بنظرة سريعة علي دور المسجد عبر التاريخ نجد هناك حقائق كثيرة تطلعنا علي أمور ما أحوجنا للتعرف عليها.. فالمسجد كان مصنعاً للرجال وصناعة المجتمعات وتحميس الأفراد وتنقية القلوب والأفكار.. كل ذلك وغيره كان دور المسجد في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار".. تري ما هو دور المسجد الآن.. وهل هو مصنع الرجال كما كان.. وكيف تدار أمور الدعوة فيه الآن وهل يصلح المسجد ليتصدر المشهد السياسي كما كان علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم.. وللاجابة عن هذه الأسئلة كان هذا الحوار مع الشيخ محمد عبدالرازق وكيل أول الوزارة ورئيس القطاع الديني بالأوقاف الذي أوضح في حواره ان المسجد لم يقف عند وظيفة الصلاة وصلاة الجمعة فقط كما يدعي البعض الآن وانما يمتد دوره ليشمل كل جوانب ذكر الله تعالي. فالذي يدخل المسجد يتلقي العلم ومزاولة أعمال البر وكل شئون الطاعة التي لا تتم علي خير الوجوه إلا بذكر الله ومراقبته. * قلت للشيخ عبدالرازق.. لكن المشاهد الآن ان المسجد يقتصر فقط علي أداء الصلاة والدروس الدينية ولم يتطرق إلي الأمور السياسية.. بل يُمنع فيه ذلك تماماً بتعليمات وزارية؟!. ** قال الشيخ عبدالرازق.. المسجد الآن يؤدي دوره الدعوي علي أفضل ما يكون.. لكن في ظل الظروف التي نعيشها الآن خصوصاً في هذه المرحلة الفارقة هناك العديد من الصعوبات التي تواجهنا والتحديات التي يعيشها الوطن.. ولابد من التكاتف جميعاً لمواجهتها والنهوض بمصر.. فلا يليق أبداً أن نجعل المساجد ساحات للصراعات السياسية والخلافية في ظل ما نعيشه الآن.. فلابد من تنظيم العمل الدعوي والبعد عن الخلاف السياسي.. فكانت التعليمات ضرورة البعد عن السياسة ولرجال السياسة البعد عن المنابر ومن يريد العمل الدعوي لابد أن يبتعد عن السياسة. * لكن هل هذا يمنع أن يكون للمسجد دوره السياسي في خدمة المجتمع؟ ** المسجد الآن له دور دعوي في التوجيه والإرشاد.. أما علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم فلم تكن هناك مؤسسات سياسية أو شرطية أو قضائية ولم يكن إلا المسجد فقط.. أما الآن.. فتعددت المؤسسات في الدولة وأصبحت تؤدي دورها لخدمة المجتمع وأصبح للمسجد دوره الدعوي والتثقيفي والديني.. وأصبح دوره بعيداً عن السياسة لوجود البدائل المتعددة والتي تعمل جنباً إلي جنب مع دوره التثقيفي والتوعوي. * لكن البعض يرون ان القرارات الوزارية بعدم منع صعود المنبر لغير الأزهريين والمتخصصين هو تكميم للأفواه والبعد بالمسجد عن دوره الرئيسي؟! ** هذا القرارات لضبط المنابر وليست لتأميم المساجد كما يدعي البعض وللحفاظ علي قدسيتها. فالأوقاف هي المسئولة عن الدعوة والمساجد.. فالأوقاف وزارة دعوية وطنية تهدف نشر سماحة الإسلام وفق المنهج الأزهري الوسطي بعيداً عن الدعاية السياسية أو الحزبية لأن المساجد للدعوة والذكر والعبادة. * البعض يري ان المساجد لم تلتزم بموضوعات معينة في خطب الجمعة.. وهذا معناه رسوب تجربة الخطبة الموحدة التي تراهن علي نجاحها الأوقاف!! ** نحن لا نفرض موضوعات معينة علي الأئمة بل نفرض موضوعات علي موقع الوزارة ويتم تحديد الموضوعات طبقاً لاستبيان يشارك فيه الدعاة أنفسهم ولا نفرض عليهم ذلك بل نحدد الموضوع ونترك للإمام أن يوصل الفكرة بالأدلة من القرآن والسنة للناس.. ونحرص في موضوعاتنا أن نتناول مشكلات المجتمع وقضاياه وإيجاد الحلول المناسبة لذلك وأن نبتعد عن الموضوعات التي تحدث الفرقة والتشتت والانقسام في المجتمع في ظل الظروف التي نعيشها الآن.. ونترك للإمام الحديث في الموضوع بطريقته الخاصة. * وماذا عن الضبطية القضائية؟! ** الضبطية هي تفعيل للقانون 51 الصادر في مايو الماضي والهدف منه حماية المنبر من الدخلاء.. واختصارا للوقت بدلاً من محضر الشرطة.. وهو أن يكون لبعض قيادات ومفتشي الوزارة في مجال اختصاصهم فيما يتصل بتطبيق بنود القانون بتنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها من الساحات والميادين العامة ومراكز الشباب وغيرها.. ولابد من تطبيق هذا القانون بكل حسم حفاظاً علي أمننا القومي ولإحكام السيطرة علي المساجد.. وان الهدف ضبط الخطاب الديني ووقف التطاول علي بيوت الله واعتلاء المنابر عنوة والقضاء علي نبرات التشدد والتطرف وان تطبيق القانون يمنع استغلال المساجد في الترويج لتيارات أو أفكار خارجة. * وماذا عن قرارات منع الأذان وقراءة القرآن في مكبرات الصوت؟! ** ما نشرته بعض وسائل الإعلام عار تماماً عن الصحة فالوزارة أصدرت قراراً بقصر استخدام مكبرات الصوت بالمساجد علي الأذان فقط.. فلا يعقل أبداً أن استعمل مكبر الصوت في وقت الفجر في إذاعة التواشيح وقراءة القرآن بصوت عال قبل الأذان بفترة طويلة.. فهناك أصحاب الأعذار وهناك النائمون وهناك أخوة لنا مسيحيون وخلافه فلا يحق بحال أن استعمل مكبر الصوت لفترات طويلة قد تؤثر علي راحة الكثيرين.. ومن هنا صدر القرار الذي هدفه راحة الغير.. ولم نمنع إذاعة الأذان في مكبر الصوت ولكن منعنا مكبرات الصوت في الزوايا المتقاربة. * وماذا عن نصيحتكم لشباب الدعاة لمواكبة تطوير الخطاب الديني والتعامل مع قضايا الوطن؟! ** دائماً أنصح الشباب بأن المنابر للدعوة وليست للسياسة.. الإمام هو المسئول الأول عن مسجده. وعليه ألا يترك منبره لأي أحد مهما كان ولابد من الاجتهاد والتركيز في العمل والعمل علي حل مشاكل الناس الدينية والتواجد المستمر في المسجد يكسب الداعية ثقة الناس وعلي الدعاة الجدد أن يثروا ثقافتهم الدينية بكثرة الاطلاع والقراءة علي كل ما هو جديد وأن يبتعدوا عن الموضوعات التي من شأنها إحداث الفرقة بين الناس.