محافظ المنيا: افتتاح 10 منافذ لبيع اللحوم بأسعار مخفضة قريبا    تحليل الاقتصاد برؤية إصلاحية    أبو عبيدة: وضع الأسرى الإسرائيليين بقطاع غزة في غاية الصعوبة    فرانكفورت يخطط لتحصين مرموش بعقد خرافي    مستشار وزير التربية والتعليم تثني على تنظيم بطولة الجمهورية للشطرنج بالغربية (فيديو)    المستشار محمود فوزي: فتح باب وزارة الشؤون النيابية أمام جميع أعضاء البرلمان    وزير الإسكان: مصر مستعدة لنقل خبراتها بمجال التنمية العمرانية بالعراق    ما الفرق بين شبكات الجيل الرابع 4G والخامس 5G للاتصالات؟    جامعة أسيوط تعقد ورشة عمل فنية لذوي الهمم ضمن مبادرة بداية    تصريح جديد من حكومة الاحتلال حول اغتيال هاشم صفي الدين.. ماذا قالت؟    حُماة الوطن يُنفذ مبادرة لسداد المصروفات الدراسية لغير القادرين ببني سويف    الصفحة الرسمية لمنتخب مصر تتغنى بتريزيجيه: "الفتى الذهبى"    إحباط محاولة غسل 80 مليون جنيه حصيلة التجارة في النقد الأجنبى بالقاهرة    "عشان يكسب فلوس".. حبس المتهم بتزوير المستندات الرسمية بعين شمس    غدا.. الجنايات تستكمل محاكمة متهمي تهكير مواقع التواصل الاجتماعي    "كان متدين وأصدقاء السوء ضيعوه".. الجنايات تكشف سر تحول حياة سفاح التجمع    وزارة الزراعة تنفى إغلاق حديقة الزهرية بالزمالك وتؤكد: مفتوحة أمام الجمهور    وصف ب"الأسوأ".. "Joker: Folie a Deux" يحتل صدارة شباك التذاكر الأمريكي والعالمي    الهلال الأحمر الفلسطيني: 34 من طواقمنا استشهدوا في الحرب الإسرائيلية    بمشاركة هنا الزاهد وانجي كيوان.. سلمى أبو ضيف تنشر صورها من مباراة دوري كرة السلة الأمريكي بأبو ظبي    الأزهر للفتوى: الإنفاق في الخير لا يشمل المال بل النية والعاطفة    تأمين شامل للمصريين في 2030.. ماذا قال وزير الصحة أمام البرلمان؟    مصدر ليلا كورة: قرعة الدوري الجديد ستقام قبل انطلاقه ب10 أيام    «النواب» يوافق على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي    فيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف محيط مطار بيروت    القوات الأوكرانية: وقوع إصابات بجانب المطار العسكري في ستاروكونستانتينوف    "بسيوني" يتقدم بأوراق ترشحه لانتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين بالإسكندرية    هددها بنشر صور فاضحة.. السجن 5 سنوات لسائق حاول استدراج سيدة لعلاقة آثمة بالشرقية    رغم أنهم طيبون.. 3 أبراج يتم الحكم على نواياها بشكل خاطئ في العمل    افتتاح معرض «إرادة شعب» في متحف الحضارة لتخليد ذكرى انتصارات أكتوبر    وزارة الثقافة تطلق أسبوعا مكثفا للشباب بسوهاج ضمن مبادرة «بداية»    مؤاسل «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تستعد لتنفيذ عملية برية جديدة في لبنان    منها توطين 23 صناعة جديدة.. أهم إنجازات "ابدأ"    «الرعاية الصحية» تعلن نجاح جراحتين لزراعة القوقعة في مجمع الإسماعيلية الطبي    محافظ أسيوط يتفقد وحدة الفيروسات الكبدية والمركز الصحي الحضري بمديرية الصحة    وزير الصحة: تطوير مستشفى «هرمل» بالشراكة مع معهد الأورام «جوستاف روسى»    السبب غامض.. سقوط طالبة من الطابق الثالث لمدرسة ثانوية في قنا    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    جامعة عين شمس تنظم احتفالية كبيرة بمناسبة الذكرى 51 لانتصارات أكتوبر    انتشال جثة طفل غرق في ترعة النوبارية بالبحيرة    مرشح "الأوقاف" في مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم يُبهر المشاركين والمحكمين    تقنية «mRNA» تقود العالمين فيكتور وروفكون للفوز بجائزة نوبل للطب بعام 2024    بوكا جونيورز ينهي مسلسل هزائمه في الدوري الأرجنتيني    8 مطربين لبنانيين يجمدون حفلاتهم بسبب أحداث بيروت (تقرير)    رئيس جامعة النيل يهنئ الرئيس السيسي بالذكرى 51 لنصر أكتوبر المجيد    سيد معوض: الكرة المصرية تعاني من أزمة في الظهير الأيسر    وزير الشباب والرياضة يبحث الفرص الاستثمارية وتسريع وتيرة تطوير الإنشاءات    الإنجليزى أوفى إيجاريا يصل اليوم للخضوع للاختبار فى الزمالك    عام على غزة.. 10 آلاف مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج بعد تدمير المستشفى الوحيد    وزير الصحة: نطور أدائنا حتى لا ينتقص حق المواطن المصري من خدمات صحية    "هو انت تستحق؟".. الغندور يفجر مفاجأة اعتراف إمام عاشور ل كولر    باكستان: مقتل 3 أجانب وإصابة آخرين بانفجار قرب مطار كراتشي    البرلمان يحيل 19 اتفاقية دولية إلى اللجان النوعية المختصة    كيف رد الشيخ الشعراوي على شكوك الملحدين في وجود الله؟.. إجابات تزيل الحيرة    بمستهل تعاملات الأسبوع.. سعر الذهب فى مصر يتراجع 5 جنيهات    أشرف سنجر: مصر تدافع عن شعب أعزل سواء الفلسطيني أو اللبناني    الدكتور حسام موافي ينتقد الإسراف في حفلات الزفاف: "ستُسألون عن النعيم"    «الإفتاء» توضح طريقة الصلاة الصحيحة لمن يسهو في الركعات بسبب المرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشرف بيدس يكتب:ماجدة حياة داخل الشاشة
نشر في الأهالي يوم 17 - 01 - 2020

لا يموت سوي الموتي.. نحتت ماجدة اسمها الكبير من فتات الادوار في البدايات, ولم تجد الأرض مفروشة بالورود, كان طريقا صعبا استطاعت أن تمشيه بصبر وجلد ووعي ومن دون ارتكان للظروف, وثقت في قدراتها التمثيلية وموهبتها وسخرت امكاناتها للصعود فوقا وسط ممن كانت تشاركهن في أدوار صغيرة, لذا كان انتقالها من الصفوف الثانية حتميا لتأخذ هذه الموهبة ما تستحقه من أدوار وبطولات, ولأنها لم تخلق نجمة حافظت علي مكتسباتها التي كانت تحصل عليها من دور إلي دور آخر, ولم نشهد مرة واحدة عن أي تنازل فني أو مادي امتثلت له لتواكب الموجات التي كانت تلاقيها في مسيرتها الفنية.
ماجدة.. اسم عريق من بين نجمات الجيل الذهبي في زمن فائت, لكنه مازال في وجدان الجماهير المصرية والعربية بأعماله الخالدة والكلاسيكية والتي مثلت ارث السينما في المنطقة بأكملها, وكذلك دروسا مجانية في التمثيل لعدة اجيال ممن شغفن بفن التمثيل. وليس من قبيل المبالغة عندما نقول بأن اسهام ماجدة/ المنتجة كان له أبلغ الأثر في نهوض المرأة المصرية, والمطالبة بحقوقها دون نقصان أو سلطة فوقية تعمق اخضاعها للتقاليد البالية.
كان واضحا منذ بدايتها أنها تسلك طريقا خاصا بها, لا تغالي أو تبتكر أو تتعمد احداث الجلبة حول تصريحاتها, حتي عندما كتبت مذكراتها خلت من الفضائح والأسرار, كانت حياتها الخاصة علي جانب أخر من الاضواء التي عاشت في ظلالها كممثلة ومنتجة. وربما هذا يوضح لماذا لم تأخذ ماجدة ما تستحقه من تكريم رغم ما قدمته, أغلب الظن أن ماجدة لم تؤمن بالشلالية أو الاستعانة بمستشارين وكان لديها من الامكانات ما يجعلها تفعل أكثر من ذلك, لكنها اثرت العمل والبحث عن الجديد, ولم يشغل بالها اولويات الترتيب والتنصيب.. وتقول “لن تجدوني راضية عن نفسي لأني دائما أطمع في المزيد, وحصيلتي التي اعتمد عليها في طموحي ليست الكبرياء ولا مجرد دعايات, إنما هي ثقتي في نفسي وإيماني بقدراتي الفنية وشجاعتي واحترامي الدائم لجمهوري واعتمادي علي الله سبحانه وتعالي”.
