«تعال وكلمني تعال، ولا يهم من أنت ولا إلي أي طريق تنتمي تعال، حتي لو كنت أخللت بالتزامك وتعهدك ألف مرة تعال لنتكلم عن الله». هكذا سطر مولانا جلال الدين الرومي، الأديب والفقيه الصوفي، وكان جلال الدين الرومي يدعو إلي التعليل الإيجابي والخير والإحسان وإدراك الأمور عن طريق المحبة وككل الصوفيين آمن الرومي بالتوحد مع حبه أي الله هذا الحب الذي يبتعد عن الإنسان والإنسان في مهمة إيجاده والعودة إليه وصنع الرومي أفكاره ومبادئه في كتاب أسماه «المثنوي» والذي استعمل فيه حياكته خيوط من قصص يومية وإرشادات قرآنية وحكمة، الأهم أن الرومي آمن بالموسيقي والشعر والرقص كسبيل أكيد للوصول إلي الله. فالموسيقي الروحية بالنسبة له تساعد المريد علي التركيز علي الله بقوة لدرجة أن المريد يغني ثم يعود إلي الواقع بشكل مختلف ومن هذا المنطق تطورت فكرة الرقص الدائري الذي وصلت إلي درجة الطقوس وقد شجع الرومي علي الإصغاء للموسيقي فيما سماه «سمع» فيما يقوم الشخص بالدوران حول الكمال والرحلة تبدأ بالدوران التي تكبر المحبة في الإنسان فتخفت أنانيته ليجد الحق الطريق للوصول إلي الكمال وحين يعود المريد إلي الواقع يعود بنضوج أكبر وممتلئ بالمحبة ليكون خادما لغيره من البشر دون تمييز أو مصلحة ذاتية. بعد وفاة «الرومي» تحولت تعاليمه إلي ما عرف «بالطريق المولوية» وانتشرت في مختلف أنحاء العالم.. ومن أقوال جلال الدين الرومي: «اخرج من دائرة الزمن لتدخل إلي دائرة الحب»، و«ضعت قلبي علي طريق الآلام وحررت وثاقه أتنسم منك خبرا.. واليوم جائني عطرك مع الريح فأعطيت قلبي للريح بشارة». تصنف أعمال الرومي إلي عدة تصنيفات وهي: الرباعيات، ديوان الغزل، مجلدات المثنوي الستة.. المجالس السبعة ورسائل المنبر. دائما ما يجد الكثيرون في كلمات «جلال الدين الرومي» مغزي خاص من كلماته، ولهذا يتم استخدام تلك الكلمات في كثير من الأحيان علي اعتبار أنها حكم رائعة للتعامل مع الله والحياة ولتأمل الكون.. من هذه الكلمات يقول ابن الرومي في وصفه للقلب كما يفترض أن يكون: وليكن قلبك نقيا تماما كما المرآة تلك المرآة التي لا تحوي صورة ولا حياة أفلا تريد قلبك نقيا صافيا مثلها؟ إذن فلتمح وجودك ولتبصر الحق المبين منعكسا في تلك المرآة إن كان المعدن يمكن أن يصقل ويجلي حتي يصبح في صفاء المرآة.. أفلا تجلي مرآتك أنت؟ ولتعلم أن بين قلبك والمرآة فرق واحد لا غير أن القلب خاف للأسرار.. بينما المرآة ليست كذلك! ومن نثريات جلال الدين الرومي والتي قد تكون مناسبة لما نمر به الآن حديثه عن الشريعة حينما قال: «إن الشريعة كالشمعة توفر لنا نورا لا يقدر بثمن لكن يجب ألا ننسي أن الشمعة تساعدنا علي الانتقال من مكان إلي آخر في الظلام وإذا نسينا إلي أين نحن ذاهبون وركزنا علي الشمعة فما النفع في ذلك؟».