* يسأل إبراهيم محمد أحمد موسي من السويس عن النقاب للمرأة المسلمة وهل من الضروري أن تلبسه وتغطي وجهها؟ وهل من الضروري أن ترتدي الجوانتي في يديها؟ وهل يجب علي الزوجة أن تطيع زوجها إذا أمرها بلبس النقاب أم تطيع والديها اللذين يأمرانها بالحجاب الشرعي الذي يظهر الوجه والكفين؟ ** يجيب الشيخ محمد مجاهد مفتي الجمهورية الأسبق: قال الله تعالي: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" الآية 31 من سورة النور. وقال تعالي: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيما" الآية 59 من سورة الأحزاب. هاتان الآيتان متكاملتان حيث حددتا ما يجب أن ترتديه المرأة المسلمة بحيث يحجب جسدها كله فلا ينكشف منه إلا ما قضت به حاجة التعامل وهو الوجه والكفان عملا بقول الله سبحانه "إلا ما ظهر منها" وحدد الوجه من منبت الشعر إلي أسفل الذقن وما بين شحمتي الأذنين بحيث لا يظهر شيء من الشعر ولا القرط "الحلق ولا الأذن" ولا شيء من العنق ولا يكون الثوب مظهرا لما تحته ولا ضيقا وصافا يفصل أجزاء الجسد ولا لافتا للنظر بلون أو تفصيل يسترعي أنظار الآخرين ويدخل في حكم التبرج المنهي عنه شرعاً فالمطلوب من المرأة المسلمة بمقتضي هاتين الآيتين أن تستر رأسها ورقبتها وصدرها عملا بقوله سبحانه: "وليضربن بخمرهن علي جيوبهن" وأن يكون ثوبها ساترا لجميع جسدها فلا يري منها سوي الوجه والكفين وعملا كذلك بقوله سبحانه: "يدنين عليهن من جلابيبهن" بذلك فسر النبي "صلي الله عليه وسلم" قول الله سبحانه وتعالي "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" ويؤيد ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت علي النبي "صلي الله عليه وسلم" في لباس رقيق يشف عن جسدها فأعرض عنها وقال: "يا أسماء. إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يري منها إلا هذا وهذا وأشار إلي وجهه وكفيه" وهذا الحديث رواه أيضاً ابن مردويه والبيهقي عن خالد بن دريك وذكره المنذري في الترغيب والترهيب والشوكاني في نيل الأوطار وإن قال القرطبي في تفسيره إنه منقطع لم يتصل سنده وقال أبو داود إنه مرسل حيث لم يدرك خالد عائشة لكن أحاديث أخري صحاحا تقويه وردت في إباحة كشف الوجه والكفين لحاجة العمل. وقال القرطبي عند تفسير قوله تعالي "إلا ما ظهر منها": لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة في الصلاة والحج صلح أن يكون الاستثناء راجعا إليهما.. ويؤيد ذلك حديث الخثعمية الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما وفيه أن النبي "صلي الله عليه وسلم" أردف الفضل بن العباس يوم النحر خلفه وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله "صلي الله عليه وسلم" يصرف وجه الفضل إلي الشق الآخر فعاد الفضل ينظر إليها ثلاث مرات والرسول يحول وجهه فقال العباس "والد الفضل" لرسول الله "صلي الله عليه وسلم" لم لويت عنق ابن عمك؟ فقال "صلي الله عليه وسلم": "رأيت شاباً وشابة فلم آمن من الشيطان عليهما".. وقال ابن حزم: ولو كان الوجه عورة يجب سترها لما أقر النبي "صلي الله عليه وسلم". هذه المرأة علي كشفه بحضرة الناس ثم قال: "ولو كان وجهها مغطي ما عرف الفضل أحسناء هي أم شوهاء". وفي الصحيحين: أن سبيحة بنت الحارث توفي عنها زوجها وكانت حاملا فوضعت قبل أن تنقضي عدة المتوفي عنها زوجها "أي أربعة أشهر وعشرا" فرآها أحد الصحابة "يقال له أبو السنابل" وقد تجملت فاكتحلت واختصبت فلامها فأنت النبي "صلي الله عليه وسلم" فأخبرته.. فقال "صلي الله عليه وسلم": "قد حللت حين وضعت" ولم ينكر عليها الرسول "صلي الله عليه وسلم" أنها أظهرت الكحل والخضاب حتي رآها ذلك الرجل وغيره.. لما كان ذلك.. كان لزاماً علي المرأة المسلمة بمقتضي هذه النصوص أن تستر جسمها من قمة رأسها إلي ظاهر قدميها وليس لزاماً عليها أن تخفي وجهها وكفيها بنقاب وقفاز وما أشبهه باعتبار أنه لم يقم دليل صريح من القرآن ولا من السنة بوجوب إخفاء الوجه والكفين ومن ثم يكون استعمال النقاب والقفاز عملا شخصيا محضا وليس بواجب أما أن بعض النساء كن يخفين الوجوه والأكف علي عهد الرسول "صلي الله عليه وسلم" فإن ذلك كان من باب الحياء والاعتياد. لا علي سبيل الإلزام بحكم تشريعي يدل لهذا ما رواه الحاكم عن أسماء رضي الله عنها قالت: كنا نغطي وجوهنا من الرجال حياء "أي حياء منهن وخجلا لا تشددا ولا تغاليا في الدين" وهو أيضاً ما رواه أحمد وأبو داود والبيهقي.. قالت عائشة: "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات. فإذا حاذونا إسبلت أحدانا جلبابها من رأسها علي وجهها فإذا جاوزونا كشفنا" فتغطية الوجه والكفين عمل اختياري غير مأمور به ولا منهي عنه ويكون خيراً إذا ترجحت الفتنة وتعين درء المفسدة.