رئيس جهاز دمياط الجديدة يتابع أعمال صيانة الطرق بمدخل ميناء دمياط    السعودية تعلن عودة العمل في سفارتها بدمشق    فيستون ماييلي يعزز من تفوق الكونغو أمام أثيوبيا في تصفيات أمم أفريقيا (فيديو)    طلائع الجيش يعلن تعاقده مع مدافع الداخلية    رومانو: الأمر لم ينته بين صلاح وليفربول    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق الرصاص مع أجهزة الأمن بالقليوبية    الأمن المائي في نقاشات قصور الثقافة بالبحر الأحمر    سعاد صالح: لا يجوز للزوج أن يأخذ مليمًا واحدًا من زوجته إلا بإذن    استعدادًا لدخول المدارس.. طريقة تحضير العيش البلدي في المنزل «الخطوات»    اهتمام إيطالي بالتعاقد مع موهبة الدوري الألماني    تعادل سلبي فى الشوط الأول لمباراة ليسوتو ضد المغرب بعد خروج أشرف دارى مصابًا    تأجيل محاكمة 3 متهمين بقتل طفلة برصاصة طائشة بالسيدة زينب    سامح حسين يعود إلى الشاشة الصغيرة ب "برامودا"    عمرو سلامة يكشف رحلة كتابة مسلسل "ما وراء الطبيعة".. وحقيقة وجود جزء ثاني    الدفاع المدني الفلسطيني: 5 شهداء بينهم طفلة و12 إصابة فى قصف للاحتلال    رانيا يوسف تحتفل ببدء تصوير «روج أسود» | صور    وزير العدل يعتمد الحركة القضائية لرؤساء المحاكم الابتدائية والاقتصادية    جائز بشرط.. الإفتاء توضح حكم إقامة مجالس الذكر في المساجد والجهر بها    أمين الفتوى: عدم قول «بحبك» للزوجة تقصير تحاسب عليه يوم القيامة    بالتعاون مع جنوب الوادي.. الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني تحتفل بتخريج الدفعة الثانية    تفاصيل ضخ كميات إضافية من هيئة الدواء بالأسواق    محافظ دمياط يبحث الارتقاء بالمنظومة الصحية    تشاينا ديلي: لقاح تجريبي صيني لجدري القردة يحصل على الضوء الأخضر للتجارب السريرية    ضبط 400 كيلو لحوم حمير قبل توزيعها على مطعم في سوهاج    هاري كين: أشعر أنني في حالة جيدة قبل مباراة المئوية    قرار مهم من وزير الزراعة بشأن أسر العمال الزراعيين ضحايا حادث البحيرة(تفاصيل)    أبو اليزيد سلامة لقناة الناس: الكذب ليس فيه ألوان والصدق ينجى يوم القيامة    المغرب: ارتفاع ضحايا الأمطار إلى 18 وفاة وفقدان 4 وانهيار 56 مسكناً    هيئة الدواء تعلن ضخ كميات إضافية من الأدوية بالأسواق.. تفاصيل    تعرف على توصيات منتدى الإعلام الرياضى فى دورته الأولى    أرقام قمصان لاعبي الأهلي الجدد.. يوسف أيمن برقم متولي والساعي ب 23    رمضان عبد المعز: الصلاة تمحو الذنوب وتخفف الأعباء عن المؤمنين.. فيديو    بالصور.. جمعية الأورمان توزع مساعدات وإعانات مالية ل 500 أسرة من السيدات الأرامل والأيتام بأسوان    وزير الثقافة يكرم نائب رئيس جامعة القاهرة لحصوله على جائزة الدولة 2023    "الشوبكي": المخاطر الجيوسياسية لا تؤثر على إمدادات النفط للعالم    عباس شومان يشارك بالمائدة المستديرة عن حقوق المرأة المنظمة من صندوق الأمم المتحدة    أمام مؤتمر دولي في المملكة المتحدة.. مستشفى حروق أهل مصر يعرض تجربته في علاج 3 آلاف مصاب بالمجان    «القاهرة الإخبارية»: حريق داخل قاعدة عسكرية في