يعد الاكتئاب من الأمراض الخطيرة التي لا ينتبه إليها كثيرون، فبحسب منظمة الصحة العالمية يصيب الاكتئاب 121 مليون شخص حول العالم سنوياً، ويصيب من 15 إلي 25 ٪ من النساء، ومن 10 إلي 15٪ من الرجال، حول ذلك قررت مجموعة من الفتيات من خريجي إعلام الجامعة الأمريكية الاهتمام بمرض الاكتئاب والتوعية به حتي يجدن حلولا مختلفة لعلاجه من خلال مبادرة اكسر سجنك التي تساعد علي تجاوز مرض الاكتئاب وفتح باب الفضفضة لهن لكسر حاجز الصمت والخوف من المرض وتجاوزه. لا تقتصر أعراض الاكتئاب علي الأعراض النفسية فقط كالشعور بالحزن أو الضيق والتوتر والمزاج السيئ والعصبية بل يتجاوز ذلك أنه قد يعرض الإنسان للإصابة ببعض الأمراض الخطيرة كالأمراض القلبية، والخطورة في مرض الاكتئاب تكمن في التأخر في العلاج لأنه قد يصل بالمريض إلي الانتحار، في ظل خطورة مرض الاكتئاب، وما يعانيه مرضي الاكتئاب اختارت مجموعة من الفتيات هن لما إسماعيل، ونور باشا وزينة مصطفي وسلمي معوض وميلسيا إسكندر الاكتئاب ليكون محور مشروع تخرجهن بإعلام الجامعة الأمريكية بمبادرة تستهدف علاج الاكتئاب بعنوان " اكسر سجنك ". تقول زينة: "من خلال البحوث اكتشفنا أن الاكتئاب أصبح مرض العصر فهو منتشر بشكل كبير، ولكنه مهمل، لأن الأغلبية لا تدرك أو تهتم بمدي خطورته التي تصل إلي أنه ينهي حياة البعض ويقضي عليها، ففي البداية يسبب مشكلات عائلية أو في العمل نتيجة لأعراضه المضطربة التي تؤثر بشكل سلبي علي صحة الإنسان وتركيزه، فيصبح الفرد دائم العصبية والتوتر وحزينا معظم الوقت، ويشعر أن لديه وقت فراغ ويزداد إحساسه بالملل، ومع مرور الوقت يصل إلي نسيان أمور هامة في حياته، فأخذنا من المبادرة هدفا للتوعية بمدي خطورة مرض الاكتئاب". تضيف أن العلاج الأول للاكتئاب يعتبر نفسيا من خلال الفضفضة والكلام، ونحن يمكننا مساعدة المرضي عن طريق الاستماع لهم وتوصيلهم لأطباء نفسيين إذا استدعي الأمر، فذلك يعطيهم ثقة أكبر بالنفس ويشجع علي التخلص من الاكتئاب، فهو بمثابة هم ثقيل لابد من التخلص منه، من هذا المنطلق فكرنا في أخذ مرض الاكتئاب والتوعية به موضوعاً لمشروع تخرجنا الذي تحول بعد ذلك إلي مبادرة إنسانية، واستهدفنا بعض المناطق الشعبية بالفعل للتوعية به والحديث مع الناس الذين لاحظنا رغباتهم في التحدث وتقبل الفكرة، وحاولنا مساعدتهم من خلال الاستعانة بالأطباء النفسيين، ووجدنا أنهم في حاجة إلي ذلك وإلي معرفة المزيد عن المرض. أوضحت أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن الإصابة بمرض الاكتئاب في مصر، ولكن من خلال البحث الميداني وجدنا أن هناك استعدادا للكلام والاعتراف بمرض الاكتئاب وإن كان من الجانب النسائي أكثر من الرجالي حيث إن السيدة أو الفتاة لديها ميل للفضفضة، كما أنها أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب نظراً لإصابتها باكتئاب ما بعد الولادة. تتابع: "قمنا بعمل 5 إعلانات تليفزيونية وعلي الراديو للتوعية بمرض الاكتئاب، طبقاً للمطلوب منا بمشروع التخرج، ولكن بعد ذلك تحول المشروع إلي مبادرة اجتماعية وإنسانية، ونتواصل من خلال صفحتنا علي الفيس بوك بعنوان "اكسر سجنك" بالعديد من الحالات التي نحاول مساعدتها بمختلف الطرق، وهناك بعض الحالات التي تتعدي درجة الحزن والاكتئاب عندها مجرد البوح والكلام فنقوم بتوصليهم بإخصائيين نفسيين". أضافت: "لدينا متابعون يومياً للصفحة الخاصة بنا علي الفيس بوك، ونقدم لهم من خلالها بعض النصائح لتجاوز حالات الاكتئاب، ومسبباته وطرق علاجه، كما نقوم بترشيح الأطباء أو الأماكن التي يمكنهم التعامل فيها للعلاج، والاستماع والكلام مع الحالات التي ليس لديها القدرة المادية للتردد علي الأطباء النفسيين من خلال الصفحة للتخلص من الاكتئاب". ومن