«نساء وخيول» الفنان التشكيلي حلمي التوني، تضيئ قاعة بيكاسو، في المعرض الذي افتتح يوم 29 مارس ويستمر حتي 12 أبريل، يتضمن عدة لوحات ذات أفكار رائعة وألوان مبهجة ورائعة أيضا، فنجد بعض اللوحات تضم نساء بأجنحة، وأحيانا حصان بأجنحة. جاء المعرض متوافقا مع حالة المرأة حاليا حيث تعاني من كبتاً وقهراً وخاصة بعد ثورة 25 يناير التي كان من أهم مطالبها، حرية للمرأة التي كبلتها القيود علي مدي سنوات طويلة من عمرها، فنجد مثلا من ضمن اللوحات المرأة التي تقف علي رأسها عصفورة، تظل تنقرها بالأفكار وربما تحفزها علي الحركة والانطلاق، وأيضا نجد المرأة التي تحمل علي رأسها الحصان، وهي ترمز لمصر المحروسة والتي تمتلك الحرية، والمرأة التي تمسك بالسمكة أي أنها تقبض علي الرزق بيدها، ونجد أيضا المرأة التي تقف أمام الشباك والسمكة في يدها، وهي تتطلع للأفق أي أن الحياة أمامها واسعة إذا ما خرجت من الشباك الذي يمثل لها القيد. كانت هذه رؤية الفنانة التشكيلية «راندا إسماعيل» حول معرض الفنان حلمي التوني، وتختتم كلمتها بقولها: إن كل اللوحات يطل منها الأمل، وبها شبابيك مفتوحة وسماء زرقاء وكأنها تقول «بكرة أحلي». ومن خلال تأملي للوحات هذا المعرض الرائع، أري أن المرأة والحصان هما بطلتا هذا المعرض، فالفنان حلمي التوني يريد أن يغازل المرأة ويناشدها، أن تخرج من عزلتها ومن الكبت الذي تعيش فيه، وخاصة بعد ثورة 25 يناير، والمحاولات التي حيكت من أجل تهميشها عندما انحرفت الثورة عن مسارها الطبيعي واغتصبتها أياد خبيثة، والحصان الذي لا تخلو معظم اللوحات من وجوده هي الوسيلة الحية والفعالة للانطلاق نحو طريق الحرية، وقد أحسن الفنان اختيار هذا الحيوان الأصيل الذي لعب أدوارا رائعة في تراثنا العربي ومازال يحتل مكانة مرموقة، وقد تناول المعرض المرأة في أوضاع عديدة فنجد المرأة العصرية، المرأة الملاك والتي لها أجنحة وهي وسيلتها في الانطلاق نحو آفاق الحرية الرحبة، كما نجد الحصان المجنح أي الذي يمتلك أجنحة مقاومة علي أن يشق طريق الفضاء، المرأة التي تجلس بجوار الحصان، في انتظار أن يحملها هذا الفارس لطريق الحرية، أيضا نجد المرأة الطفلة التي تقف بجوار حصانها الخشبي وهي غير قادرة علي أن تعتليه كما نجد المرأة البلياتشو، ربما ترمز لحال المرأة حاليا وكيف يتم اللهو بها أو العبث بها، نجد المرأة التي تتحسس جسد الحصان برفق وكأنما تراقصه حتي يسمع لها وينطلق بها، كما نجد المرأة الفرعونية، والتي يدخل الهدهد منقاره في فمها، ربما ترمز لهدهد سليمان، والملكة بلقيس، وهنا نجدها مع التراث، كما تلمح المرأة الشعبية التي تلف رأسها بمنديل مزخرف وهي تعبر عن بنت البلد الأصيلة، أيضا المرأة الريفية التي تحمل فوق رأسها البلاص، وترتدي ملابس عصرية أي أن الفنان جمع بين الأصالة والمعاصرة المرأة واليشمك، المرأة والملاءة اللف، المرأة الفنانة التي تعزف علي العود وهذا يدل علي أن المرأة تمتلك قدرات ومواهب تتفوق أحيانا علي الرجل. وقد نجح الفنان في التناسق بين الألوان التي ترسل أشعة ضوئية تبهر العيون، فالأحمر القاتم والرمادي القاتم المختلط بالرمادي الفاتح، مع لوحة المرأة التي تحمل حصانا فوق رأسها وهي رمز لمصر نجد الألوان الرائعة الأصفر الفاتح مع الأبيض، لون جسد المرأة مع البني الغامق مع بعض التوزيعات الخضراء، مع لوحة المرأة التي تحمل فوق رأسها عصفورا، يظل ينقرها نجد المساحة التي تحيط بالعصفورة ذات اللون الأحمر القاتم رمز السخونة، مع الأسود وهو لون شعر المرأة، وجسد المرأة الفيروزي مع ذيلها الأخضر القاتم. أي أن هناك تناسقا في الألوان المبهرة والمشعة والمعرض بالفعل يعد بانوراما حول المرأة علي مر العصور الماضي والحاضر والمستقبل، كما ترتكز اللوحات جميعها علي حرية المرأة التي يجب أن تتكاتف كل الجهود في أن تمنحها إياها، لتتمكن من إثبات وجودها في المجتمع، فهي بالفعل لم تعد نصف المجتمع ولكنها المجتمع كله رغم أنف الرافضين. وعلي هامش المعرض كانت هناك لوحتان الفنانة صغيرة تدعي سلمي حسين عبدالعليم، تبلغ من العمر العاشرة لوحة تعبر عن عصفورة هبطت لشاطئ البحر ثم أخذت سمكة وطارت بها في الفضاء، وهي أيضا ترمز للحرية، الألوان هادئة ومتناسقة لون البحر التركواز الهادئ ولون السماء الرمادي الفاتح والسحب المتناثرة هنا وهناك. واللوحة الثانية لحصان كبير يحمل حصانا صغيرا علي ظهره ثم يتجه بنحو السحاب، والألوان أيضا هادئة ومتناسقة لون السماء، السحب، الفضاء الواسع، إذن هي انطلاقة نحو الحرية وربما محاولة للهروب من الواقع المقهور.