حالة طوارئ وتزوير انتخابات وتصفية مجانية للاقتصاد الوطني علي مدي ثلاثين عاما مضت أدخلت سياسات الحزب الوطني المنحازة لطبقة الرأسماليين البلاد في نفق مظلم، ولأنه يتجاهل جموع الشعب ولا يري الفقراء ولا يضعهم في حساباته.. جاءت قوانينه وتشريعاته في صف رجال الأعمال وهو ما أوصل معدلات الفقر لدينا إلي 41%، ومعدل البطالة إلي 42.9% في الثلاثة أشهر الأخيرة من عام 2009.. ولأن الحزب الوطني لا يستند في شرعية حكمه علي جموع الفقراء وأبناء مصر ظل طوال سنوات وجوده يحكم معتمدا علي حالة طوارئ دائمة وانتخابات مزورة، وفي الملف الذي تفتحه «الأهالي» وبدءا من هذا العدد يتحدث مفكرون وسياسيون عن رحلة حزب عمل علي تصفية بلد بكامله وبيعه بمؤسساته وقلاعه لصالح جهات لا تري إلا نفسها، جهات لا تحب الشعب ولا يحبها. يري البعض أنه العقبة الرئيسية في طريق تقدم هذا الوطن، وذلك لانفراده بالحكم لأكثر من ثلاثين عاما وارتباط هذه الفترة بانتشار الفساد وانعدام الشفافية وغياب العدالة الاجتماعية وفرض سطوته الأمنية لتكبيل وقمع أي محاولة للتغيير وتراجع الدور المصري علي المستوي العربي والدولي بينما يري آخرون أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان وأن الحزب الوطني قدم كل ما في وسعه في ظل إمكانيات محدودة وقدم إنجازات مشهودة للمصريين. ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية والرئاسية كان لابد من التوقف في محاولة لتقييم أداء الحزب الوطني من خلال تساؤلات عديدة أهمها هل نجح الحزب الوطني وسياساته في تحقيق مطالب القاعدة العريضة؟ وهل نجحت سياساته في الارتقاء بالمواطن المصري والنهوض بالمجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا؟. أهداف ومصالح في البداية أكد عبدالغفار شكر القيادي بحزب التجمع أن سياسات الحزب الوطني تمارس لصالح مجموعة من كبار الرأسماليين في مصر مشيرا إلي القوانين التي يصدرها لصالح رجال الأعمال كتخفيض الضرائب عن الشرائح العليا وإلغاء الجمارك عنها وإعداد قانون العمل بحيث يحق لأصحاب المصانع التحكم في العمال، وتغيير قانون النقابات للسيطرة عليها ومنع العمال من ممارسة الاحتجاجات الطبيعية كل ذلك لتحقيق أهداف ومصالح رجال أعمال الحزب الوطني. واعتبر شكر أن دعم الحزب الوطني لفكرة عدم تداول السلطة واحتكاره للحكم بصفة دائمة هي طريقة لمنع الشعب المصري من الضغط والمطالبة بالتغيير السياسي وبالتالي الاقتصادي والاجتماعي. وعن أثر سياسات الحزب الوطني علي الشعب المصري قال شكر «يكفي متابعة الاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات التي تمت في السنوات الخمس الأخيرة فلدينا أكثر من 2000 احتجاج ومظاهرة واعتصام شارك فيها أكثر من 2 مليون مواطن يطالبون فقط بتوفير ضروريات الحياة لهم من مياه نظيفة ومسكن بسيط وأجر عادل. محاصرة الأحزاب أما عصام العريان عضو مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين قد أكد أن سياسات الحزب الوطني تركز علي ثلاثة محاور.. المحور الأول هو هدم فكرة المؤسسات في البلاد فبعد أن كان لمجلس الشعب دور منذ ثلاثين عاما أصبح دوره الآن هامشيا في الحياة السياسية في مصر، والمحور الثاني تسليم مفتاح البلد لمجموعة من رجال الأعمال وظهور قوانين خادمة لمصالحهم كالخصخصة وبيع الشركات، والثالث في تدمير الحياة السياسية والحزبية بالبلاد عن طريق محاصرة الأحزاب في مقراتها ومنعها من ممارسة نشاطها وتواصلها مع