مستوطنات الجليل الغربي    والدة عريس كفر الدوار تدافع: "جهز لها أحلى شقة وقدم شبكة ب30 ألف جنيه"    محمود محيي الدين: علينا أن نتفاخر بالإنسان المصري أكثر من تشييد الهرم الأكبر في 20 عاما    وزير الداخلية يودع نظيره السعودي بمطار القاهرة    «المشاط»: ضرورة الاستفادة من إمكانيات «التخطيط القومي» لتعزيز فاعلية خطط التنمية    الحبس سنة مع الشغل لسيدة اعتدت على زوجها بسكين بمدينة نصر    وزير الري: التصرفات الإثيوبية الأحادية تتسبب تخبط منظومة إدارة مياه نهر النيل    وزير الزراعة ومحافظ الدقهلية يتفقدا محطة السلام للإنتاج الداجني    مرشح حركة حمس الجزائرية: لا نعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية    بنك مصر يتيح استبدال العملة الأجنبية حتى 5000 دولار ويرفع حدود استخدام بطاقات الائتمان    المشدد 5 سنوات لمتهمين و7 سنوات غيابيا لآخرين لشروعهم في سرقة ماشية من حظيرة بطوخ    مباراة مصر وبوتسوانا تحت التهديد.. الطائرة الخاصة لمنتخب بوتسوانا لم تعُد بعد    مصرع شخص خلال عبوره الطريق فى الدقهلية    محافظ الأقصر يعلن عن ملتقى توظيف يوفر 2000 فرصة عمل بمكتبة مصر العامة    «التعليم» تصدر كتابًا دوريًا لتنظيم إجراءات صرف المقابل المادي لمعلمي الحصة    السفير الروسى فى برلين: موسكو لم تتلق معلومات موثوقة بشأن تفجير نورد ستريم    «القاهرة الإخبارية»: انفجار مُسيّرة في مبنى بمستوطنة نهاريا شمالي إسرائيل    حياة كريمة.. الرأى العام.. الدعم الرئاسي المتواصل    انتخابات أمريكا 2024| ضحكة هاريس بين سخرية ترامب وانتقادات روسيا    برج الدلو.. حظك اليوم الإثنين 9 سبتمبر: قلل التوتر    الكنترول يجهز نتيجة الثانوية العامة دور ثان استعدادا لاعتمادها قريبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحزاب الشاى والقهوة.. والشيشة
نشر في المصري اليوم يوم 16 - 11 - 2010

انتخابات مجلس الشعب، ومفارقاتها، وألغازها، وغرائبها، وطرائفها، هى- بطبيعة الأمور- موضوع الساعة.
لكن لأن الخوض فى سيرة مجلس الشعب وانتخاباته سيكون مفسداً- على الأرجح- لفرحة العيد فقد رأينا مراعاة لشعور المصريين- مسلمين ومسيحيين- الحديث عن انتخابات برلمانية أخرى جرت فى النصف الآخر من الكرة الأرضية، فى بداية هذا الشهر، حيث اكتملت انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى بمجلسيه، ونتائج هذه الانتخابات معروفة. لكن من الأمور التى لفتت النظر فيها بزوغ نجم «حزب الشاى».. ثم ظهور منافس جديد له هو «حزب القهوة». وفى بداية الأمر تصور البعض أن المسألة مجرد دعابة. لكن سرعان ما تبين أن الموضوع بالغ الجدية.
ذلك أن «حزب الشاى» ليس وليد انتخابات الكونجرس الأخيرة، بل إنه ظهر على الساحة الأمريكية منذ عدة سنوات، ونجح فى استقطاب تأييد ملايين الأمريكيين، لكنه خطف الأضواء فى أعقاب الأزمة المالية والاقتصادية الأمريكية، والعالمية، الأخيرة فى أواخر عام 2008، والتى لم تجد الإدارة الأمريكية طريقاً للخروج منها سوى التدخل الحكومى فى الاقتصاد والدعم المباشر لعدد كبير من الشركات والبنوك المهددة بالإفلاس.
