستعمرات الأمريكية، وقاموا خلالها بالاستيلاء علي ثلاث سفن بريطانية في ميناء بوسطن، ورموا صناديق الشاي في المياه، ليشعلوا بذلك شرارة الثورة الأمريكية أو حرب الاستقلال ضد الاستعمار البريطاني. وبدأ اسم حزب الشاي في البروز بقوة علي الساحة السياسية الأمريكية بعد الأزمة المالية الأخيرة، والتي بدأت عام 8200 والتي أنهكت الاقتصاد الأمريكي، وأجبرت الحكومة علي التدخل بشكل غير مسبوق عبر حزمة إجراءات استهدفت إنقاذ ودعم البنوك والشركات. يعتبر حزب الشاي مظلة أو تحالفا لمجموعة منظمات تجمعها نقاط عدة أبرزها الهجوم علي سياسات الرئيس الحالي باراك أوباما الذي زادت معارضة الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري له، فاستخدموا عبارة "ثورة الشاي"، في إشارة إلي معارضتهم لزيادة الضرائب، ورفضهم لخطط إنقاذ الاقتصاد عبر تدخلات حكومية، حيث يركز حزب الشاي علي مبادئه القائلة بعدم تقييد حريات الشركات بما فيها شركات الاستثمار، والتأمين الصحي، ومنع زيادة الضرائب خاصة علي الأغنياء، ونقد الجناح المعتدل في الحزب الجمهوري الذي يقوده السيناتور جون ماكين، والتشدد فيما يسمي الحرب علي الإرهاب. وقد نجح حزب الشاي من خلال توسع عدد المؤيدين له، أصبح للحزب تأثير بارز علي توجهات السياسة الأمريكية، ولاسيما بعد تحقيق مرشحيه عدة مفاجآت من خلال تغلبهم علي بعض الوجوه الجمهورية التقليدية المعروفة في الانتخابات. ومن تلك المفاجآت فوز كريستين أودونيل المدعومة من سارة بيلين التي كانت مرشحة نائبة لماكين علي النائب مايك كاستل الذي يدعمه الحزب، لتصبح المرشحة لتمثيل ولاية ديلاوير في مجلس الشيوخ. وفوز كارل بلادينو علي الجمهوري ريك لازيو، وترشيح الحاخام اليهودي ناعوم شيفرن عن ولاية كاليفورنيا. مبادئ اليمين تعبر مباديء حزب الشاي عن آراء مجموعة من اليمينيين المتطرفين، الذين نجحوا في الانتخابات التشريعية الأخيرة في السيطرة علي الولايات الجنوبية. لكن مجموعة من شباب الجيل الثاني من المهاجرين من دول العالم الثالث سارعوا بتأسيس حزب صغير آخر في هوليوود في يناير 2010 يدعي حزب "القهوة"، بهدف مواجهة أفكار حزب الشاي، والتعبير عن وجهة نظر مضادة لتطرفه وعنصريته. الموجة الأوروبية يعتبر حزب الشاي امتدادا لموجات اليمين المتطرف الأوروبي التي رسخت أقدامها بقوة في عدة دول كهولندا، وبريطانيا وفرنسا، ومعظمها حركات وأحزاب مناهضة للهجرة العربية، وللإسلام، وهم من أشد الداعمين لحركة "أوقفوا أسلمة أمريكا". كما يرفض الحزب التدخل العسكري الأمريكي في الخارج، ويعارضون التواجد في العراق وأفغانستان أو أي مكان آخر بدعوة الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. قلق يهودي وتستشعر الأحزاب الأمريكية القلق من الصعود السريع لحزب الشاي، فالحزبان الديمقراطي، والجمهوري يشعران بالقلق، بل إن اللوبي اليهودي في أمريكا يشعر أيضا بالقلق من الحركة لخوفهم من قيامها مستقبلا بتشكيل ضغط علي الحكومة لإجبارها علي تخفيف تدخلها في الشرق الأوسط أو تقليل دعمها العسكري لإسرائيل. فيلسوف الحزب يعتبر البروفسور ريتشارد آرمي، وهو كان أستاذا محافظا في الجامعة في ولاية تكساس. ثم تفرغ للسياسة، ودخل مجلس النواب باسم الحزب الجمهوري. وفي 