يبدو أن هيئة قصور الثقافة علي موعد دائم مع أزمات النشر التي يتحول علي إثرها الأدب والفكر ومن يقفون وراء تقديمه لجمهور القراء إلي متهمين مطلوب محاكمتهم، وفي هذه المرة كان موعد الهيئة ورئيسها الدكتور أحمد مجاهد مع أزمة نشر طالتهما بعد صدور «ألف ليلة وليلة» في طبعة شعبية ، طالب بعدها عدد من المحامين بمصادرتها ومحاسبة المسئولين عن خروجها لما فيها من ألفاظ رأوها خادشة للحياء. «الأهالي» كان لها هذا الحوار مع الدكتور أحمد مجاهد رئيس هيئة قصور الثقافة. ما تعليقك علي البلاغ المقدم ضدك للنائب العام من قبل 9 من المحامين المصريين؟ أنا مستغرب لأن ألف ليلة وليلة عمل ابداعي فني وتراثي وله ايضا طبعة مصورة صادرة من مطبعة بولاق سنة 1251ه، 1835م بمراجعة شيخ أزهري وليس هناك مبرر لتقديم بلاغ ضدي بالحسبة ، وضد رئيس تحرير السلسلة الكاتب جمال الغيطاني.. واتساءل لماذا لم يقدموا بلاغا آخر ضد محمد علي باشا الذي كان وراء تقديم الطبعة الاولي لها. ما الهدف إذن في ظنك من وراء هذه القضية هل طلب الشهرة أم البحث عن مكاسب سياسية؟ أنا لا أريد أن أكون متطرفا في الحكم عليهم لكني أتعجب من موقفهم، ففي الوقت الذي يهاجمون ألف ليلة وليلة من أجل 30 لفظا جاءت خلال 2000 صفحة في سياقات أدبية بدعوي الحفاظ علي الأخلاق يبررون لأنفسهم التجسس علي الآخرين والتسجيل لهم دون علمهم. ما موقف المثقفين من البلاغ المقدم ضدك؟ الحقيقة موقفهم كان عظيما لأنهم يدافعون عن حرية الابداع في مصر وليس عن أحمد مجاهد شخصيا. ألا يوجد قانون يجرم حذف النصوص التراثية ويدافع عن حرية التعبير؟ هناك ما هو اقوي من القانون الدستوري المصري المادة 49 منه تقر حرية الرأي والتعبير للافراد بأكثر من ذلك أن الف ليلة وليلة تراث شعبي مجهول المؤلف لا يمكن أحد تحريفه، لو أصحاب البلاغ المقدم ضدي ناقشوني في كتاب من تأليفي لكان الأمر مقبولا لكن ألف ليلة تراث أمة، وقد يصل التعصب إلي أن يبرروا مثلا إزالة لوحة عازفات الهارب فوق جدران المعابد الفرعونية أو كسر تماثيل الخصب والنماء ونتحول إلي طالبان مرة أخري، فهذه حملة مروعة ضد الفكر والابداع ثم ما هي سلطتهم لتقديم بلاغ للنائب العام وتعيين أنفسهم أوصياء علي الأمة. لكن هل لو تعرضت لضغوط من جانب بعض المتشددين أكثر كنت تراجعت عن قرارك وطبعت القصص بدون هذه الألفاظ. لا سبيل عندي للتراجع وقراري واضح وصريح سوف اقوم بطبعها كلما نفدت من السوق وقد صدرت طبعتها الثانية ومذيلة بحكم المحكمة سنة 1986 الذي يقضي بعدم مصادرة الكتاب ويقول إن الذي يجد فيها إثارة للغرائز شخص مريض تافه لا يعتد به أنا ايضا لا اخشي من شيء فلو حبست في الف ليلة وليلة سوف أكون سعيدا لاني اسجن في قضية رأي لا توظيف أموال أو اغتيالات سياسية وفكرية. هل لديك النية لنشر أعمال أخري تراثية بقوة ألف ليلة وليلة؟ أي مؤلفات يقترحها رئيس تحرير السلسلة جمال الغيطاني يقوم بنشرها ولا يتعلق موضوع النشر بأشياء قد تكون مستفزة لبعض التيارات، وايضا هناك طبعات كثيرة لهيئة قصور الثقافة في الفقه والتفسير والحديث، فنحن لا ننحاز لتيار معين من التراث ولا يحق لأحد أن يفرض علينا اجندته. لماذا لا يحاكم النص الفني بالمعايير الفنية؟ النص الفني لا ينبغي أن يحاكم إلا بالمعايير الفنية لكن هذه القاعدة تغيب عن بعض المغرضين حتي لو وصل الأمر لساحات القضاء، فإن القضاة ينبغي أن يقوموا بتشكيل لجنة فنية أدبية متخصصة للحكم علي النص مثل حوادث القتل التي تحال للطب الشرعي لمعرفة اسبابه فحكم القضاء يجبيعتمد علي رأي الخبراء في الأدب والفن. هل تعتقد أن عصر الف ليلة وليلة كان أكثر استنارة من عصرنا الحالي؟ بهذا البلاغ للنائب العام طبعا عصر الف ليلة وليلة اكثر استنارة من حاضرنا الآن وهي بلا جدال أضخم عمل أدبي جسد الحضارة العربية والإسلامية في أوج ازدهارها في العصر العباسي الثاني.