قامت الدنيا ولم تقعد بسبب هجوم مجموعة من أنصار داعش علي محرري مجلة ¢أبيدو شارلي¢ الفرنسية ولم يتوقف احد عند الأسباب التي دفعتهم لذلك رغم رفضنا لأن يكون القتل هو سلاح الرد لأن هذا يزيد الأمر تعقيدا ويعطي فرصة لأعداء الإسلام للطعن فيه والإساءة إليه. تحاول "عقيدتي" في هذا الملف معالجة القضية بعقلانية من مختلف جوانبها خاصة أنها قضية جدلية رغم اتفاق الجميع علي تجريم الإساءة إلي الأديان والرموز الدينية كلها وليس الإسلام فقط . وضرورة وضع حد لمن يتطاولون علي المقدسات والشعائر والرسل تحت زعم حرية الإبداع والتعبير. ألسنا من أنصار المبدأ الميكافيللي ¢الغاية تبرر الوسيلة¢ فإذا كانت الغاية نبيلة وهي الدفاع عن الرسول صلي الله عليه وسلم إلا أن الردود لابد أن تكون مدروسة وليست عمياء حتي لا نكون كالدبة التي قتلت صاحبها مع إيماننا الشديد بضرورة أن يكون الرد قويا وعلي قدر الجرم حتي لا نشجع العابثين علي التطاول علي رسولنا الكريم بعد أن أغراهم ضعفنا وضياع عزتنا. نحاول في هذا الملف تغطية القضية من مختلف جوانبها لعلنا نحاول أن نتلمس الخطي إلي الطريق الصحيح والذي يبدأ بأن يتمسك المسلمون بدينهم حقا حتي تعود إليهم عزتهم المفقودة وفي نفس الوقت أن نحسن تقديم الإسلام ورسوله الكريم صلي الله عليه وسلم إلي غير المسلمين بالأفعال قبل الأقوال بدلا من الوضع الحالي الذي اطمع فينا عدونا الذي نحج في استدرجنا إلي حيث يشاء ليستخدمنا لتشويه صورة الإسلام بأيدينا عن طريق إظهارنا علي أننا قتلة وسفاكي دماء وأعداء الإبداع والتفكير. طالب الدكتور صلاح الجعفراوي- خبير الإيسيسكو. الأمين المساعد السابق للمؤتمر الإسلامي الأوروبي. منظمة الأممالمتحدة باستصدار قرار دولي يُجرِّم الإساءة أو التطاول علي الأديان ورموزها منعا لإحداث حالات الاحتقان والتوتر فيما بين أفراد المجتمع الإنساني. مُحذِّرا من ردود الفعل ¢الهوجاء¢ وغير المنضبطة تجاه الحملات المسيئة التي يُطلقها عنصريون معادون للأديان والإنسانية بهدف زعزعة الأمن والسلام الاجتماعي. داعيا لاتباع الطرق السلمية والقانونية في إظهار الاعتراض والرفض حتي لا يُتهم الإسلام والمسلمون بما ليس فيهم. أكد أن ابتعادنا نحن المسلمين عن تعاليم ديننا وسيرة سيدنا رسول الله سبب تجرّؤ المتطاولين وإساءتهم للإسلام ونبيه العظيم. مما يستلزم ضرورة التمسك بقيم وتعاليم ومبادئ ديننا وسنة نبينا حتي نمنع الإساءة والتطاول. وفيما يلي نص الحوار الذي أُجري معه باعتباره عايش المجتمع الغربي لأكثر من ربع قرن. ويدرك نفسية مجتمعه وكيفية تفكيره ورؤيته للإسلام والمسلمين. * فيما يتعلق بالإساءة إلي النبي والإسلام.. لماذا تظهر هذه الحملات من آن لآخر في الغرب؟ * * عموما. لقد تعودنا عليها خلال معايشتنا للغرب. وكنت دائما أُحلِّل هذا الأمر بأنه توجّه من قبل بعض العنصريين لإشغال الأقلية بقضايا تلهيهم عن طريقهم في تربية الأجيال الناشئة بالغرب والحفاظ علي هويتها.. ورغم أن هناك قلة تتخوَّف من الإسلام وتتخذ التطرف سبيلا لتخويف المجتمع الأوروبي منه وتسعي جاهدين لإبراز بعض الصور النمطية التي لا تمُّت إلي الإسلام بصلة. فهناك قطاع عريق من المثقفين الأوروبيين يرفضون هذا النهج ويرفضون الإساءة إلي الرموز الدينية. وقد شاركوا معنا في العديد من المؤتمرات التي دعت إلي ذلك حيث أن هذا التطرف والانحراف لم يتوقف عند الإساءة إلي الدين الإسلامي فقط بل طال كافة الديانات الأخري. وما زلتُ أُأكد علي نداء خادم الحرمين الشريفين بضرورة استصدار قرار من الأممالمتحدة يُجرِّم الإساءة إلي الرموز الدينية أيا كانت. * ما هي اليد التي تحركها؟ وهدفها من وراء ذلك؟ * * كما ذكرت أن هناك بعض الدوائر المغرضة هي التي تحرك مثل هذه الحملات ولا يخفي علي أحد من هي ومن يدعمها ويمولها.. وهدف هذه الحملات ألخصه في الآتي:- إشغال الأقلية المسلمة بفتح جبهات تحدّ من نشاطها وتغيِّر سُلَّم أولوياتها وتدخلها في صراعات مع المجتمعات التي يعيشون فيها. دفع بعض الشباب العاطفي إلي القيام بأعمال لا تتماشي مع قوانين المجتمعات التي يعيشون فيها. وبالتالي يقعون تحت طائلة القانون وتعطي صورة سلبية عن المسلمين ويتم وضع قوانين تحد من حريتهم. الوقيعة بين المؤسسات الدينية الرسمية في البلدان الإسلامية والهيئات الرسمية في الدول الغربية. وبالتالي تسوء العلاقات بين الدول الإسلامية والدول الغربية وبذلك تستطيع تلك الجهات المُغرضة بث سمومها وإبراز العرب والمسلمين بصورة هم أبعد ما يكونون عنها. إحراج الحكومات الإسلامية أمام شعوبها إن لم تتخذ مواقف حادة لشجب مثل تلك الأفعال. تأكيد الصور النمطية بأن الإسلام دين العنف والتطرف والإرهاب عندما يقوم البعض بإظهار الغضب عن طريق المظاهرات أو حرق الأعلام أو مقاطعة البضائع. نسيج غربي * هل المسلمون في الغرب يتسمون بالتشدد والعنف فيظهر هذا في ردهم علي أي إساءة؟ * * المسلمون في الغرب جزء من نسيج المجتمعات الغربية. لهم ما لهم وعليهم ما عليهم.. ويؤمنون أن أمن وسلامة المجتمعات الغربية هي أمن وسلام لهم. وردود الأفعال دائما ما تتماشي مع القوانين الأوروبية ولا تتخطاها.. إما مظاهرات مصرح بها أو رفع قضايا أمام الهيئات القضائية أو بيان يُرسل إلي المؤسسات الإعلامية.. فالأقلية المسلمة في الغرب لا تتسم بالتشدد في عمومها.. وإن ظهر بعض الأفراد كالذين ذهبوا للقتال مع داعش فهم يمثلون جزءا لا يُذكر من حيث حجم وعدد المسلمين في أوروبا.. وكل الديانات أو الأفكار فيها المعتدل الوسطي وفيها المنحرف المتطرف.. وهذا ليس حُجَّة علي الدين ولا نستطيع أن نصف دينا ما بالإرهاب أو العنصرية إن قام بعض منتسبيه بأعمال لا تتماشي و قيم وأخلاق هذا الدين. قرار دولي * ما هو التصرف الأمثل في الرد علي مثل تلك الإساءات؟ * * أعتقد أن ردود الأفعال غير المنضبطة تزيد من الاحتقان وتؤدي إلي مزيد من التوتر داخل المجتمعات الأوروبية. وأكرر: أنه لابد من استصدار قرار من الأممالمتحدة يُجرِّم الإساءة إلي الرموز الدينية حتي يقف هؤلاء الأقزام عند حدهم ولا يستفزوا مشاعر المؤمنين ثانية. * هل العنف والشدة في الرد علي الإساءة توقفها أم العكس؟ * * إن العنف في الرد علي هذه الاستفزازات تعطي فرصة لأعداء الإسلام لمزيد من الإساءات والمُهاترات.. فأري الانضباط في رد الفعل وإصدار البيانات المتزنة كما تفعل مؤسسة الأزهر الشريف مع ضغوط سياسية من قبل حكومات الدول الإسلامية كفيلة بأن تجعل الحكومات الغربية توجه هذه المؤسسات الإعلامية التافهة لتكف عن هذه الاستفزازات حتي لا تضع حكوماتها في حرج أمام الدول الإسلامية. المشكلة فينا * كيف نجعل من تلك الإساءات فرصة لمزيد من التقرب والتمسك بأخلاق سيدنا رسول الله؟ بحيث يري المسيئون أن تصرفاتهم تزيدنا تقربا وتمسكا بنبينا وليس بعدا عنه؟ * * إن بعدنا عن ديننا وعدم الانصياع إلي توجيهات نبينا صلي الله عليه وسلم هو الذي جعل مثل هؤلاء يسخرون منا ولا يُقدِّرون لنا قيمة. فعلينا أن نعود إلي تعاليم هذا الدين السمح والتمسّك بسيرة نبينا صلي الله عليه وسلم.. ولا نأبه بتلك الحملات التي لا تنال من قوة إيماننا بالله. * إذا كانت لديك أية تجارب عملية من خلال معايشتك للمجمتع الغربي فترة ربع قرن تقريبا. تفيد في مثل هذه المواقف؟ * * كانت لدينا تجارب كثيرة خلال العقود الثلاث التي قضيتها في الغرب.. وقد أصبنا أحيانا وأخطأنا أحيانا أخري.. فأدعو أبناء الجيل الثاني أن يتعلَّموا من سيرتنا. فيقيلوا عثراتنا ويبنوا علي ما شيدناه وهذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق.