الشيخ محمد عبد الرازق وكيل الأوقاف ورئيس القطاع الدينى، يتميز بالهدوء والزهد، يعمل بكل جهد لخدمة الدعوة الإسلامية، له مكانة كبيرة بين الأئمة والدعاة، وله تجربة كبيرة فى العمل بجميع المناصب القيادية فى وزارة الأوقاف، من درجة إمام وخطيب إلى وكيل وزارة لشئون المساجد بالديوان العام، وفى كل المناصب التى شغلها بالمحافظات كان يتم تكريمه من جانب المسئولين فى المحافظة والوزارة، وحول ذكرياته فى رمضان، وخطة الوزارة لنشر سماحة الإسلام، ومواجهة الدخلاء على الدعوة، والنصائح التى يقدمها لشباب الأئمة والدعاة، دار الحوار: فى البداية نود أن نعرف ذكرياتك فى شهر رمضان ؟ رمضان شهر الذكريات التى ترتبط بالمساجد وصلاة التراويح وحفظ القرآن الكريم، وذكريات رمضان فى فترة الطفولة لا يمكن أن تمحى من الذاكرة، وتظل فى وجدان الإنسان، وهنا أذكر الشيخ عبد اللطيف الصباغ، الذى كان له الفضل فى أن أحفظ القرآن الكريم فى سن التاسعة، وفى قريتى صنصفط مركز منوف محافظة المنوفية، تربيت على القرآن الكريم وحب المساجد، وكنا فى الطفولة نخاف خوفا شديدا من الشيخ عبد اللطيف رحمه الله، لأنه كانت له مكانة كبيرة لدينا، وكان يجلس بعد صلاة العصر أمام مسجد القرية، وعندما يرى أحد الأطفال يلعب كان فى اليوم التالى يضربه بالفلكة، وكانت الكتاتيب فى الماضى تسمى مدارس القرآن، وكان والدى ووالدتى يريدان لى ولإخوتى أن نلتحق بالأزهر، وقد تحقق هذا والحمد لله ودخلت الأزهر الشريف، وكنت أحرص فى رمضان على التواجد فى مسجد القرية، وأحرص على حضور درس العصر، وكانت صلاة التراويح 20 ركعة، وبعد صلاة التراويح كان رجال القرية يتنقلون بين بيوت العائلات الكبري، لأن كل عائلة كانت تخصص مكانا طوال الشهر لأحد المشايخ، وكان الأطفال يتنقلون بشكل مستمر بين بيوت العائلات بعد صلاة التراويح، وهذه العادات غرست لدينا حب القرآن الكريم . وماذا عن رمضان بعد أن التحقت بكلية أصول الدين بالأزهر، وبدأت تمارس الدعوة والخطابة؟ لقد التحقت بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، لكننى لم أنتقل للعيش فى القاهرة، وكنت أقيم فى بلدى بمحافظة المنوفية، لكن الالتحاق بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، كان يعد البداية الحقيقية لى فى مجال الدعوة والخطابة، وطوال فترة الدراسة كنت ألقى الدروس الدينية فى المسجد، وكان لى نشاط كبير فى مجال الدعوة، وهذه الفترة كانت تعد تدريبا عمليا، وهناك الكثير من الذكريات المرتبطة بشهر رمضان خلال هذه الفترة، وكنا نذهب فى القوافل الدعوية، ونحرص على صلاة التراويح بجزء يوميا، وكنت أنتقل بين عدد من المساجد فى القرى المجاورة، وأثناء فترة الامتحانات كنا نقيم فى أحد الأروقة بالجامع الأزهر، وكنا نذاكر طوال اليوم فى الحسين والجامع الأزهر، وبعد التخرج من كلية أصول الدين عام 1979 التحقت بالخدمة العسكرية، وكنت مكلفا طوال فترة التجنيد بالخطابة، وفى رمضان كنت أقوم بإلقاء الدروس الدينية والمحاضرات . وماذا عن رمضان بعد أن عينت بالأوقاف وأصبحت إماما وخطيبا؟ بعد انتهاء فترة التجنيد مباشرة تم تعيينى إماما وخطيبا بوزارة الأوقاف، وكان لدى عشق للخطابة والدعوة، وكنت أضع لنفسى خطة وجدولا فى رمضان، وذلك حتى أقوم بدورى على أكمل وجه، فكنت أحرص على التواجد فى المسجد طوال الوقت، وكانت هناك دروس دينية بشكل منتظم، وكان المسجد يشهد زحاما كبيرا فى رمضان، وخصوصا وقت الدروس الدينية، وبعد ذلك عملت بالتفتيش، وأصبحت «مفتش أول»، ثم عملت مديرا بأوقاف السويس، وخلال هذه الفترة كنت أقوم فى رمضان بجهد كبير جدا، لدرجة أن محافظ السويس وقتها قام بتكريمى على ما أقوم به من جهد، وأيضا نظرا لدورى فى محو الأمية فى المحافظة، وكانت المكافأة رحلة حج لى ولزوجتي، وبعد ذلك عملت وكيلا لوزارة الأوقاف ببنى سويف، وكانت هناك تجربة رائعة ورائدة خلال عملى فى بنى سويف، وقمت بوضع أجهزة عرض وشاشات فى الشوارع لنقل الندوات وملتقى الفكر الإسلامى، واستمر ذلك طوال فترة عملى بالمحافظة، وتم اختيار مديرية أوقاف بنى سويف كأفضل مديرية على مستوى الجمهورية فى عام 2008، وكرمنى الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف وقتها بالسفر للحج، وبعد ذلك عملت وكيلا لوزارة الأوقاف بالجيزة ثم وكيلا لوزارة الأوقاف بالإسكندرية، ثم وكيلا لوزارة الأوقاف لشئون المساجد بالديوان العام، وطوال عملى بالأوقاف وحتى اليوم أحرص طوال شهر رمضان على إلقاء الدروس والمشاركة فى القوافل الدعوية . كيف ترى صراع بعض التيارات السياسية لتصدر المشهد الدعوى ومحاولة اعتلاء المنابر بالقوة؟ هذه من الظواهر الغريبة والتى يجب ألا تكون موجودة، وخصوصا فى هذه المرحلة الفارقة فى حياة مصر، فهناك الكثير من الصعوبات والتحديات التى تواجه الوطن، ولابد من التكاتف لمواجهة هذه التحديات والنهوض بمصر، ولا يليق بأى إنسان أن يصعد المنبر بالقوة، فكل هذه الصراعات من جانب البعض على المنابر، سببها حب المناصب والظهور، ودائما نقول لرجال السياسية عليكم بالبعد عن المنابر، ومن يريد العمل بالدعوة لابد أن يبتعد عن السياسية، ونطالب بالالتزام بقرار الأوقاف بمنع صعود غير المتخصصين لمنابر المساجد، والهدف من هذا ضبط المنابر والحفاظ على قدسية المساجد، فالأوقاف هى المسئولة عن الدعوة والمساجد، ونحن نعمل تحت مظلة الأزهر الشريف، ونطالب الجميع باحترام القرارات التى تصدر عن الوزارة فى هذا الشأن، فكما يقول الوزير دائما إن الأوقاف وزارة دعوية وطنية، تهدف لنشر سماحة الإسلام وفق المنهج الأزهرى الوسطي، بعيدا عن الدعاية السياسية الحزبية، لأن المساجد للدعوة والذكر والعبادة ولن تكون للسياسة . وماذا عن خطة الوزارة الخاصة بالدروس والندوات والأمسيات الدينية خلال شهر رمضان؟ هناك خطة للنشاط الدينى فى رمضان، والمديريات الإقليمية فى المحافظات قامت بالاستعداد لتنفيذ هذه الخطة قبل شهر رمضان بفترة طويلة، وبشكل عام سيكون هناك دروس دينية فى جميع المساجد، وتم التنبيه على الأئمة والدعاة بالتواجد داخل المساجد، وتنظيم الدروس الدينية بشكل منتظم، وتم اختيار حوالى 150 مسجدا من أكبر المساجد على مستوى الجمهورية، لتقام فيها الندوات السهرات الرمضانية، وأيضا هناك سهرات للقراء فى المساجد عقب صلاة التراويح، كما أن هناك عددا كبيرا من المساجد سوف تصلى بجزء من القرآن فى صلاة التراويح، هذا بالإضافة إلى القوافل الدعوية التى يقوم بها علماء الأزهر والأوقاف، وسيتم تكثيف هذه القوافل فى رمضان، وأيضا لدينا ملتقى الفكر الإسلامي، والمساجد الكبرى بالقاهرةوالمحافظات سوف تشهد ندوات يوميا، وذلك بحضور كبار العلماء والدعاة . البعض يرى أن الوزارة تفرض موضوعات معينة على الأئمة فى خطبة الجمعة، فهل نجحت تجربة الخطبة الموحدة ؟ توحيد خطبة الجمعة من أهم القرارات التى صدرت فى الفترة الأخيرة، وهذه التجربة نجحت بشكل كبير جدا، وهناك تجاوب من جانب الأئمة والدعاة، والوزارة لا تفرض موضوعات معينة على الأئمة، بل نعرض الموضوعات على الأئمة والدعاة عبر موقع الوزارة، ويتم تحديد الموضوعات طبقا لاستبيان يشارك فيه الدعاة أنفسهم، ولا نفرض موضوعات معينة، بل نحدد الموضوع ونترك للإمام أن يوصل الفكرة بالأدلة من القرآن والسنة للناس، والمؤكد أن خطبة الجمعة الموحدة تناولت موضوعات غير مسبوقة، فقد تناولت موضوعا حول التخطيط ودوره فى حياة الفرد والمجتمع، دور الشباب فى بناء الوطن، خطورة التحرش الجنسي، توعية الشباب ضد مخاطر الإدمان، حماية البيئة من التلوث، وغير ذلك من الموضوعات التى كان لها مردود ايجابى كبير، فكل الموضوعات التى تم تناولها تهم المجتمع، وتوضح حقيقة الإسلام وسماحة أفقه، وتواجه العنف والتشدد والإرهاب، وهذا دور الوزارة فى نشر الثقافة الإسلامية وفقا للمنهج الأزهرى الوسطى . وما هى النصائح التى تقدمها لشباب الأئمة والدعاة لتطوير الخطاب الدينى ليتوافق مع الواقع وقضايا الوطن؟ دائما نقول لشباب الأئمة إن المنابر للدعوة وليست للسياسة، والإمام مسئول عن المسجد وعليه ألا يترك المنبر لأى أحد مهما كان، ولابد من الاجتهاد والتركيز فى العمل، والتواجد بين الناس، والحرص على الاطلاع بشكل مستمر والمشاركة فى الندوات والدورات التى تقوم بها الوزارة، ولابد من الالتزام بالوسطية ومنهج الأزهر، كذلك لابد من الالتزام بالزى الأزهري، لأن هذا الزى هو الذى يميز الداعية الأزهرى الوسطى عن غيره، فالزى الأزهرى له تأثير كبير لدى الناس، ولذلك ننصح الأئمة بالاهتمام بالزي، والوزارة تقدم الكثير من الدعم فى هذا المجال، وعلى الإمام أن يتناول القضايا التى تهم الوطن والمواطن، وأن يبتعد عن تناول الموضوعات التى تحدث الفرقة والانقسام.