من الطبيعي أن يعصف ببلغاريا تطورات المشهد السوري ،وعلي وقع عدوان أمريكي محتمل ،فبلغاريا والتي كانت حتي الماضي القريب في علاقات مزدهرة سياسيا واقتصاديا وعسكريا مع سوريا ابان النظام الشيوعي البلغاري،بل مازالت بقايا تلك العلاقات بجوهورها في التمازج بزواج مختلط وخبراء بلغار في مجالات البنية التحتية مازالوا مقيمين علي الأراضي السورية . وتشهد الكثير من مشروعات البنية التحتية السورية مشاركة الشركات البلغارية . من هنا كانت نوعية وكم الخلافات السياسية بين بلغاريا الجديدة في عصر الانفتاح عام 1990 النخبة الجديدة وسوريا القرن الواحد والعشرين وتفاعلات حقبة ما بعد الحرب الباردة والشرطي الدولي الأمريكي! من هنا تبدو المفارقة التاريخية، فنخبة الانفتاح البلغاري سعت لضم البلاد لعضوية الناتو عام 2003 ،ومن ثم عضوية الاتحاد الأوربي عام 2007 ،دونما علي الأقل التوجه للشعب باستفتاء – وفق ما تقتضيه قواعد الديمقراطية الغربية – للاستفسار عن رأيه ؟؟!! علي كل أدت تداعيات المشهد السوري الي المزيد من الاستقطاب علي الساحة البلغارية الرسمية والشعبية ،وعلي خلفية أزمة سياسية واقتصادية طاحنة ،في خضم تدفق أعداد اللاجئين السوريين للحدود البلغارية – الذين وصل عددهم لأكثر من 2300 ،علي ضوء الامكانيات البلغارية المتواضعة _ وهذا العدد في ازدياد يومي علي الحدود التركية البلغارية .. فمغامرة اردوغان العثماني وحزبه الحاكم بالتدخل المباشر في الشئون الداخلية السورية ،دفع العديد من الساسة والاعلاميين البلغار العقلاء للتفكير علي قاعدة المصالح الوطنية البلغارية ،علي خلفية ماعانته بلغاريا من احتلال عثماني بلغ 5 قرون وتداعياته المؤثرة والكراهية الشعبية المحاطة به ،حتي برغم وجود أقلية مسلمة من ذات أصول تركية مسلمة ومواطنين بلغار اعتنقوا الدين الاسلامي توارثا تصل الي مليون ونصف مليون نسمة من اجمالي السكان البالغ عددهم 7,5 مليون نسمة . من هنا تأتي أهمية هذه العوامل مجتمعة في تشكيل وصنع القرار السياسي البلغاري والذي هو بالطبع ليس بعيدا عن مجمل تلك العوامل المشار لها. الموقف الرسمي اجماليا كان الموقف الرسمي البلغاري (بزعامة الاشتراكيين الديمقراطيين البلغار-وريثي الحزب الشيوعي البلغاري- في الحزب الاشتراكي البلغاري الذين يتولي رئيسهم "سيرجي ستانيشيف " رئاسة الأممية الاشتراكية الديمقراطية الأوربية ) متوازنا ووسطيا ،علي قاعدة المصالح الوطنية البلغارية وعلاقات بلغاريا في الماضي القريب مع دول الشرق الأوسط ومن ضمنها مصر ،بل لم يتعرض مجلس الأمن القومي البلغاري في اجتماعه يوم الجمعة لمناقشة الاشتراك العسكري البلغاري ضمن عملية عسكرية محتملة ضد سوريا، ،برغم الاتفاقيات البلغارية – الأمريكية علي خلفية منح بلغاريا واشنطن 3 قواعد بلغارية عسكرية ،بحرية وبرية وعسكرية بل اكتفي بالاشارة بعدم توجيه اشتراك له – برغم مشاركة بلغاريا ضمن تحالف الراغبين في الغزو علي العراق عام 2003 -. وتمثل الموقف في الدعوة للحل السياسي وبالانتظار لتقارير المندوبين الدوليين عن حادثة الكيماوي المزعومة !!بل تركز اجمالي موقف مجلس الأمن القومي البلغاري يوم الجمعة الماضية علي معالجة ظاهرة استيعاب تدفق أعداد اللاجئين السوريين وتبعاتها الأمنية فيما يختص بعناصر جهادية وكذلك تكلفتها الاقتصادية في اطارخطة تحتوي علي 11 اجراء ملزما للوزارات المعنية عبر تشكيل لجنة دائمة برئاسة وزير الداخلية وباشتراك مسئولين لأجهزة المخابرات وحرس الحدود في اطار التعاون مع الأجهزة المناظرة لها بكل من تركيا واليونان الحدود الخارجية للاتحاد الأوربي ،مع التأكيد علي أن صوفيا لم تتم دعوتها للمشاركة العسكرية ولم تقرر بعد وستنظر لاحقا في ذلك . وكانت الطامة في موقف الرئيس اليميني لليمين والمثارة حوله الكثير من فضائح وتساؤلات "روسن بلافنلييف " الذي أفاد عن بضرورة تنفيذ بلغاريا لتعهداتها ضمن عضويتها بالناتو وبالاتحاد الأوربي ،ضاربا عرض الحائط بالمصالح الوطنية البلغارية وعلاقاتها التقليدية مع العالم العربي علي وقع التوقيعات الشعبية المطالبة بعزله والمظاهرات اليومية أمام نوافذ مبني رئاسته لانحيازه وتخليه عن مبدأ رئاسته كموحد لكل البلغار وفقا لما يمليه دستور البلاد.