وافقت الحكومة السورية لأحد المواطنين دون إعلان ، بافتتاح كازينو للقمار في فندق مطار دمشق الدولي، وهذه سابقة دون شك، لأنها أول مرة في تاريخ سورية يسمح بافتتاح مقر مرخص للعب القمار، ومجهز بما يلزم من آلات ومعدات لممارسة اللعب. أثار بعض أعضاء مجلس الشعب (الإسلاميين) الموضوع في آخر جلسات المجلس، ووجهوا أسئلة لرئيس الحكومة، وطالبوا ببيان حقيقة الأمر الذي لم يعلن أبداً، وأسباب منح مثل هذه الرخصة ومبرراتها، ومدي استفادة الاقتصاد الوطني من إقامة هذا (الكازينو). يري أنصار (الكازينو) أنه سيكون موقعاً سياحياً مهماً وجاذباً للممولين الخليجيين الذين يرغبون بممارسة القمار ، ويتوجهون الآن إلي (كازينو) لبنان، في الوقت الذي يمكنه أن يجذب الأغنياء الجدد السوريين الذين يمارسون هواياتهم الآن في (كازينو) لبنان أيضاً، ويرون أهمية كبري لجذب هؤلاء وإيجاد الفرصة المناسبة ليصرفوا أموالهم في (كازينو) دمشق أي في بلدهم ، بدلاً من تبديدها هناك. وقد نوه أحد أنصار الكازينو وأتباع السلطة بسبب طريف جداً ينبئ عن خواء بعض أطراف السلطة وأنصارها وسطحيتهم وجهلهم حيث قال هذا البعض إن فتح (الكازينو) هو عمل من ضمن أصول الممارسات العلمانية وينسجم مع النظام العلماني، وكان جاداً بقوله هذا ومؤمناً به وربما كان فخوراً باكتشافه ، وكأن من العلمانية لعب القمار والميسر والاستهانة بالقيم والتقاليد الوطنية والأخلاقية، وعلي أي حال كان جواب رئيس الحكومة لأعضاء مجلس الشعب غامضاً ومتلجلجاً وغير مفهوم، فلم يعترف صراحة ( أن الكازينو يعمل فعلاً) ولم ينكر صراحة، لأن الإنكار يلزمه إغلاق (الكازينو) إن وجد وهو موجود، وبقي الأمر معلقاً، ولعل ذلك لعدم رغبة المحتجين بالمتابعة، أو لخوفهم من العقاب. وفي الموضوع نفسه تنبغي الإشارة إلي أمرين: الأول أنه تمت محاولة في سبعينيات القرن الماضي لفتح (كازينو) للقمار في دمشق، لاقت رفضاً مطلقاً من رئيس الوزراء في ذلك الوقت وصل إلي درجة التهديد بالاستقالة، ثم طوي الأمر ،بسبب ذلك ، إلي أن ظهر مجدداً هذه الأيام. والثاني: هو أن الأغنياء الجدد، الذين اغتنوا جراء الفساد والنهب والسرقة والصفقات غير الشرعية ، أخذوا يبحثون عن وسائل متعة غريبة عن تقاليد الشعب السوري من جهة، وتضاعفت جرأتهم حتي وصلت إلي تجاهل هذه التقاليد، في الوقت الذي يبدو أن نفوذهم بلغ أشده من خلال إجبار الحكومة علي منح مثل هذا الترخيص، وارتكاب هذا الخطأ الفاحش، خاصة أن الشعب السوري يئن تحت الضائقة الاقتصادية التي تسحقه ، ولايحتاج بالتأكيد إلي افتتاح (كازينو) للقمار لتحسين اقتصاده وحل مشاكله، وندرة دول العالم التي افتتحت مثل هذا الكازينو، وحتي في الولاياتالمتحدة لايوجد سوي ولايتين فقط سمحتا بإقامته. يبدو أن الجرأة علي الناس وتقاليدهم ، وتجاهل مطالبهم، وإهمال حقوقهم واستفزازهم، بلغت مبلغها في سورية سواء من قبل الحكومة أم من قبل أغنياء الصفقات والأغنياء الجدد، الذين يبحثون عن اللهو بعد أن أتخموا بالغني.