ما بين قتل النفس ومرارة الألم وبين الخذلان والضعف والاكتئاب، يقبل العديد من الناس على التخلص من حياتهم، نتيجة ضغوط نفسية واجتماعية واقتصادية، حيث زادت في الآونة ظاهرة الانتحار، خاصة بعد أن القى طالب كلية الهندسة نفسه من أعلى برج القاهرة وإلقاء طالبة الصيدلة نفسها في النيل، الأمر الذي أثار الذعر على مواقع التواصل الاجتماعي، وانقسمت القضية بين التكفير والتعاطف، بينما فعل العديد من أطباء النفس هشتاج بعنوان “#أنت مش لوحدك، من فضلك تحدث معي” عبر صفحتهم الشخصية داعين الرواد التواصل معهم” بهدف المعالجة والتهوين عن النفس. حيث أكد الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي ومستشار رئيس الجمهورية للصحة النفسية والتوافق المجتمعي، أن المرض النفسي مرض عضوي مركزه المخ، وأن كل الأمراض النفسية ناجمة عن عدم انتظام الدوائر العصبية في المخ، لافتًا إلى أن كل العلاجات تتجه في الوقت الراهن إلى تنظيم هذا الخلل العصبي، داعيًا إلى ضرورة زيادة الوعي لدى الناس خاصة الشباب بتشخيض المرض النفسي، ووجود العلاج المناسب حاليًا لكل الأمراض النفسية حتى أن هناك علاجا مخصصا لكل حالة على حدة، مشيرًا إلى أن إهمال علاج الأمراض النفسية قد يؤدي إلى تدهور في الشخصية ويحدث نتائج سلبية. وقال الخبير النفسي محمد حسن، إن هناك فرقًا كبيرًا بين الاكتئاب كمرض والاكتئاب كحاله او دور، مؤكدًا أن الاكتئاب ينقسم إلى نوعين، النوع الأول هو مرض عضوي مثل الأمراض الأخرى له علاقة بنسب الكيمياء والهرمونات في جسم الانسان المسئوله عن تحسين المزاج، أما النوع التاني فله فتره معينه طويلة نسبيا لكن مهما طالت فهي مؤقته و مرتبطه بالحاله النفسية للمريض. وأضاف، هناك حالة توهم بالاكتئاب وهي اشبه بوقوع الشخص تحت سحر اعراض مرض الاكتئاب ولانه في اعتقاده يضيف له نوعا من الغموض والاثارة ويشعره بأنه شخص مختلف ومهم، وتصنيف الحالات لقائمة الاضطرابات فان أغلب المصابين بها في فتره المراهقه وفي مقالة من مقالات ال.apa. اشار إلى ان بعض الحالات تُوهم الاكتئاب كان المضطربون يمارسون سلوكيات يأزوا بها أنفسهم مثل ال. cutting ويبقي هدفه لفت الانتباه كأنهم بيقولوا للعالم “احنا هنا انهم محتاجين اهتمام اكبر و رعاية”. وأشار حسن، إلى أن تلك الحالات بحاجه لعلاج ليس من الاكتئاب ولكن من الوهم، إلى جانب الذكاء في المعاملة من المعالج نفسه، مؤكدا أن فقد الثقة يجعله يزداد عندا ويتمسك بحالته، موضحًا أن بناء ثقة وقيام علاقة قوية بين المعالج والحالة هي أول الحلول والخروج من الأزمة، ثم بعد ذلك يقوم بتغيير افكاره عن طريق العلاج المعرفي وخلق دوافع جديده واهداف جديدة وسحب المريض من الوهم بهدوء لحياة صحية. وأوضح أن خذلان الحياة سببًا كافيًا للتفكير في الانتحار، فالخذلان لا يتوقف عند الحب، مهما كانت قوته فالمشكلة ليست دائمًا في الحب فلو كانت حياتنا رائعة لما