بمجرد أن نطق القاضي بالحكم في قضية مذبحة بورسعيد التي راح ضحيتها 74 شابا من مشجعي النادي الأهلي تعالت الصرخات والصياح واندلعت حالة من الفوضي وبسرعة اندلعت موجة من العنف وانطلق الرصاص عشوائيا وخرجت المدرعات من داخل السجن لتطلق النار عشوائيا ومن أعلي سطح السجن ومن مناطق متفرقة أطلقت كميات رهيبة من الطلقات لتصيب المارة في الشارع ويسقط مجموعة كبيرة من الشباب صرعي في الشارع بطلقات كلها في الرأس والصدر والظهر أثناء هروبهم من الشارع وبعضهم ممن أخرجوهم من عملهم من منطقة الاستثمار ومن الباعة الجائلين ومن المعاقين وبعضهم من الرياضيين المتوجهين إلي نادي المريخ الذي يقع خلف السجن مباشرة.. وبعضهم أصيب بطلقات القناصة وعلي بعد أكثر من ثلاثمائة متر وهذا ما تسبب في حدوث مجموعة من أعمال العنف. فاقتحمت الجماهير قسم شرطة الشرق وقامت بتكسير محتوياته وإحراقها وقامت مجموعة أخري بمحاولة اقتحام قسم العرب وسادت حالة من الفوضي في المدينة تم علي أثرها إغلاق المحلات والمتاجر مما أصاب المدينة بحالة شلل تام ثم تلاها مجموعة أخري من الاحتجاجات فتوقفت المعديات بين بورسعيد وبورفؤاد وأغلقت المنافذ لداخل وخارج بورسعيد وأوقفت حركة القطارات والأوتوبيسات.. وجميع أنواع المواصلات.. ثم تلتها الإشاعات بقطع المياه والكهرباء.. ولم ينقطع سيل الطلقات النارية سواء من أعلي السجن أو في مناطق متفرقة داخل بورسعيد، وقد شوهدت سيارة تحمل مدفعا متعدد الطلقات يندفع ناحية السجن ويطلق طلقاته تجاهه. الجيش الثاني في الساعة الثالثة وصلت وحدات من الجيش الثاني وبدأت تتمركز حول السجن وفي المناطق الحيوية داخل المدينة.. بعدها بدأت حالة من الهدوء النسبي والحذر كان يقطعه الطلقات النارية التي تأتي من أعلي السجن أو من مناطق أخري غير معلومة لم تنقطع علي مدار باقي اليوم وطوال الليل. هذا ويسود بعض أهالي بورسعيد شعور قوي بأن الحكم جاء مسيسا لإرضاء النادي الأهلي ومحاولة الإخوان للسيطرة التدريجية علي النادي الأهلي صاحب الشعبية الكبيرة في جميع أنحاء مصر خاصة أنها أول مرة يحكم فيها بالإعدام علي متهمين منذ قيام الثورة واستبعاد العسكريين من المتهمين من حكم الإعدام ولم يشمل سوي مجموعة من المدنيين فقط. كذلك تجاهل الحكم تقرير لجنة تقصي الحقائق سواء التي كانت من مجلس الشعب السابق التي أدانت قوات الأمن ووصفتها بأنها هي التي سهلت وتسببت في وقوع الكارثة ولم يشمل المحرضين الذين أثبتت التحقيقات تورطهم وأيضا تجاهل تقرير الفيفا والمحكمة الرياضية التي شهدت بأن المذبحة سببها الأول أمني وليس نتيجة شغب الملاعب. في اليوم الثاني تجمع أكثر من مائة وخمسين ألفا أمام مسجد مريم الذي تواجد به واحد وثلاثون جثة من جثامين الشهداء للصلاة عليهم وتشييعهم لمثواهم الأخير، وبعد الصلاة انطلق المشيعون وهم يحملون جثث شهدائهم يكبرون ويهللون.. ثم بدأوا بالهتاف ضد