عباس شراقي يكشف أسباب الزلازل المتكررة في إثيوبيا    غداً.. انطلاق الأسبوع التوظيفي ل جامعة عين شمس    وزارة البترول تكشف أسباب زيادة أسعار البنزين والسولار    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 19 أكتوبر 2024    حكومة نتنياهو ستصوت على مقترح يتعلق بتوزيع شركات أمريكية الطعام بشمال غزة    "حزب الله" يستهدف قاعدة "فيلون" الإسرائيلية بصلية صاروخية    بيونج يانج : عثرنا على حطام مُسيرة عسكرية كورية جنوبية    مائل للحرارة والعظمى على القاهرة 29.. حالة الطقس اليوم    اليوم.. محاكمة إسلام بحيري لاتهامه بصرف شيك دون رصيد    مشهد صادم للجمهور.. اختراق هاتف إعلامي مصري على الهواء مباشرة (تفاصيل)    تكريم الفنانة بدرية طلبة خلال حفل افتتاح مهرجان المسرح العربي    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حرق الدهون: 10 مشروبات تساعد على إنقاص الوزن سريعًا    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف سالي فؤاد.. طريقة عمل سلطة الفاصوليا الخضراء    موعد مباراة نادي قطر أمام الوكرة في الدوري القطري والقنوات الناقلة    أسعار الذهب في مصر تقفز لأعلى مستوى منذ فبراير    أسعار الحديد اليوم السبت 19 أكتوبر 2024 في مصر.. طن «عز» يسجل 42 ألف جنيه    6 سنوات عمل سياسي| «التنسيقية».. استراتيجية جديدة للانتشار والتفاعل وزيادة الكوادر    في أول مشروع لمراكز الادخار المحلية.. نجحت «ميت غمر» وفشلت روسيا وأمريكا!    تفاصيل مقترح قانون جديد لمكافحة المراهنات    إجازة 10 أيام.. مواعيد العطلات الرسمية في شهر نوفمبر 2024 للموظفين والبنوك والمدارس    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    رئيس شعبة البيض: البيع بالمزرعة يتم حسب الوزن.. ونطالب بوضع معادلة سعرية    ما هو مكر الله؟.. الإفتاء تحذر من وصفه تعالى به وتوضح 7 حقائق    ترامب يعلق على اغتيال السنوار.. ماذا قال عن «بيبي»؟    ملف يلا كورة.. الأهلي إلى نهائي إفريقيا لليد.. استعدادات أندية السوبر.. ومجموعة قوية لسيدات مسار    تجمع «بريكس» يدعم إنشاء تحالف للطاقة النووية    موعد فولهام ضد أستون فيلا في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    دونالد ترامب: موت السنوار يجعل آفاق السلام أسهل في غزة    الاستعلام عن صحة شخص سقط من قطار بالبدرشين    شباب السوالم يفوز على الرجاء بهدفين في الدوري المغربي    التقديم في سند محمد بن سلمان بالسعودية 1446    «مينفعش الكلام اللي قولته».. إبراهيم سعيد يهاجم خالد الغندور بسبب إمام عاشور    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    أحمد سليمان: طريق الأهلي أفضل.. ولكننا نحب التحديات    بلومبيرج: توقعات بارتفاع ناتج حصاد الكاكاو في كوت ديفوار بنسبة 10%    بعد إرتفاع سعر أنبوبة البوتاجاز.. حيل لتوفر50% من استهلاك الغاز في مطبخك    وزير الخارجية التركي يعزي حركة حماس في استشهاد السنوار    دورتموند يعود لطريق الانتصارات بفوز على سانت باولي في الدوري    كيف تطور عمر مرموش مع آينتراخت فرانكفورت؟.. المدير الرياضي للنادي الألماني يوضح    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    منتج عمر أفندى يكشف حقيقة وجود جزء ثان من المسلسل    برج القوس حظك اليوم السبت 19 أكتوبر 2024.. حافظ على صحتك    عودة قوية ل آسر ياسين في السينما بعد شماريخ    عمرو أديب عن واقعة الكلب على قمة الهرم: نازل كإنه بيتحرك في حقل برسيم    وزير الخارجية اللبناني: استمرار إسرائيل في سياسة المجارز سيؤدي إلى مزيد من التطرف    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    إسكان النواب تكشف موعد إصدار قانون البناء الموحد الجديد    ستاندرد آند بورز تعلن أسباب الإبقاء على نظرة مستقبلية إيجابية لمصر    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    موسكو: خسائر القوات الأوكرانية على محور كورسك تبلغ 505 عسكريين خلال 24 ساعة    رهاب الطيران..6 طرق للتغلب عليها    أشرف عبد الغني: الرؤية العبقرية للرئيس السيسي حاضرة وقوية وتدرك المتغيرات    تطابق ال«DNA» لجثة مجهول مع شقيقه بعد 30 يومًا من العثور عليها بالتبين    ماذا نصنع إذا عميت أبصاركم؟.. خطيب الجامع الأزهر: تحريم الخمر ثابت في القرآن والسنة    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسين عبدالرازق يكتب : الجدل حول المادة الثانية
نشر في الأهالي يوم 24 - 07 - 2012

احتلت قضية المادة الثانية من دستور 1971 الذي أسقطته ثورة 25 يناير والتي تم نسخها نصا في الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 وتنص علي أن «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع».. احتلت مكانا بارزا وأثارت جدلا واسعا في «الجمعية التأسيسية» لصياغة الدستور المطعون بعدم شرعيتها لهيمنة تيار الإسلام السياسي «جماعة الإخوان المسلمين – حزب الحرية والعدالة – حزب النور.. وحلفاؤهم» علي عضويتها ووجود أغلبية من أعضاء السلطة التشريعة «مجلسي الشعب والشوري».