اتسمت ماجدة بالجرأة ليس لأنها دخلت مجال الانتاج السينمائي, وإنما لقدومها في طرح موضوعات جديدة تهم المرأة المصرية بشكل خاص والمرأة العربية بشكل عام, وفضحت المسكوت عنه عندما دقت ناقوس الخطر لتلك القضايا المهمة, فهي بحق نموذج مشرف للفنان الطموح الذي سعي لتحريك المياه الاسنة, وكانت في موضع يسمح للاخرين بعرض الأفكار دون تكبد مشقة الانتاج ومشاكله, لكن روح الاصرار هي من دعتها لتسلك الاصعب دون الاسترخاء, وكان يحق لها أن تفعل ذلك.
ماجدة قصة حياة لم تختلف كثيرا عن تلك التي الحكايات التي جسدتها في السينما, ربما يكون الاختلاف الوحيد أنها بلا متبلات اصطناعية, او مبالغات, حملت كثير من الاحزان وكثير من الأفراح والانتصارات وتماثلت مع الواقع واقتربت منه, لكنها فريدة واستثنائية لفنانة أتت لتقول كلمتها وتنوب عن الاخريات في الدفاع عن حقوقهن المشروعة, وتبقي شريطا سينمائيا لن يفني بمرور الزمن.. وعلي حد وصفها “أن حياتي كانت من خلال حجرة من الزجاج لا تخفي شيئا”.
في حديث مع الاذاعية امينة صبري في برنامج “حديث الذكريات” قالت عفاف على كامل الصباحى وهو اسمها الحقيقي (4 مايو 1931 – 16 يناير 2020) أنها ولدت في طنطا, ونشأت في حي السكاكيني, لديها اخت (عايدة) وشقيقين (توفيق – مصطفي), التحقت بمدرسة جابيز بجادرن سيتي القسم الداخلي بعد انفصال والديها, ومنها التحقت بمدرسة الراهبات حتي الثالثة عشرة من عمرها, ساقتها المصادفة للتعرف علي عالم السينما, عندما قامت صديقتيها اليونانيتين (كاليوبي وفورتيني) بالذهاب إلي إحدي الاستوديوهات بغرض المشاهدة شغفا بالنجوم, امثتلت ماجدة لرغبة الصديقتين وذهبوا إلي الاستوديو ومن دون أن يكون لديها حلم العمل به, وتكاد الصدفة تتحول إلي واقع عندما يتم الاستعانة بهن كومبارسات, ثم تتعرف بعد ذلك علي ابنة شقيقة (سابو) السينمائي المجري الذي كان يملك استوديو شبرا, وتيسر الظروف فرصة أخري للذهاب للاستوديو من خلال صداقة نشأت بينها وبين ابنة الشقيقة, تطورت حتي دعتها إلي الذهاب للاستوديو.
وهناك رآها صاحب الاستوديو واقنعها بعمل test لها وبعد الحاح وافقت وكان ذلك دون علم العائلة الصارمة المحافظة, ووقعت أول عقد بمائة وخمسين جنيها, وكان لزاما تغيير الاسم حتي لا يفطن الأهل للامر, وشاركت في أول أفلامها “الناصح” إخراج سيف الدين شوكت 1949 أمام اسماعيل يس وفريد شوقي, وبعد انتهاء الفيلم وصل الخبر للاهل باشتغالها في السينما, وقامت الدنيا ولم تقعد, وطالبوا المنتج بعدم عرض الفيلم, لكن والدتها وقفت بجوارها ودعمتها وتم تهدئة الاجواء الملتهبة, لكن اعقب ذلك قائمة من الممنوعات وضعتها الأسرة أمام كل عمل جديد, والغريب أن هذه الممنوعات ظلت مصاحبة لها طوال مشوارها الفني, فقد كانت دائما تحت وصاية الاهل, وهو عكس ما أفلامها التي نادت بالتحرر من القيود.
