الرقم القومي هبة البدهلي في الطابور المتناقص ببطء كلما اقتربنا من شباك موظف الأحوال المدنية، أقف ممسكة باستمارة الرقم القومي ،وصورة لبطاقتي القديمة التي أعلنت عن انتهائها منذ شهور حينما ذهبت لشراء حط جديد لهاتفي المحمول والذي يستوعب شريحتين،والذي اشتريته أول أمس بالتقسيط لعلنى أسلي نفسي في أثناء هذا الانتظار الممل سرحت تلقائياً في جميع مشاكلي ،لم أصل لحل لأي منها…زاد شعوري بالملل وامتزج بألم ساقى استأذنت من هما أمامي وخلفي بأن اجلس قليلاً،وتحفظان لي مكاني بينهما فعلت..حاولت التهرب من مشاكلي ففتحت صفحتي على فيس بوك، كل شئ ممل بها ..مكرر إلا أخبار الموتى والمرضى الموتى ..هل تخيلوا يوماً أنهم ميتون في هذه الأوقات تحديداً؟ اظنهم كانوا يقرؤن اخبار موت غيرهم،ويقومون بنعيهم كأن هذا الأمر بعيدا عنهم ..مثلي وضعت المحمول بحقيبتي وجعلت انظر إلى الوجوه،اظن أن وراء كل وجه حكايه،وعينان تتابعان غيرها مثل عيني لعلهم يتابعوني أيضاً تناقص طابور الرجال بنسبة أكبر من تناقص طابور النساء النساء منهن المتزينات،ومنهن غير المهتمات بايضاح جمالهن بشئ من الزينة أو الملابس المنسقة،لا أظن أن المتزينات سعيدات،وغيرهن غير سعيدات،ولااظن العكس أيضاً،لا ادري لعل لكل منهن عادة حينما تخرج من منزلها. وقفت لألحق بمكاني وأترك مجلسي لغيري من المنهكين في سبيل إثبات الذات وصلت اخيرا للشباك فصدمني الموظف بأن هناك غرامة تأخير واجب دفعها وحينما اغرورقت عيناي وعدني بأني حينما أعود لن أقف في الطابور مرة أخرى ،وانما سآتي إليه مباشرة هبطت الدرج ذهاباً للموظف المسؤول عن تحصيل الغرامات ،فعلت ما طلب مني،وصعدت بالإيصال والأوراق آلتي كانت لا تزال بيدي إلي الأعلى،واتجهت إلى الشباك مباشرة،وبعد معاناة في إفهام الأخريات،والاستعانه بالموظف لتوضيح الأمر لهن ،تركنني وهن تنظرن إلى شذرا. بصمت ، وقعت، وختم لي على ورقي ، ووقع وسمح لي بالذهاب إلى الغرفة الأخرى.. غرفة التصوير، وهناك وجدت طوابيرا أخرى غير منسقة وأشخاص يجلسون على الأرض وأربع مقاعد لكبار السن كلها خارج الغرفة،أما داخلها فمكتب وموظف وجهاز كمبيوتر ،وكاميرا لالتقاط الصور للوجوه جميعها المتزينة وغير المتزينة ،الرجال والنساء. تناثر الطابور حيث أن الموظف لا ينادى بذلك الترتيب الذي كان بالغرفة الأولى والذي على أساسه وقف الناس بهذا الطابور. حادثت أبنائي مراراً،ونصحتهم أن يتناولوا غداءهم الذي جهزت لهم قبل حضوري ،فالنهار قارب على الانقضاء. نادى على اسمي أخيراً،فانطلقت وجلست غير قادرة على الابتسام..التقط الصورة على أي حال.. أخذت ورقة بميعاد الاستلام بعد أسبوعين، ذهبت إلى الذي طلبني لإعداد وجبة غداء حيث نفد الطعام الذي أعددت له،ولا يشتهي أكل الجبن والدي حدثت أبنائي كي ينهوا واجباتهم ،ويتناولون عشاءهم ، وإن تأخرت يذهبون إلى أسرتهم في مواعيد نومهم ، فغداء أبي سيكون متأخر0 ، غير أني لابد وأن أرتب له المسكن ،حيث لا يقوي على ذلك، وقد ذهبت أمي إلى عالمها الآخر. انتهيت من كل ذلك وعدت منهكة إلى سريري فاتحة شباكي لنسمة هوائية تجاهد في سبيل إثبات كونها في الغرفة، كما تجاهد النجوم في سبيل وجودها في السماء في هذه الليلة المارقة حتماً في اتجاه العدم..