لم يكن يدري الطفل الصغير الذي كان يرافق والده للاستمتاع بتلاوة القارئ العملاق الشيخ مصطفي اسماعيل انه سيصبح في يوم من الايام مقصدا لمن يريدون ان يتعلموا فن تلاوة القرآن. فقد دفعه حبه لعبقري التلاوة. الي تقليده بنسبة مائة في المائة ورغم انه لم يكن حافظا للقرآن الكريم في الكتَّاب. الا انه استطاع ان يفرض نفسه واسمه بقوة ليس علي المستوي المحلي ولكن تخطي ذلك بكثير حيث تم استضافته في العديد من الدول ليسعدوا بطريقة تعليمه الفريدة التي يؤديها ببراعة فائقة علي الهواء مباشرة. انه خبير الاصوات الدولي احمد مصطفي كامل. المولود في عام 1939بحي الزيتون بالقاهرة. وفي الحوار التالي نتعرف علي سيرته أكثر. 1⁄4 كيف عشقتم هذا الطريق وكم كان السن وقتها؟ ** كتب الله تعالي لي ان اسلك هذا الطريق مبكرا حيث اصطحبني والدي- عليه رحمة الله- وانا في سن التاسعة لسماع تلاوة مولانا الشيخ مصطفي اسماعيل بالجامع الازهر حيث استمعت اليه وهو يشدو بسورة الكهف علي مدار عشرين جمعة. حيث لاحظت انه لا يكرر طريقة تلاوته. فكل قراءة كانت تختلف عن السابقة. وحين بلغ سني السادسة عشرة اصبحت مداوما علي تسجيل كل ما يقرأ في أي مكان يذهب اليه من خلال الدعوات والسهرات الخاصة التي كان يدعي اليها. بخلاف ادواره في الاذاعة وتلاواته بالجامع الازهر الشريف. تراث مصطفي اسماعيل 1⁄4 وهل نجحتم في جمع تراث الشيخ مصطفي اسماعيل بالفعل؟ ** نعم. فقد اكرمني ربي بوجود2200ربعا من تلاواته احتفظ بها في مكتبتي الشهيرة ولكني بعد وفاته لم اكتف بهذا العدد فاصبحت أُنقب في البلاد التي كان يدعي اليها فضيلته واسافر اليها لالتقي هؤلاء بحثا عن اي شئ جديد ولو دقائق. واذكر انني اكتشفت ذات يوم ان مكتبتي خالية من سورة فُصِّلت للشيخ مصطفي وعلمت ان احد محبي الشيخ في الدقهلية ويدعي رضا الساعاتي وشقيقه لديهما هذا التسجيل النادر. فذهبت بصحبة اللواء تيمور الزهيري عام 1988م وبحمد الله اخذنا الشريط واحسست يومها انني امتلك كنزا كبيرا جدا. رائد التلاوة 1⁄4 موجه اليك اتهام مباشر بانك تظلم جميع القراء بسبب تعصبك للشيخ مصطفي اسماعيل؟ ** ارجو قبول اسفي ومعذرتي. فأنا لا اري غيره في دولة التلاوة. لأن من يسمعه لا يسمع غيره حيث انه هبة من السماء وهبها الله تعالي ما لم يوهبه للآخرين.. وارجو ان تسامحوني ولا تغضبوا مني فيما اقوله. فحبه يسري في عروقي وكل القراء بجواره منذ مائة عام الي وقتنا هذا قراء عاديين. 1⁄4 هل زاولتم مهنة التلاوة؟ وكيف اتتكم فكرة تعليم وتدريب الاصوات؟ وبمن بدأت؟ ** نعم زاولت المهنة وقرأت في الحفلات ليس لجمع المال ولكن حبا في الشيخ مصطفي حيث كان الناس يحبون سماعي وانا اقلده وبحمد الله أحتفظ ببعض تسجيلات لي حينما كنت ابلغ من العمر ثلاثين عاما. واذكر ذات مرة حينما كنت اقرأ في سهرة عام 2000م بينما انا اقرأ سورة الرحمن بالمقامات الموسيقية الثمانية ان انفعل احد الحضور ولم اكن اعرفه.. انفعل من فرط اعجابه بالاداء وقال بصوت عال: طالما انك تبدع هكذا فلماذا لا تفكر ان تعلم الاجيال الجديدة؟ فلا تبخل خاصة ان الله وهبك هذه النعمة الكبيرة. من هنا اكرمني ربي واتجهت الي اسلوب التدريب والتعليم وبدأت مع ياسر الشرقاوي وسمية الديب واخواتها وشريف ايمن حيث علمتهم بدون اجر. دكتوراه في القرآن 1⁄4 ماذا يمثل لكم القرآن. وما هي هي احب الالقاب اليكم ولماذا لا نراك تشارك في لجان التحكيم وما هي قصة الدكتوراه؟ ** القرآن كل حياتي.. فنهاري وليلي قرآن. اجلس مع تلاميذي في مكتبتي والاستديو أسمعهم وأسمع منهم واوجههم وانصحهم ورغم انني انفعل عليهم احيانا الا انهم يتقبلون مني ذلك الامر خاصة انه في مصلحتهم واعتقد انهم قد تعودوا علي اسلوبي. وقد اصبت بامراض خطيرة ولكن الله تعالي شفاني ببركة القرآن العظيم. وأحب الالقاب اليّ خبير ومدرب الاصوات فقط.. ولا يشرفني ان اكون محكما في مسابقات القران لوجود المجاملات الظالمة للمواهب. اما عن قصة منحي الدكتوراه فقد حدث بالفعل في دولة الجزائر ان توجه اليّ رئيس مجلس الوزراء السوداني بسؤال: هل فيه آية في القرآن تدعو لعدم التعصب للديانات ؟ فقلت له: نعم "لكم دينكم ولي دين" فطلب مني ان اصعد علي مكان مرتفع وأقرأها بطريقة المقامات الثمانية. وبالفعل اخذت اقرأ الآية واكررها الي ان انفعل رئيس الوزراء مع تلاوتي وقال بأعلي صوت: الله! وامر بإعطائي الدكتوراه فورا. دولة التلاوة. 1⁄4 وماذا عن تقييمك لقراء العصر الذي تحيا فيه وهل مازالت مصر تحتل الصدارة في دولة التلاوة؟ ** عفوا.. لا اري احدا من القراء الحاليين -بلا استثناء- يستحق الثناء واتعجب من تقاضيهم اجورا باهظة رغم انهم قراء عاديون جدا حيث اسمع ان ارقاما فلكية يحصلون عليها-علي إيه معرفش؟!- ولكني في نفس الوقت اعيب علي من يوجهون لهم الدعوة واهمس في اذنهم بقولي: اتقوا الله في اصحاب الامراض المزمنة وانفقوا هذه الاموال في اوجه الخير وعليكم بالتبرع بها لمستشفي السرطان ومعهد الكبد والكلي و57357.. اما عن ريادة مصر في تلاوة القرآن الكريم من عدمها. فاسمح لي ان أؤكد لكم ان البساط قد سحب بالفعل من بين ايدينا حيث تفوقت بعض الدول الاخري كثيرا علينا في هذا المجال وذلك لعدم وجود مواهب بالاضافة الي تجاهل بعض مسئولي الدولة رعاية البراعم والمواهب وعدم الاهتمام بعلم المقامات الموسيقية والسخرية منه من بعض الجهلاء الذين يحاربوننا ليل نهار علي الانترنت والفيس بوك. 1⁄4 نقوم بتغطية فعاليات ذكري الشيخ مصطفي اسماعيل كل عام ولا نراك.. فلماذا تقاطعها؟ ** نعم اقاطع ذكري الشيخ مصطفي اسماعيل لاقامتها في سينما درجة رابعة وهذا لا يتناسب مع اسمه ولا تاريخه ولا مكانته العالمية.. ولقد اختلفت مع حفيده علاء حسني في هذا الامر وقلت بأعلي صوت: ينبغي ان تكون ذكري الشيخ مصطفي اسماعيل عيدا قوميا للمصريين يقام في الثلاثين من ديسمبر من كل عام. 1⁄4 طرائف لا تنساها مع الشيخ مصطفي واثناء تعليمك للمقامات؟ ** اذكر في آخر ذكري للسيدة ام كلثوم ان طلب مني لواء سعودي ان اقول للشيخ مصطفي: اقرأ سورة يس. فتقدمت للشيخ وقلت له مداعبا: والدي جاني في المنام امبارح وطلب مني اقول لك تقرأ سورة يس واذهب بها في الريكوردر لأسمعها له علي المقابر. فقال لي الشيخ: امشي يولد ¢يس¢ دي لا تقرأ إلا علي المقابر. فضحكت وضحك اللواء وفوجئنا بالشيخ يقرأ التحريم.. حينما كنت أُعلِّم سمية الديب في احد مساجد الجزائر- مكان خاص بالسيدات داخل المسجد- حيث كنت اقرأ ¢والشمس وضحاها¢ وهي تردد خلفي بجميع المقامات فاذا بسيدة تركية تقوم بإطلاق زغرودة مدوية بالمسجد من فرط اعجابها بما سمعت. 1⁄4 هل لنا ان نسعد بملخص من حياة الشيخ مصطفي في كلمات؟ ** هو هبة من السماء.. وهبه الله حنجرة ذهبية.. حينما كان يتجلي الله عليه بآية اداها بطريقة فيها اعجاز كنت اقول له: من اين اتيت بهذه يا مولانا ؟ فكان يقول لي: لا تسألني واسأل ربك. اقتبس منه عبدالوهاب وام كلثوم واذكر ان صباح-الشحرورة- قالت ذات مرة عبر وسائل الاعلام: لا استطيع ان اغني الا بعد ان استمع الي الشيخ مصطفي اسماعيل- قالت هذا رغم انها مسيحية. كانت تستوي عنده التلاوة في مكبرات الصوت او بدونها وكان يستطيع ان يقرأ لمدة خمس ساعات متواصلة دون ان يتعب.. شرفت بمرافقته علي مدي 29عاما. 1⁄4 واخيرا. رسالة تبعث بها لاحد. فمن يكون؟ وكيف تري مستقبل مصر؟ ** ابعث برسالتي الي فضيلة الامام الاكبر الشيخ الدكتور احمد الطيب أطالبه بسرعة التدخل لتبني المواهب القرآنية والاشراف علي لجنة اختبار قراء القرآن الكريم بالإذاعة والتليفزيون واعتماد الاصوات الجديرة بالانضمام قبل فوات الاوان. ان الله تعالي سيحفظ مصر التي شرفها وكرمها بذكر اسمها في القرآن صراحة.. واؤكد ان شعب مصر طيب ومبارك وسنصبح من افضل بلاد الدنيا في فترة وجيزة ان شاء الله.