كان الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله. عاشقاً للأعمال الخيرية مما جعله محبوباً من جميع الناس الذين كانوا يجدون حاجتهم عنده في أي وقت من ساعات الليل أو النهار بإذن الله تعالي علي مدي سنوات عمره التي امتدت لسبعة أعوام بعد العقد الثامن وثلاثة أشهر - 87 عاماً - نجده لم يتأخر في يوم من الأيام عمن قصده في أي شيء. حيث كان لا يرد أحداً قصده إلا ويلبي له طلبه دون تردد لدرجة أن أهالي بلدته ومركزه كانوا لا يفكرون في شيء اسمه نواب مجلس الشعب أو الشوري - حيث كان يحمل الأوراق عنهم لأداء مصالحهما كما لو كان الشيخ نائباً بالبرلمان بل وأكثر من ذلك حيث كان الشيخ من الذين حباهم الله تعالي بحب الناس جميعاً حتي من غير المسلمين. للشيخ الشعراوي العديد من المواقف التي لم ولن تمحوها الذاكرة في يوم من الأيام نتذكر منها يوم كان يوزع العيدية في عيد الفطر المبارك - علي أهالي القرية الذين اصطفوا في حديقة منزله بدقادوس مركز ميت غمر مسقط رأسه وفجأة صرخ أحد الحضور قائلاً للشيخ الشعراوي: يا مولانا هذا الرجل أخذ عيديته ثم عاد متسللاً ليأخذ مرة أخري. فقال الشيخ: "اتركوه ليأخذ مرة أخري.. أنا أحب من يخدعني.. ومن خدعنا في الخير خدعنا له". ومن الأشياء التي مازالت عالقة في أذهان أهالي بلدته إلي اليوم انه حدث بالفعل أن "شحتة الاعرج" جار الشيخ هرول إلي الشيخ ومعه بعض أفراد أسرة مجاورة قدر الله لها ان يولد مولود لها ويدعي السيد بدون فتحة شرج فتأثر الشيخ الشعراوي بشدة وعندما علم بوجود طفل يبلغ من العمر سبعة أعوام يعاني هذه المعاناة بسبب تحويل مجري الإخراج الطبيعي. وعلي الفور قام الشيخ الشعراوي بالاتصال علي الدكتور إسماعيل سلام وزير الصحة آنذاك وقص عليه تفاصيل الحالة الغريبة وكانت المفاجأة ان قال وزير الصحة: تصور يا مولانا انني سأقوم بإجراء جراحة مماثلة في الإسكندرية بعد غد إن شاء الله؟ فقال الشيخ الشعراوي: سبحان الله. وطلب الدكتور سلام من الشيخ أن يرسل له المريض فجر اليوم المحدد ليجري له الجراحة المطلوبة مع الحالة الأولي بنفسه إن شاء الله. فأبلغ الشيخ الشعراوي أسرة السيد وأدخل علي قلوبهم السرور عندما علمهم ان وزير الصحة نفسه هو الذي سيقوم باجراء الجراحة. وفي صباح يوم إجراء العملية فوجيء الدكتور إسماعيل سلام وزير الصحة برنين الهاتف يوقظه من نومه فإذا الذي علي الهاتف الشيخ الشعراوي الذي قال له: استأذنك في الحضور معكم أثناء إجراء الجراحة فرحب الدكتور وزير الصحة بالشيخ بقوله: هذا شرف كبير لنا يا فضيلة الإمام وبالفعل حضر الشيخ مع الدكتور والطاقم المعاون له من أجل الاطمئنان علي الطفل الذي أجريت له العملية بنجاح وعاد طبيعياً مع دعوات الأهل والجيران للشيخ الشعراوي الذي كان يفرح لفرحهم ويتألم لآلامهم. رحم الشيخ الشعراوي رحمة واسعة وإلي لقاء آخر مع سر جديد من أسراره في العدد القادم إن شاء الله.