ومنذ سنوات وهناك محاولة من المنتمين لتيار الإسلام السياسي لإضفاء قدسية «زائفة» علي المادة الثانية من دستور 1971، واعتبار أي محاولة لتعديل النص أو تصحيحه بالحذف أو الإضافة عدوانا علي هوية الأمة وخطا أحمر لا يجوز الاقتراب منه، معتمدين أن غالبية المواطنين لا يتذكرون الظروف والأسباب التي أدت إلي وضع هذه المادة بهذه الصياغة في دستور السادات الذي أصدره في 11 سبتمبر 1971 بعد انقلاب القصر الذي قاده في (13 – 15) مايو 1971.
وأصل هذه المادة في التاريخ الدستوري لمصر هي المادة 149 من دستور 1923 الصادر في 19 أبريل 1923 عقب ثورة الشعب المصري عام 1919 بقيادة سعد زغلول وحزب الوفد، ونصت المادة 149 علي أن «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية»، بينما نصت المادة الثالثة من ذلك الدستور علي أن «المصريون لدي القانون سواء، وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين..»، ويقول د. عبدالحميد متولي أستاذ القانون الدستوري إن النص علي ديانة الدولة في دستور 1923 كان بمثابة تحية كريمة من المشرّع الدستوري لديانة الأغلبية، دون أن يترتب علي ذلك تمييز في الحقوق أو الواجبات العامة بين المواطنين علي أساس معيار العقيدة الدينية.
وتكرر النص علي أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية في دستور 1930 ودستور 1956 (23 يونيو 1956) ودستور 1964 (26 مارس 1964).
وخلا مشروع دستور 1954 والدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة «دستور الوحدة المصرية السعودية» الصادر في 5 مارس 1958 من أي إشارة لدين الدولة، باعتبار أن الدولة كائن معنوي لا دين له، ومن المعلوم أن أندونيسيا وبها أكبر عدد من المسلمين في العالم رفض قائدها الوطني أحمد سوكارنو والحركة الوطنية بها النص علي دين للدولة في الدستور، وفي الهند وغالبية سكانه من الهندوس رفض «نهرو» النص علي دين الدولة.
ولأول مرة في التاريخ الدستوري لمصر، تم عام 1971 نقل المادة 149 من دستور 1923 إلي دستور السادات لتحتل رقم (2) في مواده ال 193، ويضيف إليها نصا جديدا يقول «ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع» ثم تعدل المادة عام 1980 لتصبح «المصدر» الرئيسي للتشريع.
وتمت الإضافة والتعديل ضمن لعبة سياسية أراد بها الرئيس الأسبق «أنور السادات» مغازلة تيار الإسلام السياسي «الإخوان المسلمين» والتحالف معهم في معركته للقيام بثورة مضادة ضد السياسات الوطنية والاجتماعية لثورة 23 يوليو 1952 بقيادة جمال عبدالناصر.
