بدلا من فتح النوافذ للحرية بعد خمسين عاما علي بدء الإرسال التليفزيوني ابرز علي الساحة مشروع قانون تنظيم البث الفضائي ومراقبة الإنترنت مما أثار فزعا وهلعا لدي الإعلاميين والسياسيين والحقوقيين الذين وصفوا القانون ب"البوليسي"، وسط مطالبات لنواب البرلمان بعدم تمريره. الزميل هيثم حسن يتناوله في التقرير التالي: يتضمن مشروع القانون 44 مادة ونشرته الصحف في وقت سابق وينص علي إنشاء جهاز للرقابة يترأسه وزير الإعلام وبعضوية ممثلين عن هيئة الأمن القومي ووزارات الداخلية والخارجية والثقافة، مهمته مراقبة مضمون ومحتوي جميع وسائل البث من محطات تليفزيونية وإذاعات ومواقع إنترنت، بما فيها الفيس بوك.. "الاهالي" ترصد آراء خبراء القانون في نصوص "تنظيم البث الفضائي " في تحقيقنا التالي... تقول الحقوقية " روضة أحمد" : كعادة التشريعات في مصر التي تتعلق بالشأن العام ، جاءت أغلبها مواد مطاطة ومرنة ، تسمح بتأويلها وفق رؤية أجهزة النيابة العامة وأجهزة الأمن بالشكل الذي يسهل استخدامها فيما بعد ضد المعارضين أو النشطاء أو الصحفيين. ترزية بينما قال حمدي الأسيوطي أمين لجنة الحريات بحزب التجمع :إن طرح قانون جائر في مصر ليس شيئاً جديداً ، فهو يحدث منذ سنوات طويلة ، خاصة مع توافر الخبرات لدي العديد من رجال القانون ممن أطلق عليهم القانوني الراحل كمال خالد "ترزية القوانين" وأن يصدر هذا القانون في هذه الفترة فهو منطقي في ظل تصاعد الحركة المطالبة بالديمقراطية وسيادة القانون ، والرغبة في حصارها لكن الجديد هنا أن يكون هذا القانون ماسكا لهراوة البوليس في تعامله مع الإعلام بينما أكد جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: أن الحكومات العربية فشلت في السيطرة علي الإنترنت ، رغم العدد الضخم من المواقع التي تم حجبها ، ورغم الملاحقات القانونية وسجن العديد من نشطاء الانترنت ، وسوف يفشلون في السيطرة علي القنوات الفضائية وحرمان المواطن العربي من حقه في مشاهدة قنوات فضائية صادقة ومعبرة عنه ، وليست أبواقا للنفاق ومدح حكومات وقادة مستبدين ، عبر تصدي كل المدافعين عن حرية تداول المعلومات وحرية التعبير لهذه الوثيقة. حملة وفي ردود فعل حقوقية للقانون أطلقت 19 منظمة حقوقية حملة تحت شعار "معا للتصدي لقانون البث الفضائي" أكدت فيها هذه المنظمات أن هذا القانون سيهدد حرية الرأي والتعبير مشددة في المقابل علي "أهمية دور الإعلام في الدفاع عن الحريات والحقوق الطبيعية للأفراد وما له من دور بارز في كشف مشكلات المجتمع وتناولها بشكل يساهم في إيجاد الحلول". وأضافت "لكن بعد تمرير مشروع القانون وإنهاء حالة الحرية النسبية التي يعيشها الإعلام العربي بصفة عامة والإعلام المصري خاصة فسوف يتم سلب كل الحقوق التي تدعم حق الإنسان في الحصول علي المعلومة والشفافية بكل حرية وبأنسب أشكال التعبير". مخالف للدستور بينما قال مركز الكرمل للإعلام الرقمي إن مشروع قانون البث الفضائي المرئي والمسموع يعد مخالفا لصحيح لما ورد في الدستور المصري في المواد 45 ، 46 ، 47 ، 48، 49 التي قررت أحقية كل فرد في التعبير عن آرائه ، وحريته الشخصية ، وخصوصية مراسلاته ، عوضا علي أن صياغته المطاطة واستعماله ألفاظا ومفاهيم مرنة دون وضع معايير محددة لها بالرغم من إقراره عقوبات جنائية جزاء لمخالفتها ، تشكل مخالفة لمبدأ "عمومية وتجريد القاعدة القانونية " ، فمفاهيم كالسلام الاجتماعي و الآداب العامة، والوحدة الوطنية، والمعلومات السليمة والشفافية ، الارتقاء بمستوي الرسالة الإعلامية، ربما تصلح لصياغة ميثاق شرف إعلامي، وليس نصا جنائيا ، وهو ذات الشأن بالنسبة لأمر إحالة نص المشروع في إلزام المخاطبين به لوثيقة خارجة علي القانون نفسه ، وهي ميثاق العمل الاعلامي و البث الفضائي العربي المسموع و المرئي ليصبح جزءا ملزما من القانون ، كما يعد سلب النيابة العامة احد اختصاصاتها الأصيلة في تحريك الدعوي الجنائية وإعطائها لجهاز حكومي تابع في حقيقته "للسلطة التنفيذية "- تقليصا خطيرا لدور السلطة القضائية في مباشرة الدعوي الجنائية.