الشعب ووسط الجماهير. وقال العريان «الحزب الوطني أثبت فشله في قيادة البلاد والدليل علي ذلك التعرض اليومي لكوارث كبيرة» مؤكدا أن القيادة الحقيقية تأتي عن طريق انتخابات حرة نزيهة لذلك لن يحصل الحزب الوطني علي أكثر من 20% في حالة الانتخابات الحرة. إيجابيات وسلبيات ومن جانبه قال عمرو هاشم ربيع خبير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن أداء أي حزب سياسي يجب أن يكون نابعا من الإنجازات والسلبيات التي حققها، وبهذا الشكل هناك بعض الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية التي تمت عن طريق الحزب الوطني في الفترة الأخيرة، ولكن هناك الكثير من السلبيات حدثت في هذه الفترة لا يمكن أبدا التجاوز عنها أو المرور عليها مرور الكرام، فعلي الصعيد السياسي هناك انتكاسة التعديلات الدستورية التي قلصت شكليا من صلاحيات رئيس الجمهورية أما موضوعيا فقد زادت بسبب إعطاء الصلاحيات لأشخاص بعينهم رئيس الجمهورية، وهذا أدي إلي حالة من الضعف والترهل الشديد في الحياة السياسية، ومن الناحية الاقتصادية هناك الاحتكار والهيمنة لرجال الأعمال في السوق أما اجتماعيا فالبطالة وعدم العدالة الاجتماعية والاحتجاجات العمالية تؤكد ذلك. وأضاف ربيع أن الحزب الوطني يحاول خلط نفسه بالسلطة التنفيذية فهو بدون رئيس الجمهورية حزب لا يساوي شيئا قائلا الحزب الوطني يأخذ سلطته من الإدارة ورئيس الجمهورية والدليل علي ذلك عند سفر جمال مبارك مع والده إلي ألمانيا لم يحضر أحد في اجتماع لجنة السياسات. جماعة مصالح حمدين صباحي عضو مجلس الشعب له رأي مختلف حيث أكد أن الحزب الوطني هو أقرب إلي فكرة جماعة المصالح عن الحزب لأن المسيطر علي القرار بالحزب الوطني هم جماعة مصالح اقتصادية مرتبطة بفكرة تحرير السوق والنظام الرأسمالي وما يترتب عليه من آثار اجتماعية. مضيفا أن سياسة الحزب الوطني ترتكز علي العلاقة غير الشرعية بين السلطة والرأسمالية الأمر الذي أدي إلي هذا الفساد المتنامي في البلد. وأضاف صباحي أن من النتائج الملموسة لسياسات الحزب الوطني هو فقر متزايد لدي أغلبية المصريين وغني متفاقم عند قلة من أصحاب المصالح الذين يمثلون السلطة الرئيسية بالحزب والحكومة معا. توتر اجتماعي ويري منير فخري عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد أن سياسات الحزب الوطني المنحازة لرجال الأعمال والمستثمرين الأمر الذي أدي إلي ازدياد الفقراء فقرا والأغنياء غني. ويضيف عبدالنور أن سياسات الحزب الوطني قد تكون سليمة ومستندة إلي توجه أيديولوجي معين إنما في النهاية هي مجموعة من السياسات العرجاء لعدم اكتمالها بسياسات اجتماعية تهتم بالطبقات الأفقر والمهمشة. وأكد سكرتير عام حزب الوفد أن رد فعل الشعب المصري تجاه الحزب الوطني يظهر بالاحتجاجات والإضرابات اليومية التي يمكن وصفها بالتوتر الاجتماعي وبالتالي أصبح هناك فقدان الثقة بين رجل الشارع والحزب الوطني وسياساته وأصبح المواطن يرفض الحزب بكل ما فيه نظرا لعجزه عن تحقيق أبسط مباديء العدالة الاجتماعية وأبسط احتياجات المواطن من تعليم وصحة ورعاية اجتماعية. وقالت جميلة إسماعيل عضو حركة «مصريات مع التغير» أن أعضاء الحزب الوطني بمجلس الشعب برغم اختلاف دوائرهم وتنوع مشاكلهم إلا أنهم جميعا اجتمعوا تحت قيادة أمين التنظيم بالحزب لدعم مجموعة صغيرة من رجال الأعمال والمستثمرين بالحزب الوطني عن طريق سياساته التي تدعم الفكر الرأسمالي ضد الطبقات الفقيرة.