تعبتنا قلوبنا من الحب، في التفكير في الانتحار بسبب علاقة انتهت رغمًا عنك أمر صعب، ولكن خذلان الحياة يقودنا احيانًا للتفكير، فتحطم الاحلام، وعدم القدرة على التمني، الأمنيات التي تمنيناها ثم اكتشفنا انها تنزلق من بين ايدينا، ان يحاولوا تحطيمك اولئك الذين ومن المفترض ان يكونوا مصدر طاقة وقوة لك، ان تجد من يسخر من حزنك وإكتئابك ويتهمك بالتعاسة في الوقت الذي كنت تظن انه اول من سيبقى بجوارك ويتفهم اسباب حزنك، ان تبكي وحدك لانك لا تملك صديق واحد تستطيع البكاء امامه بلا مناسبة رغم كثرة معارفك، ان يتخلى عنك الجميع في وقت كنت تحتاج من يربت على كتفيك. وتابع، أن هناك حالات عدة عندما تظهر على الانسان عليه وأن يلجأ للطبيب النفسي، منها: الأحساس بالسلبية مثل العجز والحزن واستمراره لفترة طويلة، استمرار المزيد من الجهد في حل المشاكل دون نتائج، عدم القدرة على تنفيذ المهام الحياتية التي نواجهها يوميًا، القلق والتفكير المستمر، عندما تأذيك تصروفاتك تأذي من حولك. وحذر الخبير النفسي، من مشاهدة فيديوهات الانتحار أو التحدث في تفاصيل القضية الأمر الذي يؤثر بالسلب على الأخرين، إلى جانب تشجيعه على الانتحار، خاصة أن هناك دراسات كشفت عن ظاهرة copycat suicide أو محاكاة الانتحار_وهى حدوث حالات انتحار خاصة بين الشباب و المراهقين بعد انتحار شخصية شهيرة أو تناول الميديا بكثافة و تفاصيل لحادث انتحار. وشدد محمد حسن، على ضرورة أن يتولى الإعلام المسموع والمرئي مسئولية التوعية، إلى جانب التربية السلمية والابتعاد عن التعصب والتشدد في التعامل والاحتواء، بالإضافة لتجنب المشاجرة أمام الأبناء وهو الأمر الذي يؤثر عليهم بالسلب منذ الصغر ويصعب معالجته، علاة على تحسين الصورة الذهنية عن الطبيب النفسي الذي أظهرته السينما والدراما بانه مختل عقليا الأمر الذي يخلق الرهبة والخوف لدي الكثيرين الذين المرضي في اتخاذ خطوة من شأنها معالجة أنفسهم. وقال محمد حبيب الباحث في علاج السلوكيات المتطرفة باستخدام التنمية البشرية، أن هناك أسباب ناتجة من الضغوط العائلية والمعاملة السيئة والتفرقة بين شخص وآخر في المعاملة داخل العائلة أو الظلم الجماعي من زوجة الأب مثلًا أو أي فرد آخر في العائلة، أو من خارج العائلة، وقد تكون نتيجة أسباب تتعلق بالوحدة أو المرض الميؤوس من شفائه، وقد تكون نتيجة الرفاهية الزائدة جدًا، وكذلك هناك أسباب تتعلق بارتكاب خطيئة ينكرها المجتمع كالاختلاس أو الفواحش فيُقدم الشخص المذنب على الانتحار خوفًا من اللوم والمواجهة، وغيرها من الأسباب. وطالب بضرورة مواجهة حالات التفكير في الانتحار بعدة وسائل منها: تأسيس شبكة اجتماعية ونفسية قوية ترد على استفسارات القلقين والمكتئبين والذين يفكرون في الانتحار، مع الاهتمام بالترابط الأسرى واحتواء المشاكل أولًا بأول، وتشجيع الفضفضة مع المرضى النفسيين وعد احتقارهم أو نبذهم في المجتمع.