،فيما عرف» بالشراكة مع الشرق « ؟؟!! . أشرت في عدد الأهالي الماضي المحددات الجغرافية والسياسية والاقتصادية لقلب العالم «أوراسيا « ساحة الصراع للتحالف الأمريكي الأوربي لحصار روسيا من هنا أتت قمة «الشراكة الأوربية مع الشرق « والتي عقدت بالعاصمة الليتوانية «فيلينوس « – العضو بالاتحاد الأوربي والرئيس الدوري له ،يومي 28 ،29 نوفمبر الماضيين بحضور زعماء الدول الأوربية والرئيس الأوكراني «فيكتور يانكوفيتش « ورؤساء ملدوفيا وجورجيا وممثلين عن باقي الدول المدعوة :روسيا البيضاء ،كازاخستان وأرمينيا .بهدف توقيع اتفاقيات الشراكة مع بروكسيل ،كمقدمة للحصول في المستقبل البعيد بعد لجان التفتيش وتقارير بروكسيل علي صفة «دول مرشحة «لعضوية الاتحاد الأوربي ،هذه الاتفاقيات تتضمن روشتات اقتصادية وسياسية واجتماعية بل وقضائية علي النموذج النيوليبرالي الرأسمالي .!حقيقة الأمر وخفاياه يتمثل في صراع محتدم بين تحالف أمريكي أوربي متمثل بالاتحاد الأوربي ونوايا حلف الناتو ،وبين تحالف تقوده موسكو فيما عرف «بالاتحاد الأوراسي «. * الاتحاد الأوراسي تأسس «الاتحاد الجمركي « بمبادرة روسية عام 2010 ،وضم في صفوفه روسيا البيضاء ،وكازخستان ،وانضمت إليه لاحقا أرمينيا في سبتمبر العام الجاري 2013 ،وشهدت قمة «مينسك» في شهر أكتوبر من العام الجاري 2013 تطويرا لذلك الاتجاد ،باعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تدشين «الاتحاد الأوراسي « واعلانه رسميا عام 2015 لجمع شمل جميع دول الاتحاد السوفيتي السابقة والأخري التي كانت أعضاء بحلف وارسو ،كمثال بلغارياورومانيا – برغم عضويتهما الحالية بالاتحاد الأوربي – ،وذلك بهدف تحقيق التعاون السياسي والاقتصادي ،العسكري والأمني في مواجهة المخططات الأمريكية الأوربية . وقد حقق الاتحاد عائدات تجارية بشهر أكتوبر الماضي بلغت 604 مليارات دولارا، مما يعد رقما قياسيا علي خلفية أزمات كبري مالية واقتصادية في دول الاتحاد الأوربي ،وشهدت قمة «مينيسك « تشكيل مجموعة عمل دائمة لضم باقي دول الشرق الأوربي ،الا أن أوكرانيا طلبت التمهل في الانضمام وتوقيع مذكرة تفاهم ثنائية تقضي بتسهيلات جمركية وتجارية ضمن شراكة مع الاتحاد الجمركي ،وعللت أوكرانيا طلبها بضرورة اجراء تعديلات دستورية عبر استفتاء شعبي ،وهو مالا تسمح الظروف السياسية به نتيجة الصراع الدائر بين حزب الأقاليم الحاكم والبرتقاليين المدعومين من واشنطنوبروكسيل والتخوف من اتجاهات الرأي العام علي وقع انتخابات الرئاسة الأوكرانية أوائل عام 2015. * انهيار أحلام بروكسل قبل انعقاد قمة «فيلينوس «بأيام معدودة وبعد زيارتين سريتين للرئيس الأوكراني «واجتماعاته مع «بوتين « أعلن «يانكوفيتش « عن تأجيل توقيع اتفاقيات الشراكة بين كييف وبروكسيل لأسباب تتعلق بالأمن القومي ،وبشرط أساسي يكمن في توقيع اطار اتفاق ثلاثي أوكراني روسي أوربي ملزم ،لا يضر بالمصالح الأوكرانية الروسية المتشعبة.وعلي اثر ذلك خروج البرتقاليون بمظاهراتهم للشوارع بالعاصمة كييف بدعم ملحوظ ومساندة اعلامية أمريكية أوربية تارة بالسخط والوعيد ليانكوفيتش وبوتين وأخري بسياسات العصا والجزرة لكييف ،وبدأت ماكينة الاعلام الغربي في الحديث عن ثورة برتقالية جديدة ؟! .المشهد يبدو أكثر تعقيدا علي خلفية ،أن نسبة 80 %من الصادرات الأوكرانية تمر عبر الأراضي الروسية ،وربع الواردات عبرها .