خطة إخوانية للتراجع عن المجانية نسبة الإنفاق علي التعليم في مصر أقل من أثيوبيا وبتسوانا وبورندي!تحقيق: أبشروا يا شباب.. دستور الإخوان تعامل مع قضايا التعليم تحت شعار «للخلف در».. العالم يتقدم ويريدون لأجيالنا أن تتخلف.. التعليم عندهم ليس عنصرا أساسيا ضمن عناصر التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية.. التعليم في دستورهم مجرد عبارات إنشائية لا تحدد حقا ولا ترتب أي مسئولية علي الدولة. هذا هو جوهر الدستور الإخواني وإليكم التفاصيل.. تنص المادة 58 من دستور مصر الجديد «لكل مواطن الحق في التعليم عالي الجودة، وهو مجاني بمراحله المختلفة في كل مؤسسات الدولة التعليمية، وإلزامي في مرحلة التعليم الأساسي، وتتخذ الدولة كل التدابير لمد الإلزام إلي مراحل أخري، وتعني الدولة بالتعليم الفني وتشجعه، وتخصص له نسبة كافية من الناتج القومي، وتلتزم جميع المؤسسات التعليمية العامة والخاصة والأهلية وغيرها بخطة الدولة وأهدافها، وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم وحاجات المجتمع والإنتاج».لبيبة النجار هذه المادة لم تحمل الدولة المسئولية الأساسية عن التعليم، ولم تذكر أبدا عبارة «تلتزم الدولة» لا بالمجانية ولا بالإنفاق علي التعليم، ولا بالتطوير، حتي عندما ذكرت المادة التعليم الفني جاءت العبارة عامة غير ملزمة مثل كلمتي «تعني الدولة وتشجع»، فلا التزام في هذه المادة علي الدولة في توفير تعليم فني «عالي الجودة»، ولم تنص المادة علي أن ينظم القانون هذه المبادئ الدستورية، والأخطر أن تأتي عبارة تخصيص نسبة للإنفاق علي التعليم عامة دون تحديد، بل إضافتها في الاجتماع الأخير للجمعية التأسيسية للتصويت علي الدستور بعد رفض شديد من رئيس الجمعية، وهذا يؤكد كذب وادعاء رئيس الجمهورية الذي أعلن في برنامجه الانتخابي ضرورة زيادة الإنفاق علي التعليم إلي ربع الإنفاق العام. مصر في ذيل الدول وكان يجب أن ينص الدستور علي أن «تلتزم الدولة بتخصيص نسبة محددة من الناتج القومي الإجمالي للإنفاق علي التعليم ليظل مجانيا وإلزاميا»، حيث يري الخبراء والتربويون أنه لا مستقبل للتعليم في مصر دون التزام الدولة بتخصيص نسبة لا تقل عن 6% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق علي تطوير التعليم، ذلك لأن الإنفاق علي التعليم في مشروع الموازنة الحالي وبعد «الثورة» 6.3% من الناتج القومي الإجمالي، وهو ما يشكل نسبة متواضعة مقارنة بمثيلاتها من بلدان العالم، وهو ما يعكس عدم وجود خطة واضحة أو مستقبلية لتطوير التعليم في مصر، فمثلا بلغ الإنفاق علي التعليم من الناتج القومي الإجمالي في عام 2008 في كل من تونس والمغرب وسوريا والسعودية واليمن بالترتيب 1.7%، 5.5%، 9.4%، 7.5%، 2.5%، ويعتبر المعدل المصري متدنيا إذا قورن بالعديد من الدول الأفريقية عن نفس العام، فمثلا بو تسوانا وبوروندي وأثيوبيا بالترتيب نحو 1.8%، 2.7%، 5.5%، وفي الدول الصناعية المتقدمة بلغ المعدل في نفس العام في فرنسا والدانمارك والنرويج والولايات المتحدة وبريطانيا وسوازيلاند والسويد وناميبيا بالترتيب، 6.5%، 9.7%، 7.6%، 7.5%، 6.5%، 9.7%، 9.6%، 5.6%. دولة بلا التزامات إن تدني الإنفاق علي التعليم في عهد مبارك جاء في إطار إفساح المجال أمام سيطرة القطاع الخاص علي بيزنس التعليم في مصر في إطار اتفاقيات منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي، ولأن نظام مبارك كان يسعي دائما للتخفيف من عبء الإنفاق علي التعليم، ولم يكن يتعامل مع التعليم علي أنه عنصر أساسي للتنمية البشرية، وللأسف وبعد ثورة عظيمة نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، يتم إعادة نفس النمط الذي كان سائدا في عهد مبارك فيما يتعلق بالإنفاق علي التعليم، لأن الإخوان هم أصحاب بيزنس المدارس الخاصة، ولذلك لم ينص دستور الإخوان الذي قسم مصر إلي قسمين متصارعين بين مؤيد ومعارض، علي تحديد نسبة ملزمة للدولة للإنفاق علي التعليم لمواجهة هذا الوضع الكارثي للتعليم، حتي نخرج من هذا النفق المظلم، ونتمكن من تطوير التعليم والقضاء علي التسرب من التعليم وسد منابع الأمية. مادة بلا حقوق بلا واجبات يقول الدكتور كمال نجيب الأستاذ بكلية التربية جامعة الإسكندرية: إن هذه المادة عبارة عن كلام مرسل وغير ذي معني، وتخرج عن الصياغات الدقيقة القانونية، ولا تشير