بعد فيلمها الأول توالت عليها الأعمال, ففي عام 1950 تقدم الافلام الكوميدية الخفيفة (ليلة الدخلة- حبايبي كتير- فلفل- سيبوني أغني), تعقبها بأربعة أفلام أخري في 1951( انا بنت ناس- القافلة تسير- طيش الشباب- ليلة غرام) وقد غلب علي أدوارها في هذه الافلام دور البنت المسكينة المغلوبة علي أمرها, ثم يأتي عام 1952 لتكون الثورة فتحت خير وتقدم 6 أعمال (انا وحدي- مصطفي كامل- لحن الخلود أمام فريد الاطرش- انتصار الاسلام- الايمان- البيت السعيد), وفي عام 1953 وقع اختيار انور وجدي لها لتمثل أمامه فيلم (دهب) واعقبته بأفلام (بلال- في شرع مين- ماليش حد- حكم الزمان- بائعة الخبز) وتنوعت بين الدراما الاجتماعية والدينية والكوميدية, وفي عم 1954 يختارها فطين عبد الوهاب لتقف مرة اخري أمام اسماعيل يس في فيلم (الانسة حنفي) وتقدم بعده 3 أعمال (مرت الايام- قرية العشاق- الظلم حرام) أما في عام 1955 قدمت (الميعاد- اماني العمر أمام سعد عبد الوهاب- في سبيل الحب- دعوني اعيش- الله معنا – فجر), ويشهد عام 1956 باكورة انتاجها (اين عمري) أمام زكي رستم, ثم تقدم فيلما من انتاج يحيي شاهين (الغريب) وتعقبه ب (ارضنا الخضراء- كفاية يا عين) وفي نهاية العام تلتقي مع عبد الحليم حافظ في فيلم (بنات اليوم).
يأتي عام 1957 ليشهد أربعة أفلام ( نساء في حياتي- عشاق الحياة- نهاية حب- الجريمة والعقاب), وفي عام 1958 تلتقي مع عمر الشريف في فيلم (شاطي الاسرار), وتقوم في هذا العام بتقديم انتاجها السينمائي الثاني (جميلة) أمام احمد مظهر , وقد لقي الفيلم حفاوة كبيرة وقام باخراجه يوسف شاهين, ثم تلتقي مع عماد حمدي في (مع الايام), وفي عام 1959 تقدم (من اجل حبي) في لقائها الثاني مع فريد الاطرش, أما في عام 1960 يتم التعاون مرة أخري مع يوسف شاهين وأمام شكري سرحان في (بين ايديك), ويبدو أن هذا العام كان مميزا حيث تقدم فيلمها الاشهر (المراهقات) أمام الدنجون رشدي اباظة وهو من انتاجها, وتختتم العام بفيلم (قيس وليلي), وفي عام 1962 تقدم أمام محمود رضا الفيلم الاستعراضي (اجازة نص السنة), ثم (دنيا البنات), وتختتم العام بفيلم من انتاج شقيقها توفيق الصباحي عن قصة تحمل عنوان “جين اير” للمؤلفة شارلوت برونتي, وفي عام 1963 تقدم دور جديد لم يسبق لها أن جسدته وهو دور “نعيمة” في فيلم (بائعة الجرايد), ثم تقدم زوجها ايهاب نافع في (الحقيقة العارية) والتي صورت من خلال احداثه العمل في السد العالي, واخيرا (قصة ممنوعة).
في عام 1964 تشارك ايهاب نافع فيلمهما الثاني (هجرة الرسول), وفي عام 1966 يأتي فيلمها الوطني (ثورة اليمن) أمام حسن يوسف, وتعقبه بفيلم (من احب), وفي عام 1967 يشاركها رشدي اباظة فيلم (القبلة الأخيرة) والذي يعد محاكاة لاحداث جرت بالفعل في الواقع وكانت شخوصها (فاتن حمامة- عمر الشريف- عز الدين ذوالفقار), وفي العام التالي كان (حواء علي الطريق) أيضا امام رشدي اباظة, ثم تقدم قصة فتحي غانم (الرجل الذي فقد ظله) بمشاركة كمال الشناوي وصلاح ذوالفقار وعماد حمدي, وتعود مرة أخري في 1970 لتعمل مع رشدي اباظة في (زوجة لخمسة رجال), كما يشاركها في فيلم (السراب) أمام نور الشريف في أول بطولة حقيقية له, عن قصة نجيب محفوظ, ثم تقدم في 1972 رواية (انف وثلاث عيون) لاحسان عبد القدوس, ويشاركها البطولة محمود يس ونجلاء فتحي وميرفت امين, وفي عام 1977 تقدم قصة يوسف أدريس (النداهة), وفي عام 1977 أمام سمير صبري تقدم (جنس ناعم), وكل هذه الاعمال من انتاجها اضافة لفيلم (العمر لحظة) التي انتجته في عام 1978 عن حرب اكتوبر , والقصة ليوسف السباعي, أما آخر عملين فكانا من انتاج التليفزيون وهما (عندما يتكلم الصمت)1988, و(ونسيت اني امرأة) 1994 وشاركت معها في الفيلم ابنتها غادة, في عام 1982 ظهرت كضيفة شرف بشخصيتها الحقيقية في فيلم (حدوتة مصرية).
