لم تردعه صلاته ولم تنهه عن الفحشاء والمنكر.... كما لم ينهه زواجه من امرأة جميلة أنجبت له ثلاث بنات حباهن الله بجمال لافت ووداعة ملهمة وبراءة محببة إلي النفس الإنسانية لا يملك المرء حين يراهن إلا أن يقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله...لم ينهه ذلك كله عن تتبع النساء والفتيات في القرية يتجسس عليهنّ ويتلصص علي بيوتهن لعله يحظي بنظرة رعناء إلي امرأة تغير ملابسها يظهر من جسدها شيء حتي لو كان ساقاً أو ذراعاً.... مرض انتابه لم يستطع التخلص منه مستغلاً في ذلك ما أعطاه الله له من وسامة وبنية قوية ووجاهة كثيراً ما سمع من الآخرين الحديث عنها. كان في البيت وحيداً حين طرقت علي باب المنزل موظفة تتبع الوحدة المحلية بالقرية تعمل مشرفة ريفية من مهامها ترشيد ربات البيوت وتوعيتهن نحو تربية الدواجن ورعايتها وقايةً من انفلونزا الطيور وكان حظها العثر أن التقاها ذلك المخبول لتسأله عن والدته وزوجته فيخبرها أنهما في الدور الأعلي لانشغالهما بمراعاة الطيور المنزلية ولعدم استطاعتهما النزول - كذباً - طلب منها الصعود إليهما لملاقاتهما... وكعادة أهل الريف يعرفون بعضهم بعضاً صعدت الفتاة الموظفة فإذا به يدفعها إلي حجرة رافعاً بيده سكيناً طالباً منها خلع ملابسها مهدداً إياها بقتلها إن امتنعت أو رفعت صوت استغاثة.. استجابت له كرهاً حتي رآها كما ولدتها أمها وأخذ يصورها بهاتفه المحمول في أوضاع متعددة...لم يمارس معها الجنس ولكن اكتفي بأن تحسس أعضاءها التناسلية بيده تارة وبيدها تارة أخري ومع كل حركة يرفع السكين بالتهديد حتي أشبع شهوته وأرضي مرضه وتركها ترتدي ملابسها لتخرج إلي الشارع بسرعة البرق مضطربة خائفة لا تكاد تسيطر علي قدميها.... لم تخاطب أمها بشئ مما حدث خوفاً من الفضيحة التي سوف تلحقها ظناً منها أن ذلك المعتوه لن يخاطب أحداً في ذلك إلا أنه بث الصور التي التقطها لها ولغيرها من الضحايا إلي أجهزة الهواتف المحمولة في القرية يعرضها لمن يرغب وينقلها إلي أجهزتهم وأصبحت القرية كلها علي علم بما حدث. وصل الأمر إلي مسامع أمها الأرملة التي تعولها وأخواتها وقدمت بلاغاً للنيابة العامة التي اتخذت إجراءاتها في التحقيق وثبت لديها ما يدفعها إلي تقديمه أمام محكمة الجنايات واتهامه بتهمي متعددة مستخدماً سلاحاً لتهديد ضحيته بهدف إتمام جريمته. في المحكمة دفع محاميه بأن الفتاة وافقت ورغبت فيما حدث دون إكراه مضيفاً أن الصور الثابتة علي الجهاز ليست للمتهم. أمرت المحكمة بإحضار الجهاز المحمول الخاص بالمتهم وعرض ما به من صور...كان وكيل النائب العام الحاضر بالجلسة لديه من الخبرة ما يستطيع بها تشغيل مثل هذه الأجهزة وتابعت المحكمة الصور المسجلة مقترنة بالصوت لتسمع تهديد المتهم للضحية وأمرها بالأفعال الشاذة التي ترضي مرضه وتشبع نزقه وانحرافه وحين تمتنع أو تبكي يهددها بالضرب بمقبض السكين وأخذ يتفحص جسدها ومواطن العفة منها حتي أصبحت في حالةي شيطانية.... وفي كل مرة تخلع قطعة من ملابسها يكون بالتهديد والوعيد والضرب والسب المؤلم ما كان لها أن تهرب أو تقاوم وهو شاهرى سلاحه الأبيض الذي ظهر في الصور المتتالية للجهاز المحمول وسألته المحكمة هل ما تسمعه الآن هو صوتك.. ؟ أجاب نعم... أغلقت المحكمة الجهاز وقد شعرت بالقرف والاشمئزاز من بشاعة المناظر ووحشيتها وانعدام الإنسانية وانهزام القيم والأخلاق والعجيب أن المحكمة لاحظت: علامة في وجه المتهم تنبئ عن كثرة سجوده في الصلاة فأيقنت أن القرآن حين توعد المصلين بقوله تعالي: ¢ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون¢.. أراد أن يبين للناس أن شر المصلّين الذين يسهون عن غاية الصلاة التي هي البعد عن الفحشاء والمنكر ومن لم ينته منهم فلا صلاة له ويكون مرائياً أي منافقاً إذ إن النفاق أخطر ما يصيب الإنسانية ذلك بأن الكافر معلومى لدي الفئةُ المؤمنة بكفره وعدم الخضوع لصيحة الوحدانية.. فيمكن للمؤمنين أن يتجنبوه أو يحتاطوا منه. أما المنافق فيمثل خطراً كبيراً وشراً عظيماً لتحليه بإيماني لم يمس قلبه ومظهري مخالفي لأعماقه فيكون عدواً لدوداً يصلي نفاقاً ويصوم نفاقاً فلا تنتبه له الفئة المؤمنة.. ومن هنا كان قول الحق تبارك وتعالي¢إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار¢ ولم يقل الكافرين ومثل هذا المتهم يخادع الناس بأدائه الصلوات حتي ظهرت علامة السجود في جبهته وهو عن غاية الصلاة ساهي لانغماسه في الفحشاء والمنكر وارتكابهما والتظاهر نفاقاً بغير ما يبطن ولم يدرك معني الصلاة وهي الصلة بين العبد وربه ومعاهدة الخالق علي المضي قدماً في طريق الصلاح والنفس الإنسانية إعمالاً بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم¢خير الناس أنفعهم للناس¢.. غفل هذا المتهم المسكين أن الله هو الأعلم بالقلوب والخبير بالنفوس وأن المؤمن الحق هو ما تتفق جوانياته مع برانياته وليس له إلا صورة واحدة... والنفاق صفة تفوق كل الصفات الممقوتة وأشد الرذائل التي يتصف بها الإنسان إذ إن المنافق لا يؤمَن جانبه ولا تطمئن له النفوس بخداعه الدائم وتزويره المستمر... خداع المجتمع وتضليله وتزوير الحق وتدميره كثيراً ما يُخدع الناس بمناظر المنافقين فتضيع الأمانات وتهدم الثقة بين أفراد المجتمع وطوائفه.