ويتلخص برنامج «حزب الشاى»- أيديولوجيا- فى رفض تدخل الحكومة الفيدرالية فى إدارة الاقتصاد والنظام المالى والرعاية الصحية والتعليم، وكذلك رفض التدخل العسكرى الأمريكى فى الخارج بحجة الدفاع المزعوم عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ويعتبر البروفيسور ريتشارد آرمى، الأكاديمى السابق، زعيم الأغلبية «الجمهورية» فى مجلس النواب عام 2002، هو فيلسوف حزب الشاى وأحد كبار مؤسسيه. ورغم أن البعض يعتبره الجناح الأكثر يمينية من الحزب الجمهورى، فإن حزب الشاى- فى رأى الكثيرين- ليس حزباً بالمعنى الحرفى بل هو مظلة لمنظمات وجماعات متنوعة، وأنه تطور جديد لحركة أمريكية قديمة كان فيلسوفها وليام باكلى، رئيس تحرير مجلة «ناشيونال ريفيو»، الذى وصفه المؤرخ الأمريكى جورج ناش بأنه «أهم مثقف فى الولايات المتحدة خلال النصف الثانى من القرن العشرين» و«روح الفكر الأمريكى المحافظ».
أما الملهم السياسى لهذه الحركة الأكثر يمينية فهو الرئيس الراحل رونالد ريجان، ورغم أن الاثنين لم يستخدما اسم «حزب الشاى» فإنهما يعتبران من الآباء الروحيين له.
أما سبب تسميته الطريفة «حزب الشاى» فيعود إلى يوم 16 ديسمبر 1773، قبل ثلاث سنوات من استقلال الولايات المتحدة، وفى ميناء بوسطن، حيث هجم مئات الأمريكيين على ثلاث سفن بريطانية تحمل صناديق الشاى القادمة من الهند، وقاموا بإلقاء أكياس الشاى فى البحر. وقد اندلعت «ثورة شاى بوسطن» فى أعقاب اجتماع فى مكان قريب حضره آلاف الأمريكيين خطب فيهم صمويل آدامز «مهيج الثورة الأمريكية» وأحد «الآباء المؤسسين»، والذى قال فى خطابه: «نحن نواجه ثلاثة أنواع من الاستعمار: البريطانيين، والشاى البريطانى، وضريبة الشاى التى يجبروننا على دفعها»، حيث كانت المستعمرات- ومنها الولايات المتحدة فى ذلك الحين- تدفع ضريبة للحكومة البريطانية بمعدل ثلاثة شلنات وستة بنسات لرطل الشاى. وكانت «ثورة الشاى» هى الشرارة الأولى التى قادت إلى استقلال أمريكا.
وظلت «ثورة الشاى» بعد الاستقلال حدثاً ملهماً فى التاريخ الأمريكى. لكنها استعادت بريقها بعد فوز الرئيس أوباما، وبدأ الجناح المحافظ فى الحزب الجمهورى يستخدم مصطلح «ثورة الشاى» فى معرض معارضته سياسة الضرائب العالية التى وضعها أوباما. وكان هذا الاستدعاء الجديد للاسم القديم يستهدف ربط معارضة الضرائب المرتفعة بالتاريخ الأمريكى، وإثارة عواطف الناس، وإعطاءهم رمزاً يلتفون حوله فكان «حزب الشاى».
ولأن كل فعل له رد فعل فقد أثارت تحركات الجناح الأكثر يمينية فى «الجمهوريين»، ممثلة فى «حزب الشاى»، الذى تأسس فى ولايات الجنوب المحافظة، حفيظة التيارات الأكثر اعتدالاً فى «الديمقراطيين»، فظهر «حزب القهوة» فى هوليوود، بؤرة الليبرالية فى أمريكا. وتأسس هذا الحزب على أيدى أبناء الجيل الثانى من المهاجرين من آسيا وأفريقيا، من الليبراليين والتقدميين. وتبنى أيديولوجية مناقضة لتلك التى يتبناها «حزب الشاى»، وسرعان ما وصل عدد أعضائه على الإنترنت إلى أكثر من ربع مليون شخص .
ورغم أن الكثيرين لم يروا فى «حزب الشاى» و«حزب القهوة» غير جانب الطرافة- فى الاسم- أساساً، فإن البعض- ونحن منهم- يرى أن الأمر له أبعاد أكثر جدية.
من ذلك أن «الشاى» و»القهوة». بنكهتيهما- ليسا حزبين بالمعنى الحرفى والتقليدى، وإنما هما ابنان لثورة المعلومات ويدينان بوجودهما ل«الفيس بوك» و«تويتر» أساساً.
