مجلس الشوري الذي ظل لسنوات كثيرة مجرد “ديكور” لتجميل وجه مبارك ومن قبله السادات تحول بعد ثورة يناير إلي أزمة سياسية وجزء كبير من الصراع الدائر بين القوي السياسية الرافضة لحكم جماعة الإخوان المسلمين الساعية إلي الانقضاض علي السلطة، والانفراد بها لتصنع من جديد نظاما ديكتاتوريا أكثر استبدادا من نظام مبارك، اصبح المجلس أداة الإخوان التشريعية لسن قوانين غير دستورية مسلوقة علي هواهم لتنفيذ مخططاتهم في السيطرة علي مؤسسات الدولة. رغم احجام المواطنين عن انتخاب نوابه اعترافا منهم بانعدام قيمته وفاعليته السياسية. أقام العديد من النشطاء والمحامين دعاوي قضائية بحل مجلس الشوري او منعه من اصدار القوانين خلال المدة من 6 مارس 2013 وحتي بدء إجراءات انتخابات مجلس النواب مع ما يترتب علي ذلك من آثار، وقالت الدعاوي التي حصلت «الاهالي » علي نسخة من احداها إن سلطة التشريع الممنوحة استثناءً لمجلس الشوري بموجب المادة 230 من الدستور مرتبطة ومرهونة بالمادة 229، التي أوجبت أن تبدأ إجراءات انتخابات مجلس النواب خلال فترة زمنية محددة وهي ستون يوماً، وحيث إن هذا الظرف الزمني قد انتهي وأصبح من غير المعلوم تاريخ بداية ومواعيد انعقاد مجلس النواب، وبالتالي فقد انهار بنيان المادة 229 من الدستور بموجب حكم وقف الانتخابات وتحولت سلطة التشريع الممنوحة لمجلس الشوري من أمر استثنائي محدد المدة في ضوء المادة 229 من الدستور إلي أمر طبيعي غير محدد المدة. وذكرت الدعاوي أنه لا يوجد بالدستور نص ملزم يعالج عقبة وقف انتخابات النواب فأصبح إجراء انتخابات مجلس النواب تحت سيطرة مجلس الشوري، لأنه ليست هناك قوة أو مادة دستورية تجبر مجلس الشوري علي إنجاز قوانين انتخابات النواب ومباشرة الحقوق السياسية بصورة سليمة لا تعترض عليها المحكمة الدستورية العليا، فإذا أصدر مجلس الشوري عدة مرات قوانين معيبة لانتخابات النواب ومباشرة الحقوق السياسية فإن مجلس النواب لن يري النور وستظل البلاد دون مجلس نواب منتخب لأنه سيطعن علي هذه القوانين أو المحكمة الدستورية لن تقرها. وأشارت إلي أن رئيس مجلس الشوري لم يتخذ قراره بوقف إصدار أي تشريعات أو قوانين بخلاف قوانين تنظيم مباشرة الحقوق السياسية وانتخابات مجلس النواب وتقسيم الدوائر الانتخابية من تاريخ الحكم بوقف انتخابات النواب في 6 مارس 2013 فإنه يعد قراراً سلبياً يحق الطعن عليه أمام القضاء. هذا من ناحية الشكل اما من حيث المضمون ، فقد بدأت لجان المجلس في طبخ عدد من القوانين التي تلبي مصالح الجماعة خلال الآونة القادمة. وتواصل اللجنة حتي الان مناقشة القانون المقدم من جماعة الاخوان المسلمين حول الجمعيات الأهلية. في البداية، قالت اللجنة إن مشروع القانون مقدم منها، ولكن عند الموافقة المبدئية علي مشروع القانون يوم 24 مارس الماضي، تبين أن مشروع القانون مقدم من نواب جماعة الإخوان. وبرر عصام العريان، المتحدث باسم الأغلبية الإخوانية، أن الجماعة اضطرت للتقدم بمشروع القانون تحت مسمي أنه مشروع قانون اللجنة، وذلك لتقاعس الحكومة عن التقدم بمشروع قانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية، ورغم أن ممثل الحكومة هشام الشريف، قد رد علي العريان، قائلا إن «الحكومة تتمهل ولا تتعجل في صياغة مشروع القانون لأهميته، وأنها ستقدمه إلي المجلس في أسرع وقت، إلا أن اللجنة واصلت مناقشة مشروع القانون المقدم من الإخوان والذي يهدف بالأساس إلي سرعة السيطرة علي المجتمع المدني الذي يعارض الإخوان، وفي الوقت ذاته يضفي شرعية مزيفة علي الجماعة». وصفت منظمات حقوق الانسان وفي مقدمتها ” هيومان رايتس ووتش” مشروع القانون بأنه يتعامل مع الجمعيات الأهلية الأجنبية باعتبارها أدوات تجسس، وقالت هبة موريف، ممثلة المنظمة، إن القانون قمعي ومكبل للحريات وانتكاسة أكبر من القانون الحالي الصادر في عام 2002، علاوة علي أنه لا يتفق مع المعايير الدولية والتزامات مصر الدولية، وإنها تعتبر كل من يعمل في منظمة دولية داخل مصر علي أنه «مخبر»، وذلك من خلال إجبار المنظمات الدولية علي أن تسجل نفسها في هيئة الأمن القومي وهي جهاز مخابراتي. ورغم ذلك واصلت لجنة التنمية البشرية مناقشة قانون الجمعيات الأهلية وفي يوم الخميس الماضي شنت اللجنة هجوما علي السفارات الأجنبية، والأكثر من ذلك قامت بدعوة عبد الله الأشعل، الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان، والذي فاجأ الجميع بمطالبته بضرورة منع رجال الأعمال من إنشاء جمعيات أهلية. من ناحية اخري يعتزم نواب الاخوان التقدم بمشروع قانون آخر يضع المجلس القومي للمرأة تحت تبعية مجلس الشوري مثله مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان، وذلك من أجل سيطرة الجماعة علي المجتمع المدني بالكامل. كما يناقش المجلس حاليا مشروع قانون «الحق في التظاهر» والذي وافق عليه من حيث المبدأ، وذلك رغم العوار الدستوري والقانوني الذي يتضمنه ، وتقييده لحرية المواطنين في التظاهر والتعبير عن الرأي.