كان السادات قد دخل في صدام مع شركائه في الحكم الذين أطلق عليهم «مراكز القوي» وكلهم من أعوان ومساعدي جمال عبدالناصر ممن يمكن تسميتهم ب «اليسار الناصري» أمثال «علي صبري والفريق محمد فوزي ولبيب شقير وشعراوي جمعة ومحمد فائق ومحمد عروق وأحمد كامل..» وقرر استخدام الدين في هذا الصراع، فأصبح اسمه «محمد» أنور السادات، وسمي نفسه «الرئيس المؤمن»، وجاءت المادة الثانية للدستور والنص علي مبادئ الشريعة الإسلامية في هذا السياق كمناورة سياسية ليس إلا! وكغطاء للسياسات الجديدة التي سميت بعد ذلك بسنوات (1974) بسياسة الانفتاح، والتي تقوم علي رفض السياسات الاجتماعية والاقتصادية المنحازة للطبقة الوسطي والطبقات الشعبية والتي بدأ عبدالناصر في تطبيقها عام 1961 وطورها في عام 1964، وكذلك الانقلاب علي السياسة التحررية المعادية للاستعمار وتبني سياسة إقليمية ودولية لا تتعارض مع السياسات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.
وتحالف الإخوان المسلمون مع السادات الذي أخرجهم من السجون وسمح لهم بحرية الحركة رغم أن الجماعة كانت مازالت غير قانونية لحلها عام 1954 بقرار من مجلس قيادة الثورة، وقدم لهم المادة الثانية عربونا للتحالف ولاستغلال المشاعر الدينية للمصريين.
كان هذا التحول يعني إسقاطا لشعار ثورة 1919 العظيم «الدين لله والوطن للجميع» وبدء هدم الدولة المدنية التي ناضل المصريون لتأسيسها منذ محمد علي، وإدخال للدين في السياسية وللسياسة في الدين بما يضر بالاثنين معا.
وأدي هذا النص للتمييز ضد أقباط مصر وغير المسلمين عامة.
ولم يكن صدفة أن أحداث الفتنة الطائفية بدأت بعد أشهر قليلة بأحداث الخانكة عام 1972 مرورا بأحداث دمنهور والزاوية الحمراء والكشح وقري منفطين وبني واللمس ومغاغة وسمالوط والبحر الأحمر وأبوالمطامير ونجع حمادي والمحلة الكبري وأبوقرقاص والعدسات والإسكندرية والعياط وصولا إلي مذبحة كنيسة القديسين بالإسكندرية ليلة رأس سنة 2011.
وفي ظل هذه المادة جري التوسع بصورة عشوائية في أنشطة ونفوذ مؤسسات «دينية» والخطاب الديني غير الرسمي القائم علي الكراهية واستفزاز غير المسلمين، وسيادة منهج التمييز ضد الأقباط علي المستوي القانوني والواقعي في تولي الوظائف العامة، وتجاهل مناهج التاريخ في المدارس المصرية للحقبة القبطية في التاريخ المصري (من عام 70 ميلادية إلي عام 641 ميلادية)، والقيود التي تضعها الحكومة علي بناء الكنائس، واختراق عناصر أصولية متطرفة لأجهزة الإعلام الحكومية.. إلخ.
وكان النص سندا لصعود أحزاب وقوي الإسلام السياسي ودعوتها لإقامة «دولة إسلامية» واستعادة «الخلافة»، وأن تكون الشريعة الإسلامية مرجعا أعلي من الدستور، وأن يتم عرض القوانين قبل صدورها علي هيئة من كبار العلماء لتري مدي اتفاقها مع الشريعة الإسلامية.
واليوم ترتفع أصوات تطالب بتعديل بحذف كلمة «مبادئ» أو يستبدلها ب «أحكام»، ويقول د. نور فرحات في رفضه لأحكام أو حذف كلمة مبادئ «يقصد بالمبادئ تلك التي تتسع لمتغيرات عصر من العصور، ولتضمين المبادئ الدولية لحقوق الإنسان والحريات العامة ومبدأ المساواة أمام القانون» أو كما قال د. عبدالرازق السنهوري «مبادئ الشريعة هي المبادئ التي لا تختلف باختلاف آراء الفقهاء ولا تصطدم بقيم وروح العصر».
ولعل في التعديل الذي اقترحه مشروع الدستور المطروح من قبل التجمع يوجد الحل، يقول النص المقترح «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية والشرائع السماوية والقيم العليا للأديان مصدر رئيسي للتشريع، ويكفل الدستور تنوع مصادر التشريع بما يعكس الروافد المتنوعة للهوية الوطنية ويساعد علي تعزيز الوحدة الوطنية، وعدم فرض تشريعات تنظم حياة المواطنين في المجال الخاص يتناقض مع معتقداتهم أو تنظيم المجالين العام والخاص بشكل يتناقض مع ضمانات حقوق الإنسان والحريات العامة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.