وافق يوم 9 سبتمبر الذكري الثانية لعيد الفلاح بعد ثورة 25 يناير . والتقي الرئيس الفلاحين بالمناسبة، وقيل كلام كثير عن أوضاع الزراعة والفلاحين. ولكن أخطر الأمور علي الإطلاق وهو العلاقة الإيجارية للأراضي الزراعية مرت طيا منسيا. ويبدو أن المشرعين للقانون 96 والذي صدر في عام 1992 وتم تطبيقه مع نهاية عام 1997 لتحرير العلاقة الايجارية بين المالك والمستأجر في الأرض الزراعية لم يضعوا في حسبانهم البعد الاجتماعي لملايين المستأجرين كانت حياتهم تتوقف علي ما يستأجرونه من أرض وأصبحوا بعد تطبيق القانون في مهب الريح. فإما ترك الأرض للمالك أو الرضوخ لشروطه أو مطالبه التي لا تتوقف عند حد. و نقضت الحكومة وعودها بتسليم ارض مستصلحة بديلة لكل المستأجرين المتضررين من هذا القانون فلم تقم بتسليم أراض سوي لعدد قليل من المتضررين. معلوم أن خصوبة الأراضي الزراعية قد تضررت بشدة نتيجة تطبيق هذا القانون. فالمالك لا يقوم بتأجير الأرض إلا لعام واحد فقط طمعا في زيادة القيمة الايجارية، وهو الأمر الذي يدعو المستأجر إلي استنزاف الأرض واستغلالها لأقصي مدي خلال الفترة التي يستأجرها من خلال ما يستخدمه من أسمده كيماوية أو مبيدات أو زرعها بمحاصيل مجهدة بشكل مستمر مما يسبب ضررا شديدا لخصوبة الأرض الزراعية، حان الوقت لإصدار تشريع قانون جديد يحدد العلاقة بين المالك والمستأجر في الأرض الزراعية يوازن بين حقوق المالك ومصلحة المستأجر، فلا يطغي طرف علي طرف أخر. مطلوب قانون جديد يحدد العلاقة الإيجارية في الزراعة بما يحقق العدالة الاجتماعية. فقد ثبت أن القانون 96 أضر بالفلاحين و بالأرض الزراعية. وكانت أولي نتائجه تشريد أكثر من 900 ألف مستأجر وفقدان الأرض الزراعية خصوبتها بالإضافة للصدامات المستمرة بين الملاك والمستأجرين التي راح ضحيتها المئات من الطرفين. مطلوب أيضا إصدار تشريع يحمي الأرض الزراعية ويحافظ علي خصوبتها التي تكونت خلال ملايين السنين. إننا نقترح ألا تقل مدة عقد الإيجار عن خمس سنوات، حتي نعطي للمستأجر الآمان اللازم. وهذا سيدفعه إلي استخدام الأسمدة العضوية وبدائل المبيدات وصولا إلي الزراعات النظيفة مما سيكون له الأثر الإيجابي سواء علي مستوي السوق المحلي أو التصدير. كما أن سريان مدة العقد لخمس سنوات يأخذ في الاعتبار طبيعة النشاط الزراعي من حيث تتابع السنوات العجاف والسنوات السمان. و بهذه المناسبة، أذكر هنا رد رئيس رابطة مصدري الحبوب في فرنسا في إحدي زياراته لي في وزارة التموين للترويج للقمح الفرنسي. عندما سألته عن مدة عقد إيجار الأرض الزراعية في فرنسا، فاجأني بقوله إن عقد الإيجار للأرض الزراعية يسري لمدة 9 سنوات. نعم 9 سنوات بالتمام والكمال، وليس لسنة أو حتي لزرعة واحدة كما يحدث في المحروسة في ظل القانون 96.