جانبه يري أحمد سعد استشاري الطب النفسي، أنه بالفعل يوجد العديد من الناس في حاجة إلي التوعية بمرض الاكتئاب وخطورته، فأغلب الناس تعاني من الاكتئاب ولكن بدرجات متفاوتة، فالاكتئاب مرض يشعرنا بالحزن في أوقات معينة، وقد يعطي البعض سيلا من الأفكار السلبية، والاكتئاب كغيره من الأمراض التي تؤثر علي الجسم كله ونشاطه، فيستسلم الإنسان لحالة من الإحباط والملل التي تصل به إلي قلة نشاطه البدني والشعور الدائم بالخمول، والاكتئاب يمكن التخلص منه ولكن ليس في مرحلة متأخرة، فالاكتئاب المزمن يتطلب علاجاً طويل المدي، حتي إذا أهمل نجد أن بعض الناس تتكرر معهم مراحل الاكتئاب ويستمر معهم فترة طويلة جداً إذا أهمل، وتختلف أسباب الاكتئاب وإن كان يمكن حصرها في المشكلات المادية والعاطفية أو فقدان شخص عزيز علي وجه التحديد، وهناك أيضاً أسباب حددها العلم كالسبب الوراثي كأن يكون أحد الأقارب كان مصاباً أيضاً بمرض الاكتئاب، أو تناول أدوية معينة لفترة معينة. ويشير إلي أن الطبيب يحتاج إلي تحديد وتشخيص الاكتئاب في البداية، فهناك نوع نطلق عليه الاضطراب ذا الاتجاهين وهم أصحاب المزاج المتقلب وذلك النوع من الاكتئاب أقل صعوبة من غيره، أو الاكتئاب الجزئي وهو مرض مزمن وحاد عن الاكتئاب نفسه، وهناك مجموعة من الناس قد يصيبهم اكتئاب الشتاء وهو اكتئاب له علاقة بتغير الفصول وقلة سطوع أشعة الشمس، لعلاج الاكتئاب يسلك منهجين علاج عن طريق الأدوية وذلك بتناول أقراص الدواء المضادة لحالات الاكتئاب وهي تلقي نجاحاً مع الكثيرين من المرضي، أو العلاج النفسي من خلال الجلسات مع الطبيب المعالج. ويوضح محمد عامر أخصائي الصحة النفسية أن الاكتئاب يغير من سلوك الإنسان ويؤثر عليه وعلي المحيطين به، فهو ليس مجرد شعور بالحزن، ولكنه مرض يؤثر علي النفس والجسد معا ويؤثر علي طريقة تفكير الإنسان فتنقلب الحياة اليومية له رأسا علي عقب، مما يؤدي إلي مشكلات عديدة بالأسرة أو العمل. مشيرا إلي أن عدم الوعي بمرض الاكتئاب يجعل البعض ينسبون أي عرض له فتجد شخصا مثلا ليس لديه رغبة في مغادرة المنزل فينسب ذلك إلي الاكتئاب، ولكن الاكتئاب له عدة أعراض واضحة ومحددة، كالشعور بالعصبية والتوتر معظم الوقت، وفقدان الرغبة في ممارسة الحياة اليومية، الدخول في نوبات بكاء دون سبب واضح، ووجود الأفكار الانتحارية والتفكير بها طوال الوقت، وأشاد بفكرة المبادرة مشيرا إلي أن التوعية به وبأهمية علاجه تجنب الكثيرين الدخول في مشاكل ومضاعفات عديدة التي قد تصل إلي الإدمان علي أمور غير مستحبة كإدمان المخدرات. وأوضح أن التوعية خاصة بالعلاج النفسي للاكتئاب عن طريق الحديث مع الطبيب المعالج هام جدا حيث إن الكثيرين يجعلون منها منطقة محظورة بالنسبة لهم، إلا أنها نوع من العلاج يتبع في معظم الحالات مع العلاج الدوائي، وأشار إلي أن معظم حالات الانتحار ناتجة عن مرض الاكتئاب، وبالتالي فالعلاج منه وأخص الحالات المزمنة بمثابة إنقاذ للحياة، وبدء حياة جديدة دون أزمات. تقول شادية قناوي أستاذ علم الاجتماع، إن الحياة الاجتماعية مليئة بالمشكلات والضغوط اليومية التي تشكل عبئا علي الأفراد، واستقبال الأفراد لهذه الضغوط يختلف من شخص لآخر، فمنهم من لديه القدرة علي التعامل معها، ومنهم من يحاول الانسحاب، والبعض الآخر تؤثر عليه هذه الضغوط بشكل سلبي، وجميعهم يرفضون الاعتراف بعدم قدرته علي التحمل ودخوله في نوبة من الاكتئاب بسبب الثقافة الاجتماعية السائدة عن الأمراض النفسية، وأشارت إلي أن التوعية الاجتماعية في هذه الحالة تجنبنا الكثير من الآثار السلبية التي تحدث جراء الإصابة بالأمراض النفسية، مؤكدة أن التوعية الاجتماعية أيضاً مطلوبة لأنها بمثابة ناقوس ينذر بقرب الخطر، ويحد منه ويقلل من وقوع المشكلات.