حدث بالفعل أمل عامر في التاسعة صباحا جلست سلوي في عربة السيدات بمترو الأنفاق ، وسط الزحام وجدت مكانا بصعوبة بعد وقوفها لمدة ساعة ،بجوار فتاة في الثلاثين من عمرها ،جميلة ينسدل شعرها الذهبي ناعما ،ترتدي بنطلون جينز وبلوزة تظهر مفاتن جسدها البض ،تضع سماعات الهاتف في أذنيها وتتمتم أغنية بصوت منخفض ،ذكرتها بنفسها عندما كانت في مثل عمرها منذ عشرين عاما ،كانت البهجة لا تفارقها والأحلام صديقتها المخلصة ،حتي تقدم لها زوجها تركت علي أثرها دراستها الجامعية بتشجيع من والدتها الراحلة،أحبته بكل كيانها ووهبته كل ماتملك من مشاعر واهتمام واخلاص ورعاية له ولأولادهما( احمد وسها) . عاشت سنوات في سعادة لم يعكر صفوها سوي تغير أحواله علي فترات متباعدة يصبح حاد المزاج ،شارد غير عابئ بها ولا بالأولاد ، دائم الخروج ثم بعد فترة تطول احيانا يعود لسابق عهده ،لم تشك في إخلاصه ابدا وتترجم حالته وقتها بالملل من الروتين اليومي ،عندما وضعت شقيقتها بعملية قيصرية كان لزاما عليها وجودها بجوارها لرعايتها ،لم يعترض وهي تخبره بل كان سعيدا ودودا ،واليوم أضطرت للعودة لمنزلها لإحضار بعض الاشياء المهمة و رؤيتهم بعد غياب ثلاثة أيام ،ستعد طعام الغذاء وتقضي معهم بعض الوقت ثم تعود في المساء لشقيقتها، لم تخبره بذلك ولا حتي الأولاد ،ستكون مفاجأة مدهشة عند عودتهم . بينما هي تحدث نفسها رن هاتف الفتاة التي بجوارها ودار الحديث ( حبيبي انا في المترو ،ايوة طبعا وحشتني ) تضحك وتلمع عيونها وتكمل (أنت متأكد ان مراتك مش في البيت ) ،تغير وجه سلوي وهمست في سرها ( قلة ادب ناس قذرة) وصل لسمعها باقي الحوار ( يعني هاتقعد فعلا للسبوع ،طب كلمها دلوقت واتطمن ) . بدأ العرق يتصبب من جبين سلوي وأطرافها ترتعد ( كمان شوية ليه بس يوه مش حكاية ما اقلقش عايزه أبقي قاعدة معاك براحتي ) واطلقت ضحكة عالية ، واكملت ( طب احمد ابنك بيرجع الساعة كام من مدرسته) . دارت الدنيا بسلوي وزاد اضطرابها ورغم ضجيج الثرثرة التي تحوي المكان لم تكن تسمع غير صوت الفتاة كأنه يأتي من حلم ،فجأة دلفت سيدة سمينة بجانبها فصارت ملاصقة لها وهي تبلع ريقها بمرار يكاد يغشي عليها بعد ما امتقع وجهها وهي تحدث نفسها نافيه ماسمعت لابد انه تشابه ظروف ولكن أسم الولد وكلامها عن سبوع مولود، لا استحالة ان يكون زوجها ، وعاد الحوار وهي تحاول ان تتماسك ،( طب ريحني بس واطلبها لحسن تطب علينا ،قول لي قبل ماتقفل أنزل المحطة الجاية والا اللي بعدها ) ثم اردفت بينما سلوي مغيبة مذهولة يكاد قلبها يتوقف ( ياخبر المحطة خلاص جت اطلبها بقي دلوقت علي ماانزل يا فتحي) . كادت سلوي ان تصرخ لولا إندفاع السيدات علي باب النزول وقيام الفتاة مسرعة متجهة إلي الباب فلحقتها منكسرة عندها فتح الباب بينما هاتفها يرن ،رأت زوجها واقفا علي رصيف المحطة وهاتفه علي أذنه والأخري تلوح له بفرح.