رسالة الأقصر: محمد مختار اختتمت أمس الأول الإثنين فعاليات مؤتمر "مصر تستطيع بأبناء النيل"، والذى نظمته وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج بالتنسيق مع وزارات الزراعة والري والتعليم العالي والإنتاج الحربي، وبمشاركة 23 عالماً من أبناء المصريين بالخارج، والمقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمدينة الأقصر. حاورت "الاهالى" علماء مصر بالخارج ورؤيتهم للخروج من المشاكل التى تعانى منها مصر.. قال الدكتور هاني الكاتب، خبير الإحصاء الحيوي، عضو فى المجلس الاستشاري الرئاسي للعلماء والخبراء فى مصر، إن الدولة تواجه عددا من المشاكل المتراكمة، وعلى رأسها النقص المحتمل للمياه، فضلا عن تزايد السكان، موضحًا أن مساحة الرقعة الزراعية هى 3.6 فقط من مساحة مصر، وموكدًا أنها تحديات كبرى نواجهها ولكن الأمل موجود لتخطى كل هذه التحديات شرط وجود الوعى لحجم هذه المخاطر. وقال إن الحل الأمثل لهذه المشاكل لا يتم إلا عن طريق الموارد المتجددة وهى موجودة لدينا فنحن نملك مياه البحر حيث تمتد سواحلنا لمسافة 2400 كيلو متر، نستطيع استغلالها من خلال عمليات التحلية، واستخدام الشمس واستخدامها فى انتاج طاقة متجددة نظيفة وأيضًا فى عمليات تحلية مياه البحر، والصحراء الشاسعة والتى تمتد لأكثر من مليون كيلو متر، وكذلك توفر الأيدى البشرية، مشيرًا إلى أن تحلية مياه البحر ستساهم فى إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة بمساعدة الموارد البشرية، ولكننا بحاجة أولا إلى تحسين التعليم، وتطوير الأبحاث العلمية.وحول مشاكل التوسع فى الرقعة الزراعية، قال إنه لآبد من الادخار فى المياه واستخدام التقنيات الحديثة فى الزراعة ومنها نظم الرى تحت التربة والتى ستوفر حوالى 40% من نسبة المياه المستخدمة فى الرى، وعمل مصدات للرياح للاحتفاظ برطوبة التربة الزراعية، موضحًا أن هذه تعد حلولا مؤقتة حتى تأتى مصادر بديلة لسد عجز مياه النيل، ومنها معالجة مياه الصرف وغيرها من البدائل، وأكد أن ظواهر تغير المناخ من الممكن أن يكون له ضرر كبير علينا، وقال إن مصر تعتبر فى المستوى الثالث من حيث ارتفاع منسوب البحر، ومن المحتمل أن يتسبب هذا فى غرق مناطق عديدة، ويمكن معالجة ذلك بالتوسع فى زراعة الأشجار لحماية الشواطئ ولمنع التربة من التجرف، موضحا أن منسوب المياه وطبقًا للأمم المتحدة ارتفع إلى ما يزيد عن 2 متر، فضلا عن زيادة درجة حرارة الأرض، موضحًا أن هذا يتطلب منا المقاومة.وحول مشروع المليون ونصف فدان، قال إن ما تحتاجه الدولة لسد احتياجتها الزراعية يتطلب منا زراعة أكثر من ضعفى الرقعة الزراعية الحالية والتى تقدر ب 8.7 مليون فدان. عمل جماعى وقال الدكتور خالد عبد الرحمن أستاذ الهندسة المدنية بجامعة دورتموند بألمانيا، إن ربط علماء مصر بالخارج بوطنهم فكرة جيدة، وأن المناقشات التى دارت خلال فعاليات المؤتمر جيدة جدًا، مضيفًا أن علماءنا فى الخارج دائما ما يعرضون الإسهام بأفكارهم وخبراتهم لخدمة الوطن.وعن الأفكار التى يشارك بها فى فعاليات المؤتمر، أكد عبد الرحمن، أن المحور الأول يتعلق بثقافة العمل الجماعى، وكيفية استغلاله لتنفيذ المشروعات، واضاف أن منظومة العمل الجماعى ليست موجودة بالقدر الكافى، مشيرًا إلى أن المحور الثانى هو التخطيط لوضع استراتيجيات مستقبيلة لكل المجالات.وحول أزمة سد النهضة، قال إن الحكومة الإثيوبية ومنذ سنوات طويلة وهى تعكف على تنفيذ خطة لتدريب كوادر فى هذا المجال فى عدد من الدول الأوروبية للمشاركة فى هذا العمل، متابعًا أن سد النهضة والذى تم بناؤه على النيل الأزرق، لابد أن تستمر جهود الدولة المصرية لإطالة مدة التخزين أمام هذا السد فضلا عن حجم المياه التى سيتم تخزينها، مشيرًا إلى أن الأضرار الناتجة عن هذا السد تتمثل فى انخفاض منسوب المياه أمام السد العالى وبالتالى ستؤثر بصورة كبيرة على توليد الكهرباء، وكذلك فى مجال الزراعة، وشدد على ضرورة وجود نظرة مغايرة من جميع المواطنين حول التعامل مع هذه الأزمة، وذلك من خلال الترشيد فى استهلاك المياه، وإعادة النظر فى المحاصيل التى تستهلك كميات مياه بصورة كبيرة، لافتًا إلى أن إعادة الدور المصرى فى أفريقيا هو أمر مهم جدًا للحفاظ على حقوقنا المائية وغيرها، وقال إن سياسة الابتعاد عن العمق الأفريقى كانت له نتائج سلبية جدًا.