أنا والرُّكة سمية عبد المنعم يحكى أنني عندما كنت طفلة رضيعة كنت جزءا مما يسمى بعلم الرُّكة، الذي اشتهر باحتوائه للكثير من الخرافات في الادب الشعبي المصري نعم، فلأنني كنت توءما، وكثيرة النوم ، كان كل من حولي يعتقدون في تحولي ليلا الى قطة أجول في الشوارع والأزقة مع القطط الضالة وزاد من ذلك الاعتقاد أن القطط كانت تتسرب من باب الشقة قاصدة غرفتي وتظل تحوم حول فراشي طوال الليل، وتبوء محاولات أمي في طردها بالفشل الذريع، فكان الجيران يحذرونها من إيذاء تلك القطط لأن روحي تسكن إحداها وقد أموت بإيذائها لا شيء أعرفه في هذا الخصوص أكثر من عشقي للنوم لساعات طوال حتى وقت ليس ببعيد، ولعلني أتذكر حادثا غريبا وقع وأنا في سن المراهقة، عندما تركتني أمي نائمة وخرجت لشراء بعض الاحتياجات، وعندما عادت ظلت تدق الباب دون رد مني، وامتد وقوفها ودق الباب لساعتين، ولاننا كنا نسكن الطابق الارضي، وكان للحجرة نافذة تطل على حديقة خلفية، هرعت أمي وحطمت تلك النافذة تحطيما، وظلت تناديني وتصرخ دون مجيب، عندها دب الرعب بقلبها وأيقنت أنني قد فارقت الحياة، فراحت تصرخ وتنتحب وتقذفني بالحصى علّي أفيق، حتى تدخل الجيران، وراحت النسوة منهم يشاركنها الصراخ والعويل وهن يرون جسدا يرقد على ظهره دون حراك او نفس يلاحظ وتدخل الرجال من الجيران وحطموا باب الشقة، لتهرول أمي نحوي تتخبط في فزعها، وتنكب فوقي لتصغي الى دقات قلبي، فترفع رأسها وتهتف في فرحة: عايشة.. دي نايمة نايمة فيقطب الجيران جباههم في اعتراض داهش، وتمصمص النسوة شفاههن متحسرات على ما أطلقنه من صراخ دون فائدة، مغمغات بصوت لا يكاد يسمع: طب الحمدلله وعندما استيقظت بعدها من تلقاء نفسي، فاجأتني أمي قائلة :انت لسة بتسرحي مع القطط…وقصت على سمعي ما حدث. لكنهم ربما لا يعلمون أنني عشت طوال حياتي ومازلت أخشى القطط وأرى في أعينها شياطين مخبأة تتوعدني.