تعاملت ماجدة مع رواد الاخراج في مصر بدءأ من احمد بدرخان, بركات, ابراهيم عمارة, حسن الامام, احمد ضياء الدين, حسن الصيفي, فطين عبدالوهاب, يوسف شاهين, محمود ذوالفقار, ابراهيم عمارة, كمال الشيخ, انور الشناوي, حسين كمال, محمد عبد العزيز, محمد راضي, كريم ضياء الدين, واخيرا عاطف سالم. لم تقف ماجدة علي خشبة المسرح, لكنها قدمت للاذاعة 5 أعمال (الكلمة الاخيرة- اعلنت عليك الحب- العمر لحظة- الحياة قصيرة قصيرة- في سبيل الحرية). ساعدت ماجدة كثير من الوجوه الجديدة في الافلام التي قامت بانتاجها, فهي من قدمت نور الشريف في فيلم (السراب), وكذلك محمد خيري في فيلم (العمر لحظة). وزيزي مصطفي وجلال عيسي, وماجدة حمادة والعديد من الفنانين الذين صاروا نجوما فيما بعد.
عاشت ماجدة فترة المراهقة علي الشاشة, وكذلك شبابها ونضوجها, ولم يتسع لها الوقت أن تعيش مثل الاخريات, ربما هذا ما دفعها أن تكمل تلك الاشياء الناقصة من خلال الأدوار التي تصدت لها, حيث قامت بتأسيس شركة أفلام ماجدة في سن الثامنة عشرة, وهي سن صغيرة لادارة كيان كبير يحتوي علي مهام صعبة وكثيرة تحتاج – علي حد قولها- لعضلات, وليس لفتاة لم تكمل عقدها الثاني, لم تترك نفسها علي رصيف انتظار الأعمال الجيدة والأفكار الملهمة, خصوصا أنها كان لديها مواصفات معينة وشروط خاصة لم تكن بأي حال متاحة وأن صادفت وأتي بعضها مطابقا لما تريده, فلن يكون التكرار سهلا في المرات القادمة, فأرتأت أن تبادر هي بالأمر من خلال شركتها.
قامت بتألف واخراج وتمثيل فيلم “من أحب” عام 1966, وهو الأمر الذي يثبت الي مدي كانت تتصف ماجدة بالجرأة والشجاعة, وهو أمر لم يقترب منه أحد من نجمات السينما, بصرف النظر عن نجاح التجربة من عدمها, كما أنها قدمت أغنية للاطفال (قطة ستو) وقامت أيضا بالغناء في فيلم “بائعة الجرائد”, فمن خلال 74 عملا سينمائيا قامت ماجدة بانتاج اعمال عديدة مثلت في معظمها علامات بارزة في تاريخ السينما, اختير منهما فيلمان في قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما (جميلة بوحيرد- اين عمري), أما بقية الأفلام هي (نوع من النساء1979 , العمر لحظة 1978, جنس ناعم 1977, النداهة 1975 , السراب1970 , زوجة لخمسة رجال1970 , مِن عظماء الإسلام1970 , المراهقات 1960) من أحب 1966 , هجرة الرسول 1964 , الناس اللي تحت1960 , جميلة 1958, أين عمري -1956 )..