الرئيس مرسي وحكم المرشد وضد الإخوان.. وفي طريقهم للمقابر كان المرور بفندق القوات المسلحة وفندق الشرطة وقام بعض الصبية بإلقاء الحجارة علي مباني الفندق.. وهنا كانت قوات الشرطة تنتظرهم.. فانطلقت من داخل الفندقين مجموعة من القنابل المسيلة للدموع وقنابل الدخان وساد المشهد حالة من الهرج والمرج واندفاع المشيعين وسقوط عدد من النعوش علي الأرض والبعض أخذ جثث ذويه واختبأ بها في مداخل العمارات مما جعل باقي الشعب يشعر بالاستياء وبالمرارة من عدم الاحترام والتقدير للمشهد المأساوي. واندفع بعض الصبية والشباب بإلقاء الحجارة واقتحام الفندقين وإشعال النار فيهما. وتمت مراسم الدفن علي فترات متقطعة وبشكل يثير الحزن والغضب أكثر. بعد انتهاء مراسم الدفن التي استمرت من بعد الظهر وحتي العصر بدأت موجة من العنف أمام قسم العرب عندما حاول البعض اقتحامه وإلقاء زجاجات المولوتوف عليه وتبادل إطلاق الرصاص بين قوات الشرطة وبينهم مما نتج عنه (6) قتلي وإصابة (425) حالة بعضها من المارة وممن يقطنون بجوار القسم. توجهت مجموعة من المتظاهرين وقامت بإحراق سيارة النائب الإخواني السابق أكرم الشاعر والبعض الآخر قام بإحراق سيارتين لزعيم حزب النور السلفي ببورسعيد الشيخ منعم. تحدي الحظر في المساء وبعد خطاب الرئيس مرسي اندفعت مجموعة كبيرة من المتظاهرين الرافضين لما جاء بالخطاب وأخذت تجوب كثيرا من الشوارع الرئيسية وتهتف بسقوط النظام وحكم الإخوان ووصلت الأعداد لعدة آلاف واستمرت حتي بعد الساعة الثانية والنصف متحدين قرار حظر التجوال. في اليوم الثالث «الاثنين» تجمع أيضا أمام مسجد مريم عدد يقترب من العدد الذي تجمع أمس لدفن عدد سبعة جثامين أخري جديدة تضاف لسابقيهم وبعد صلاة الظهر وصلاة الجنازة خرجت الجماهير تحمل الجثامين السبعة متوجهة إلي المقابر وهي تهلل وتكبر وتهتف ضد النظام وضد الرئيس وضد حكم الإخوان وتمت مراسم الدفن بسلام وقد اتفقت مجموعة كبيرة من الشباب والمشيعين علي إقامة مسيرة كبري في الساعة التاسعة مساء لرفضهم قرار حظر التجوال. وفي الساعة الثالثة وصلت إلي بورسعيد أربع جثث أخري ممن كانوا يعالجون من إصاباتهم في المستشفيات خارج بورسعيد وقد أقيمت جنازة أخري لهؤلاء الشهداء وحضرها الآلاف من المشيعين.. وفي أثناء ذلك كان هناك معركة أخري أمام قسم شرطة العرب نتج عنها مجموعة من المصابين بواسطة القناصة من أعلي الأسطح. وفي التاسعة مساء شهدت بورسعيد مظاهرة حاشدة ضمت ما لا يقل عن (60) ألفا من أبناء بورسعيد من جميع الأعمار ومن الرجال والنساء تدفقت من عدة مناطق مختلفة حتي تجمعت أمام مديرية الأمن ثم انطلقت بطول شارع 23 يوليو إلي شارع الجمهورية إلي ميدان المنشية وشارع سعد زغلول في تحد واضح لقرار حظر التجول وكانت الهتافات جميعها ضد الرئيس مرسي والإخوان وحكم المرشد ونادت بسقوط النظام والعيش والحرية والحرية والعدالة الاجتماعية.