1992، صار زعيما للأغلبية في مجلس النواب. وفي 2002 ترك الكونجرس، وتفرغ للعمل التنظيمي. وفي 2007، أسس منظمة "فريدوم وركس" (الحرية تعمل). وصار ريتشارد آرمي، ليس فقط من قادة الحزب الجمهوري في واشنطن، ولكن من قادة الجناح المحافظ في الحزب. وبعد أن صار أوباما رئيسا، وتطورت معارضة المحافظين له، اشترك آرمي في تأسيس "حزب الشاي"، وفي التنظير له. وفي إحدي الندوات قال ريتشارد آرمي للصحفيين عن "حزب الشاي: "ليس حزب الشاي نتاج مصلحة حزبية أو شخصية. بل يؤمن الحزب إيمانا قويا بالحرية التي نص عليها الدستور الأمريكي". وأضاف: "بحق السماء، من أين جاء هؤلاء التقدميون والاشتراكيون إلي واشنطن. لا يحب هؤلاء أمريكا كما نحبها نحن. ولا يريدون الخير لها كما نريد نحن؟". كما قال: "صار قادة الحزب الجمهوري في الكونجرس لا يختلفون عن قادة الحزب الديمقراطي". أوباما شيوعي إلا أن "حزب الشاي" ليس حزبا بالمعني المتعارف عليه بل هو عبارة عن مظلة، أو تحالف، لمنظمات تتفق علي عدة مباديء أهمها: الهجوم علي الرئيس أوباما واتهامه بالاشتراكية (تعني يسار التقدمية)، لكن الجناح اليميني في الحزب يقول إن أوباما "شيوعي خفي". كما تتفق منظمات "حزب الشاي" علي نقد الجناح المعتدل في الحزب الجمهوري. وهو الجناح الذي يقوده السيناتور جون ماكين (ترشح في 2008 لرئاسة الجمهورية وسقط ضد أوباما). وتتفق منظمات «حزب الشاي» علي عدم تقييد حريات شركات الاستثمار، وشركات التأمين الصحي، وتتفق علي منع زيادة الضرائب، خاصة علي الأغنياء، اعتمادا علي فلسفة أن الأغنياء يقدرون علي زيادة الإنتاج الاقتصادي أكثر من الحكومة. ويتفقون علي عدم التساهل في "الحرب ضد الإرهاب". الشاي والإنترنت استفاد الحزب كثيرا من تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، حيث تواجد بشكل قوي علي مواقع مثل "فيس بوك"، و "تويتر"، و "ماي سبيس". وبعد شهرين من تأسيسه، وصل عدد أعضائه علي الإنترنت إلي ربع مليون شخص. وفي موقع "فيس بوك" زاد عدد مؤيديه علي ذلك الرقم. حقائق أساسية ليس لحزب الشاي قيادة مركزية، بل يتكون من 3 حركات أساسية هي "دونت جو" أو "لا تذهب" و حركة "أمريكيون من أجل الرخاء" و حركة "الحرية تعمل". وتنشط هذه الحركات في كل الولاياتالأمريكية تقريبا، خصوصا في ولايات الجنوب. وتتولي حركتا "الحرية تعمل" و "لا تذهب" مسئولية الأعمال التنسيقية لحركة حزب الشاي. وتوجد علي الموقع الإلكتروني ل "الحرية تعمل" خريطة جوجل موضحا عليها المدن التي ستشهد المظاهرات المؤيدة للحركة. ويقول المعارضون لحركة حزب الشاي إن الحركة ليس لها تأييد شعبي كبير، ولم تنشأ بشكل عفوي من قلب الشعب، إلا أن القادة النافذين في الحركة ينفون هذا، ويؤكدون أنها حركة عضوية نشأت من قلب الشارع، ومن قلب الطبقة الوسطي، وأنها ليست حركة سياسية بالمعني التقليدي للكلمة. ولا توجد لحركة حزب الشاي علاقة عضوية بالحزب الجمهوري رغم وجود أعضاء بالكونجرس من ممثلي الحزب الجمهوري تحدثوا في مناسبات عديدة لحركة حزب الشاي. وقد تحدث الرئيس باراك أوباما في إحدي خطبه حول برنامجه للرعاية الصحية حول حركة حزب الشاي قائلا: "أعرف أن هناك قنوات تلفزيونية لا تحبني مثل "فوكس" التي تنشر "أكياس الشاي".