تنفس المصريون الصعداء بتحقيق الاستحقاق الثالت لخارطة الطريق، وهو انتخابات مجلس النواب المصري، وعلق الكثير من المصريين الآمال على هذا المجلس ليكون مرآة عيونهم، ونبض قلوبهم ورئة مجتمعهم، يعكس آلامهم ويلبي طموحاتهم، يفتح باب الحرية، ويعزز قيم الديمقراطية، ويعلي صرح الوطن، ويقتلع بذور التشدد والرجعية، ويدفع للبناء والتنمية الثقافية والحضارة الإنسانية. لكن إصرار البعض على الانحراف عن هذا المسار والابتعاد عن قضايا المواطن الرئيسية المتمثلة فى الصحة والتعليم والفقر والبطالة ومحاربة الفساد، يدفعنا لدق ناقوس الخطر بعد حالة الجدل الشديدة التي شهدتها الأوساط الإعلامية عن مشروعي القانونين المقدمان من النائبة نادية هنري والدكتور أحمد سعيد والذي سمي إعلاميًا (قانون خدش الحياء) وطالب فيه النائبان بتعديل المادة 178 من القانون رقم 50 لسنة 1937 من قانون العقوبات بالنص الآتي: "يعاقب بغرامة مالية لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد عن خمسين ألف جنيه كل من نشر أو وضع أو حاز بقصد الإيجار أو التوزيع أو الاتجار أو اللصق أو عرض مطبوعات أو صور محفورة أو منقوشة أو رسومات أو إعلانات أو أشارت رمزية إذا كانت خادشة للحياء العام، ولا يجوز تحريك الدعوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية أو الأدبية والفكرية الخادشة للحياء إلا عن طريق النيابة العامة". وقد شهدت مناقشة القانون جدلا شديدًا وتم الزج بأعمال الفنان الكبير نجيب محفوظ ووصفت بأنها أعمال خادشة للحياء مما دفع اللجنة التشريعية برئاسة المستشار بهاء أبو شقة لرفض التعديلات الجديدة وإبقاء المادة القديمة كما هي بدون تعديل. وعما أثير من لغط وجدل حول القانون تقول نادية هنري عضو مجلس النواب ومقدمة المشروع، أن الضجة التي حدثت جاءت لمهاجمة النائب أبو المعاطي مصطفى أعمال الأديب العالمي نجيب محفوظ ووصفها بأنها خادشة للحياء وأنه كان يجب معاقبته على تلك الأعمال مما أثار حفيظة بعض النواب داخل مجلس النواب وأدي لحالة من الجدل تحت قبة البرلمان ولدي الأوساط الإعلامية والثقافية. *حرية الإبداع إن مشروعي القانونين اللذان قمت بتقديمهما مع النائب أحمد سعيد كانا يهدفان لرفع عقوبة الحبس عن الإبداع الفكري والأدبي والعلمي والصحفى خاصة وأن قانون العقوبات الحالي به بعض المواد المقيدة لحرية الإبداع الفكري والأدبي. ودورنا كأعضاء مجلس النواب تنقية القوانيين من مادة تتعارض مع الدستور. وقد تم رفض التعديل بأغلبية 21 صوتًا مقابل 6 أصوات. *الإساءة* وقال النائب أبو المعاطي، إن الهدف من التعديلات الخاصة بالمادة 178 من قانون العقوبات كان يستهدف إخراج المسلسلات والأفلام الخادشة للحياء من عقوبة الحبس وأن تقتصر تحريك الدعوى على النيابة العامة فقط بدعوي أن الإبداع الفني والأدبي ليس فيه خدش للحياء وأن تقتصر عقوبة خدش الحياء على الغرامة المالية التي تتراوح ما بين خمسة آلاف ولاتتجاوز خمسين ألف جنيه ولم أقصد الإساءة للأديب نجيب محفوظ ولكنني رددت على النائب أحمد سعيد حينما قال هل قصر الشوق والسكرية لنجيب محفوظ خدش للحياء فقلت له بهما بعض المناظر الخادشة للحياء ولو تم تحريك دعوي قضائية فى زمنه كان ممكن يتعاقب بالحبس لكن الإعلام ترك الجانب التشريعي وأخرج التصريح من مضمونة ولست ناقدا أدبيا لأنتقد أعماله وأومن أن القيم والمبادئ والمثل لايتم فرضها بالقانون ولكن عن طريق التعليم والأسرة والمجتمع. من جانبها أكدت ماجدة واصف "رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" أن الإساءة لأعمال نجيب محفوظ هو بمثابة عودة للعصور الوسطى المظلمة ويجب أن يؤخذ فى الاعتبار رد الفعل المجتمعي وحالة الاستنكار التي شهدتها الأوساط الإعلامية والثقافية. وطالبت البرلمان بأن يكون له دور فى الدفاع عن حرية المجتمع وعن الإبداع والمبدعين وأن تكون هناك أولوية للقضايا الاساسية وعلى رأسها قضية تطوير منظومة التعليم وغرس روح الانتماء لهذا الوطن، والوقوف فى وجه التيار المنغلق لندفع مصر للأمام ولانسمح بعودتها للخلف مرة ثانية. *جريمة لا تغتفر * وفى السياق ذاته وصف إبراهيم أبو ذكرى"رئيس إتحاد المنتجين" الإساءة لأعمال نجيب محفوظ بأنها جريمة لا تغتفر فى حق المبدع العالمي صاحب جائزة نوبل وتتنافى مع مكانة مصر الدولية والثقافية صاحبة الريادة الإعلامية ومهد الأديان السماوية