كثيرة هي المواهب التي تحتاج إلي حماية قبل أن يصيبها العطب.. وهذه إحدي المواهب الفذة التي تبحث عن حضن يقيها من الضياع في بلاد الشمال. إنه الفنان الموهوب نوار عباس احمد - 27 عاما- احد أبناء أكاديمية الفنون، التحق وهو في السادسة من عمره بمعهد الكونسرفتوار بالقاهرة - تخصص في آلة البيانو ودرسها علي ايدي كبار الخبراء من الأجانب والمصريين لمدة 15 عاما وبرع فيها، وكان يحصل علي تقدير امتياز سنويا حتي حصوله علي البكالوريوس بتقدير امتياز. وهو في الخامسة عشرة من عمره نال جائزة العزف من المجلس الأعلي للثقافة عام 1988 وكان الدكتور رمزي يس يترأس لجنة التحكيم آنذاك في هذه المسابقة. نظرا لعشقه للموسيقي حلم بأن يواصل مسيرته التعليمية، فقام بمراسلة الجامعات الأمريكية وحصل علي منحة شخصية للدراسة بالولايات المتحدة للحصول علي الماجستير في البيانو، منذ أيام قليلة فقط منحته جامعة نورث كارولينا بأمريكا شهادة الماجستير. معجزة فنية ولكنه أثناء دراسته قام بتجربة فريدة أدهشت عميد الجامعة والأساتذة وزملاءه بالجامعة حيث استطاع أن يتعلم آلة جديدة وهي الأرغن وأن يجيدها لدرجة التخصص في خلال ثلاثة أشهر فقط وأن يتقدم إلي الجامعات الأمريكية ويخوض اختباراتها بالمنافسة مع طلبة من جميع إنحاء العالم - لا تقل عدد سنوات دراسة أي منهم لهذه الآلة عن اثني عشر عاما كحد ادني - من اجل الحصول علي منحة لدراسة هذه الآلة وهي الأرغن - ومن المعروف أن تعلم الطالب لآلة جديدة، وأن يجيدها لدرجة التخصص في خلال ثلاثة أشهر فقط أمر أشبه بالمعجزة. وبالفعل تم قبوله بالعديد من الجامعات للدراسة بها وقدمت له منحة شاملة جميع المصاريف الخاصة بالدراسة، ومنها جامعة جنوب كاليفورنيا وهي من كبري جامعات أمريكا، وجامعة شمال كارولينا، والكلية الملكية جلاسجو باسكوتلندا. التراث الكنسي ولكنه هو الآن مهدد بعدم استكمال طموحه الذي لا حدود له بسبب انه لا يملك من المال ما يغطي نفقات المعيشة ومهدد بالعودة إلي مصر، حيث يقول "أتمني أن احصل علي أعلي الدرجات العلمية في هذه الآلة الرائعة المرتبطة بالتراث الكنسي، وبعودتي إلي مصر استطيع أن أدعو وأساهم في إحضار هذه الآلة إلي مصر والدعوة إلي تأسيس قسم بمعهد الكونسرفتوار لتدريسها، وذلك حتي لا يحرم من دراستها الأجيال القادمة كما حرم جيلي والأجيال السابقة من مجرد رؤيتها ولمسها بأصابعنا". ثقافة التنوير يقول نوار: هذه الدراسة ستكون سندا ودعما لي من اجل تحقيق هدف إنساني غال وثمين من اجل الوطن: فبصفتي أول عازف مصري يحصل علي هذه الدراسة، ولكوني أيضا أول عازف أرغن مسلم يذهب للتعاون مع الكنائس المصرية ليعلم ويدرس هذه الآلة لأبنائها فان ذلك سيتيح لي العمل علي نشر فكر وثقافة التنوير والتسامح بين أفراد المجتمع بصرف النظر عن دياناتهم وعقائدهم في مرحلة تزداد فيها التوترات والاتجاهات المتطرفة في المجتمع، بذلك استطيع أن أقدم إسهاما إنسانيا من خلال الفن الموسيقي عوضا. وبذلك يكون للموسيقي الكلاسيكية بالإضافة إلي قيمتها الجمالية ( المحبة، الخير، الجمال) قيمة وظيفية في خدمة المجتمع وهي التسامح والتقارب بين البشر. مختصون ومتخصصون عميد كلية الموسيقي بجامعة ساوث كارولينا مايلز هوفمان يقول عنه أنا اعرف انك واجهت العديد من الصعوبات في المجيء الي بلد اجنبي، في ظروف صعبة ووضع جديد، بدون أصدقاء أو زملاء لتجد طريقك، ولكنك وجدته بالفعل، وانك حين وصلت إلي هنا كنت بالفعل عازف بيانو قديراً، وبالمجهود الشاق الذي رأيتك تبذله في غرفة التدريبات فد جعل عزفك أكثر ثقة وجمالا، أما بخصوص الأرغن فأستطيع أن أقول بطمأنينة أن كل واحد هنا في الكلية كان مندهشا لتعلمك آلة جديدة بهذا الحماس، ومن المفترض ألا أقول لك هذا الإطراء بصفتي عميدا للجامعة، لكن في العديد من الأوقات يقف الناس بجوار باب قاعة الأرغن يستمعون إلي الأصوات والنغمات المدهشة التي ترسمها علي الأرغن، الموهبة والجدية أنت تملك كلتيهما. ويقول عميد قسم الأرغن بجامعة جنوب كاليفورنيا لاد توماس: أهنئك علي عملك الممتاز، انك حققت انجازا رائعا في وقت قصير جدا، ونحن سنكون سعداء أن تكون طالبا في قسم الأرغن بالجامعة. و يقول عنه أرون شور بروفيسير بالكلية الملكية جلاسجو باسكتلندا: لقد استمعنا لعزفك أنا ورئيس قسم الأرغن بالجامعة وكان مندهشا من انك استطعت أن تنجز هذا البرنامج في هذه الفترة القليلة، وحقا لقد جعلتنا نستمتع نحن الاثنين. وتقول عنه أستاذة قسم الصوتيات بجامعة ثاوث كارولينا أني دينبو: ، أنا شغوف جدا بأن يواصل نوار هدفه في هذا المجال في آلة الأرغن، حقا إنها مهنة نبيلة، وانك ذهبت بعيدا جدا في وقت قصير جدا، هذا حقا مذهل!! هل يتسع صدر وزير الثقافة الفنان فاروق حسني كما اتسع لغيره قبل عقود وأثناء عمله في باريس لغيره من الموهبين أمثال الريس متقال- ياسين التهامي- رمزي يس، وفرق الانشاد الديني والآلات الشعبية، وغيرهم من المواهب التي لولا دعم الفنان فاروق حسني لها لتغيرت أشياء كثيرة. لقد كان فاروق حسني وسيظل حاميا للمواهب وحاضنا للقدرات الخاصة والمتميزة.