وأشار إلى أن زيادة الرقعه الزراعية وتوفير المياه اللازمة للرى من المحاور الاساسية فى هذا المؤتمر، واضاف لدينا مخزون مياه جوفية هائل فى الصحراء الغربية يجب وضع الأطر لاستغلالها، جنبًا إلى جنب مع مشروعات تحلية مياه البحر، وهذه المشروعات قادرة على تعويض أي نقصان فى مياه النيل إن وجدت، موضحًا أنه يجب العمل على تقليل تكاليف عملية تحلية مياه البحر، وأيضًا أفضل استغلال للمياه الجوفية الموجودة، إضافة إلى المحور الثالث هو مشروع معالجة المياه بغرض استخدامها فى الزراعة، مؤكدًا أن هذا هو المتاح أمامنا للتغلب على أي تحديات قد تعوق مشروعات التنمية.وتابع أنه يجب العمل على تنويع مصادر الطاقة، حيث أن جميع دول العالم تسير فى هذا الاتجاه، متابًعا أنه بخصوص مشروع المليون ونصف فدان، فإنه يجب الدراسة العلمية الجيدة لكل المشروعات، قبل عرضها على الرأى العام.وطالب بضرورة تفعيل التوصيات التى يخرج بها المؤتمر، ووضع خطط زمنية لتنفيذها تبدأ بمرحلة دراسات الجدوى لتنفيذ هذه التوصيات. مزارع سمكية ومن جانبه، قال الدكتور هانى سويلم أستاذ إدارة الموارد المائية والتنمية المستدامة، ومدير تنفيذي لوحدة "اليونسكو للتغيرات المناخية وإدارة المياه" فى جامعة أخن بألمانيا، إن مصر لديها الإمكانيات التى تؤهلها للمحافظة على الثروة المائية والسمكية، عن طريق إتباع الأساليب العالمية والمعترف بها فى تربية الأسماك من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من الموارد المائية، موضحًا أنه يوجد مايقرب من 50 مليون فلاح، يستطيعون إنشاء مزارع سمكية مصغرة لإنتاج الأسماك المختلفة.وتابع أن أحد مشاكل إنشاء المزارع السمكية وتربية الأسماك هى الإعتماد على مياه الصرف الصحي فى تربيتها، مما يترتب عليه الإصابة بالعديد من الأمراض فضلا عن وجود مشاكل فى التصدير للخارج، وقال أن معالجة هذه المشكلة يتم عن طريق استخدام المياه النقية فى الاستزراع السمكي وإعادة استخدام هذه المياه مرة أخري فى زراعة الأراضي وهو مايعرف بالاستزارع السمكي التكاملي، مؤكدًا أن ذلك سوف يزيد من انتاج مصر من الأسماك من 1.5 مليون طن سنويَا إلى 2 مليون طن وهذا سيحقق الاكتفاء الذاتى لنا. تنمية مستدامة شدد أستاذ التسويق العالمي والتخطيط الاستراتيجي بجامعة جورج واشنطن، الدكتور صلاح حسن، على أهمية التسويق الاقتصادي فى إدارة التنمية المستدامة والأزمات لتوعية المواطنين وحشدهم فى اتجاه الدولة لتنفيذ خططها وبرامجها السياسية، موضحًا أنه من الممكن أن تمتلك الدولة استراتيجية وبرامج وخططا لكن سلوك المواطنين يحول دون تنفيذها وتعطيل القرارات التنموية بل قد يأتي بنتائج عكسية.وقال، "أمتلك مقترحًا سأعرضه على الحكومة بإنشاء هيكل يتبع وزارة الري أو وزارة البيئة لتفعيل الحراك المجتمعي والتوعية بأهمية التنمية المستدامة فيما يتعلق بإدارة الموارد المائية. وأضاف أن قضية المياه ليست مصرية فقط ولا إقليمية لكنها قضية عالمية وتعاملت معها دول أجنبية كثيرة وآتت ثمار جيدة من خلال زيادة كفاءة تعامل المواطنين مع الأزمة وترشيد المياه وتقنين الاستخدام وإقناعهم بالفوائد التي يجنيها المواطن من ذلك.وتابع، أن هذه الخطة تقوم على التوعية غير التقليدية من خلال التحفيز بالنفع العائد على المواطنين، بعيدًا عن الشحن المعلوماتي الذي قد يسبب رد فعل مضاد، وليس باستخدام الإعلانات فقط أو مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنها ستتم عن طريق أساليب يمكن من خلالها الوصول للقاعدة العريضة للهرم السكانى. تفاوت وفى سياق متصل، قال الدكتور محمد عبد الحميد داود، الأستاذ بالمركز القومي لبحوث المياه، واستشاري أول موارد المياه بحكومة أبوظبي، أن استغلال المياه الجوفية والبحث عن موارد غير تقليدية مثل إعادة استخدام مياه الصرف الصحي، والدخول إلى قطاع التحلية فى المستقبل تعتبر أولوية قصوى، موضحًا أنه يعد أوفر وأفضل ويستخدم تكنولوجيا متطورة.وأضاف داود، أن مصر ما زالت تجرى مفاوضات مع الجانب الإثيوبى وأن حصة مصر لن تتأثر من المياه، لآفتًا إلى أنه على الجانب الأخر، فإن مصر تواجه مشكلة الدخول تحت خط الفقر المائي حيث هناك تفاوت بين احتياجات السكان من المياه و الموارد المائية الموجودة لدي الدولة.