وهما ثانيا يعبران عن أزمة الحياة السياسية الأمريكية «التقليدية»- فى عصر ثورة المعلومات تلك، وهى أزمة تحدث عنها الكاتب الأمريكى المعروف توماس فريدمان بقوله «إن أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة باتت تشهد شعورا بالامتعاض تجاه سياسات واشنطن ونظام الثنائية الحزبية»، مضيفاً أنه «يتوقع صعود حزب ثالث فى أمريكا يقدم مرشحا يتنافس مع مرشح كل من الحزب الديمقراطى والحزب الجمهورى فى انتخابات 2012» لأن «نظام الحزبية الثنائية فى الولايات المتحدة هو نظام متحجر غير متكامل وعديم الإبداع وتنقصه الشجاعة وعاجز عن مقاومة ومعالجة المشاكل التى تعانيها أمريكا»، ولذلك تنشأ الحاجة إلى «حزب ثالث قوى يكون من شأنه كسر الاحتكار الحزبى الحالى وتحدى الحزبين الحاليين عبر القيام بإجراء إصلاحات اقتصادية وتعليمية وإصلاحات فى شتى مناحى الحياة.. ويمكن للحزب الجديد أن ينظر فى عيون الأمريكيين ويقول لهم إن الحزبين الحاليين يكذبان عليكم ولا يستطيعان قول الحقيقة، لأن كليهما غارق فى مصالحه الخاصة منذ عقود».
***
وبالطبع فإن بزوغ «حزب الشاى»، وفى أعقابه «حزب القهوة»، جاء بهذه السلاسة، لأن الأمر لم يكن يشترط الحصول على تصريح من لجنة شؤون الأحزاب الأمريكية، لأن مثل هذه اللجنة ليس لها وجود أصلاً، ويستطيع أى شخص أن ينشئ حزبه دون إذن، بمن فى ذلك الشيوعيون فى قلب معقل الرأسمالية.
والأمر الثانى اللافت للنظر أن المال الذى هو العقبة الثانية- بعد عقبة الرخصة السياسية- لم يعد حائلاً خطيراً لظهور حركات حزبية جديدة فى بلدان رأسمالية. والفضل فى ذلك يرجع إلى ثورة الإنترنت. كما أن نفس هذه «الثورة المعلوماتية» فتحت آفاقاً جديدة لتخطى عقبة المال السياسى فى الانتخابات. وهو ما عبرت عنه أنابيل بارك، إحدى أهم زعماء حزب القهوة، بقولها إنه قد آن الآوان لإصلاح شامل للنظام الانتخابى لأن «الطريقة التى تمول بها الانتخابات حاليا تتيح تعرض رجال السياسة للرشوة لأنهم بحاجة إلى ملايين الدولارات من أجل حملاتهم». ورغم أن الطريق إلى ذلك الإصلاح يبدو بعيد المنال الآن فإن بشائر «الديمقراطية الرقمية» أصبحت تلوح فى الأفق.
والأمر الثالث .. هو أنه إذا كان نظام الحزبين فى الديمقراطية الأمريكية ليس فوق مستوى النقد - فما بالك بنظام الحزب الواحد الذى يهيمن على الحياة السياسية المصرية من الناحية الفعلية، وإذا كانوا يسعون فى أمريكا لتطوير وتصحيح حياتهم السياسية- بما فى ذلك النظام الانتخابى نفسه ومحاولة الاستفادة من التجربة الهندية- فلماذا يرى البعض لدينا أن الحديث عن أى إصلاح هرطقة وجحود.. وأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان؟!
الأمر الرابع: يبدو أن اللواء عادل لبيب، محافظ الإسكندرية، كان بعيد النظر، واستطاع بحسه الأمنى كضابط مباحث أمن دولة سابق أن يفهم خطورة عدوى «حزب الشاى» و«حزب القهوة».. فقام باتخاذ إجراءاته الصارمة الأخيرة وقام بضربته الاستباقية ومنع الشيشة من الأساس، تحسبا لظهور «حزب الشيشة» فى مصر، مثلما ظهر حزبا الشاى والقهوة فى أمريكا.
وكل عام والمصريون بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.