فضلا عن تمركز الصناعات الروسية الحساسة بمجال الطيران والفضاء علي الأراضي الأوكرانية ،والأهم الاعتماد الأوكراني الكامل علي الغاز الروسي ،وكذلك العديد من الدول الأوربية عليه عبر أنانبيب الغاز المار بالأراضي الأوكرانية ،عدا الديون الأوكرانية لموسكو والبالغة 13 مليار دولار .! لكن ابتزاز وضغوط «صندوق النقد الدولي « علي كييف بدا واضحا في تصريحات رئيس الوزراء الأوكراني نيكولا مزراف ،حيال طلب كييف قرضا من الصندوق ،.فالصندوق ربط ذلك بشروط تعجيزية أبرزها رفع أسعار الوقود للاستهلاك المحلي بنسبة 40 % وتجميد رواتب موظفي القطاع وأصحاب المعاشات ،مع اتباع سياسات للتقشف في مجالات الانفاق الحكومي لخفض العجز في الموازنة الحكومية ،وهو مارفضته كييف لعواقبه الاجتماعية الوخيمة . * لحين ميسرة أختتمت أعمال القمة بدون نتائج جادة وملموسة ،سوي باعلان اتفاق مبدئى للشراكة بين بروكسيل وكل من جورجيا وملدوفيا وعزوف باقي الدول الست الشرقية عن التوقيع للشراكة مع بروكسيل ،وسيدخل حيز التنفيذ العملي للاتفاق مع كل من جورجيا وملدوفيا خريف العام القادم ،بالطبع لتنفيذ روشتات بروكسيل في كل المجالات السياسية ،الاقتصادية ،الاجتماعية والقانونية والقضائية بل والأمنية في انتظار الحصول علي صفة «دول مرشحة «لعضوية الاتحاد الأوربي في مستقبل قد يستغرق عشرات السنوات !!واكتفي قادة الاتحاد الأوربي باعلان استمرارية فتح الباب لأوكرانيا وتحديد مارس 2014 كقمة أوربية أوكرانية للتباحث من جديد !ومن جديد رفض قادة بروكسيل الشرط الأوكراني الروسي ،في لهجة مشددة حيال كييف وموسكو .الا أن «يانكوفيتش « رد بمناورة تهدف داخليا لدحر البرتقاليين وحلفائهم من الغرب وواشنطن ،وخارجيا لارسال رسالة ضمنية لموسكو ،عبر طلب بلاده حزمة مساعدات مالية واقتصادية أوربية وابقاء الخيار علي الانضمام لأوربا .!وتبدو سياسة العصا والجزرة لبروكسيل حيال كييف في اعلان رئيس المفوضية الأوربية باروزو عن أن كييف ستحصل حيال توقيعها اتفاق الشراكة في العام الأول منه علي نصف مليار يورو علي شكل اعفاءات جمركية ،تهدف لانعاش ونمو الناتج المحلي ،وأخري في السماح للمواطنين الأوكرانيين بدخول أراضي دول أوربا بدون تأشيرة والانضمام لمنطقة شنجن ،وهو ما لم تره بعد، لا رومانيا ولا بلغاريا الأعضاء بالاتحاد منذ عام 2007 !!.يبدو في نهاية الأمر بأن القيادة الأوكرانية قد وضعت حساباتها بشكل واقعي وتعي جيدا تبعات تنفيذ روشتات بروكسيل ،والتي ستنعكس بالقطع علي الأوضاع المعيشية ،كما سبق نتيجة حكم البرتقاليين عام 2005 . وحيث يعاني الاقتصاد الأوكراني من عجز مستمر في الموازنة العامة لنسبة 8 % وديون خارجية بلغت 130 % من اجمالي الناتج القومي العام ..اذن كلها أسباب مجتمعة للرفض الأوكراني وبقاء الشراكة مع موسكو والاتحاد الجمركي ،غير أن ما استفز «يانكوفيتش « وحزبه الحاكم أسلوب ابتزاز بروكسيل في اجراءات اصلاحات قضائية ،تتيح للافراج عن «يوليا تيميشنكو « القابعة بالسجن منذ عام 2011 بحكم 7 سنوات بتهمة الفساد وسوء استخدام السلطة والكسب من وراء عقود الغاز مع موسكو عام 2009 !. خلاصة القول:تبخرت أحلام بروكسيلوواشنطن علي البوابات الروسية ،وأوضح بوتين ،بأن أي عمليات تقارب وشراكة مع دول الشرق المتاخمة لن تمر الا من خلالها ..ويتبقي لبروكسيل شحن ودعم مظاهرات البرتقاليين الي حين ميسرة ؟؟!!