إلي حقوق وواجبات محددة، لفظه إلزامي – ومجاني – لأن قصر الإلزام علي مرحلة التعليم الأساسي، يعني قصر المجانية علي التعليم الأساسي، ولن تمتد إلي التعليم الثانوي والجامعي، وهذه المادة فضفاضة وتعمد إلي الخطابة وغير دقيقة، لأنه لم يلزم الدولة بتحديد نسبة معينة واضحة للانفاق علي التعليم، وكان الأمر يتطلب في بلد مثل مصر والتي تصنف فئة التنمية البشرية المتوسطة، وبرغم ارتفاع معدل الأمية وتدني مستوي التعليم في مصر، فإن إنفاق مصر علي التعليم يعد الأدني بالنسبة للدول التي تصنف مصر ضمنها. التراجع عن المجانية ويشير كمال نجيب إلي أن هذه المادة توضح نية الإخوان في التراجع عن مجانية التعليم، فوزير التربية والتعليم مثلا يعمل بخطي واثقة وسريعة لتحويل المدارس الحكومية إلي مدارس تجريبية بمصروفات، وكان لابد أن نتوقع ذلك في دستور مصر الجديد، لأن الإخوان عبارة عن تجار، تجار سوبر ماركت تجار تعليم وهم أصحاب ما يسمي ب «المدارس الإسلامية» وتوجههم الاقتصادي لا يختلف كثيرا عن نظام مبارك فهم مع تحرير الاقتصاد، ويسعون بخطي حثيثة لتمرير التعليم من الدولة إلي القطاع الخاص وخصخصته، إن تحديد الحكومة لمخصصات ضئيلة في موازنة هذا العام، يعني إقرارا منها بعدم إكتراثها بالتعليم وعدم إدراجها له كإحدي أولوياتها الحالية والمستقبلية، وهدف الإخوان هو إلغاء مجانية التعليم وعدم تمكين الفقراء والشرائح الدنيا من تعليم أبنائهم. دستور مرفوض ويضيف كمال نجيب أنه كان هناك اتفاقية بين وزارة التعليم واليونسكو عام 1990، للعمل علي استيعاب الجميع في سن الإلزام بنسبة 100%، وحتي الآن وفي عام 2012 لم يتم استيعاب الجميع في التعليم الأساسي وخاصة البنات، ولذلك كان لابد من إلزام الدولة بتحديد نسبة كبيرة للإنفاق علي التعليم لبناء مدارس لتقليل الكثافة وتطوير المعامل ورفع رواتب المعلمين، بدلا من تعمد لغة الخطابة التي في النهاية لا تلزم الدولة بشيء وتعمد التلاعب في هذه المادة. وعدم النص علي أن ينظم القانون هذه المبادئ الدستورية يشير بوضوح إلي نية الإخوان إلغاء مجانية التعليم، وعلي حسب كمال نجيب هذا دستور مسلوق ولم نأخذ الوقت الكافي للنقد أو المناقشة أو تحديد رؤيتنا فيه، وحتي وإن تم الاستفتاء بنعم فسيظل مرفوضا وسنظل نقاومه، لأن الدستور عقد اجتماعي بين الدولة والشعب، وليس دستورا للإخوان فقط. مادة مرفوضة حسن أحمد رئيس نقابة المعلمين المستقلة يشير لرفض نقابة المعلمين المستقلة لهذه المادة وتفسيرها، لأنه ليس بها أي إشارة لتطوير التعليم أو المعلمين، كما أن المادة تنص علي أن التعليم مجاني في فترة الإلزام، ولا تمد الإلزام إلي التعليم الثانوي، أي أنه ليس هناك إلزام بمجانية التعليم، وحين تحدثت عن التعليم الفني لم تلزم الدولة بتطويره، وهذه المادة الدستورية صادرة لحماية القوانين والإجراءات التي صدرت قبلها، لأن ما قام به وزير التربية والتعليم من تخصيص فصل داخل كل مدرسة حكومية للتعليم التجريبي بمصروفات، معناه حرمان الفقراء من فرص متكافئة، لأن ذلك يعني زيادة كثافة الفصول داخل هذه المدارس والتي تزيد أصلا علي 90 طالبا في الفصل، كما أنها تؤدي لتدهور مستوي التعليم، وكذلك لإعطاء مشروعية لقانون الكادر الجديد والذي يعصف بحقوق المعلمين، وتعني هذه المادة إلغاء المجانية، وإذا كان نظام مبارك لم يستطع إلغاءها، فالإخوان بالدستور يسيرون بخطي سريعة نحو إلغاء المجانية. قومية المؤسسات الدكتور كمال مغيث الأستاذ بمركز البحوث التربوية يقول: مادة فضفاضة عامة بلا أي معني، لأنها لم تشر للتعليم كمنظومة متكاملة بوثيقة واحدة تحدد أهداف التعليم، ولم أعرف ما المقصود بالجودة في هذه المادة إذا كانت لم تحدد نسبة للإنفاق علي التعليم وتطويره، ويبدو واضحا غياب قيمة العدالة الاجتماعية، لأنه مادامت هناك أنواع متعددة للتعليم، فسيظل تعليما طبقيا، فهناك تعليم رخيص لأبناء الفقراء، وتعليم آخر لأبناء الصفوة والأغنياء، والذي سوف ينتج عنه ثقافات متعددة، ويخلق دولا داخل الدولة، كما أن هذه المادة لم تضمن قومية مؤسسات التعليم، وهناك تخوف من تحويلها إلي مؤسسات إخوانية، وهذا مناقض تماما للأهداف الوطنية للتعليم، بالإضافة إلي وجود مواد أخري تسمح بعمالة الأطفال وهذا يعني التسرب من التعليم، إلي جانب القضاء علي كل التنظيمات النقابية المستقلة للمعلمين لصالح نقابة واحدة فاسدة.