كتب كمال رمزي : “«أين عمرى»، فتح الطريق أمام تيارات مختلفة، أنعشت السينما المصرية، فلأول مرة يجرى الالتفات إلى روايات إحسان عبدالقدوس، الذى أصبح إحدى أيقونات عالم الأطياف، متجاوزا، من الناحية الكمية، عدد الأفلام المعتمدة على أعمال نجيب محفوظ.. صحيح، ظهر اسم إحسان عبدالقدوس، على الشاشة الفضية، فى «الله معنا» لأحمد بدرخان 1955، قبل عام واحد من عرض «أين عمرى»، لكن «الله معنا»، اعتمد أصلا على تحقيقات صحفية قام بها إحسان، فى بداية الخمسينيات، ونشرها فى «روزاليوسف».. هنا، من الإنصاف ذكر اسم «ماجدة» التى قررت، بعقل يقظ وإحساس سليم، أن تكون رواية «أين عمرى» باكورة إنتاج شركتها، وهى تستكمل اختيارها الموفق بإسناد كتابة السيناريو لواحد من الأساتذة الكبار، ذوى المكانة الرفيعة، على الزرقانى.. وقام مخرجها الأثير، أحمد ضياء الدين، الذى أنجز معها سبعة أفلام، بتحقيق الفيلم”.
عاشت ماجدة قصص بنات جيلها وحكايات نساء زمانها من خلال الشريط السينمائي, محاولة بدأب واصرار أن ترصد عذاباتهن وافراحهن, ولم تلجأ يوما لاستيراد أفكار ونماذج غريبة عن واقعها, فكل شخوصها تنبض بالمصرية سواء كانت البنت الفقيرة المغلوبة علي أمرها, أو الحالمة بتغيير واقعها للافضل, أو الطموحة التي تحطم كل العوائق من طريقها, ثم كانت النقلة الأخري والتي جسدت فيها معاناة المرأة الناضجة بكل هزائمها الداخلية وصرخاتها الصامتة, واستطاعت من خلال مسيرة حافلة وجديرة بالاحترام أن تحظي بخصوصية متفردة سواء في الدفاع عن عروبتها وقوميتها أو من خلال عقيدتها, وشهددت لها أفلامها التي انتجتها شركتها, أو من خلال الأخرين أن مشروعها الفني كان يتم التخطيط له بشكل متوازيا مع تجربتها الفنية وقدراتها التمثيلية, وأن أعمالها كانت قريبة الصلة بما يجري علي أرض الواقع.
أن اصرارها وعنادها الفني لم يفقدها رقتها الطبيعية الذائبة في البراءة والتلقائية, والتي جعلت منها حالة خاصة لا تشبه أحد ولا أحد يشبهها, ورغم ذلك ظلت صفة التمرد للتغيير سمة اساسية في مشوارها الفني الذي يتصف بالكيف والتميز, حتي عندما يأتي وقت الانسحاب من الاضواء كان الأمر أيضا مخططا له, ولم تنتظر أن تضيق عليها بقع الضوء, فظلت دائما تحيطها اجواء الشهرة حتي وأن اختفت عن الانظار..
حصلت ماجدة علي العديد من الجوائز والتكريمات, ومثلت مصر في معظم المهرجانات العالمية واسابيع الافلام الدولية واختيرت كعضو لجنة السينما بالمجالس القومية المتخصصة, ونائب رئيس غرفة صناعة السينما عام 1970, ومقررة لجنة السينما والاذاعة والتليفزيون بأمانة الحزب الوني, ورئيس جمعية السينمائيات المصريات عام 1989, بالاضافة إلي مشاركتها في مهرجانات نيودلهي وموسكو وطشقند وتشيكوسلوفاكيا, حصلت على العديد من الجوائز من مهرجانات دمشق الدولي وبرلين (فيلم أين عمري) وفينيسيا الدولي (الحقيقة العارية) وفي مهرجان موسكو (جميلة بوحريد) وفي مهرجان اسيا وافريقيا (فيلم قيس وليلي) ومن تشيكوسلوفاكيا (ارضنا الخضراء), كما حصلت على جائزة وزارة الثقافة والإرشاد, كرمتها رابطة المرأة والاسرة في فيينا في 2005, تزوجت عام 1963 من الفنان ايهاب نافع الذي انجبت منه ابنتها غادة.
مع رحيل ماجدة تسقط ورقة من شجرة الابداع لجيل من الملهمات الرائعات اللائي اثروا حياتنا الفنية باعمالهم العظيمة, وفي جدارية السينما يضيء اسم ماجدة كممثلة ومنتجة وانسانة احترمت نفسها واحترمت فنها, فاحترمها الناس احتراما كبيرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.