أستاذ مساعد الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر فرع الدقهلية الفتوي في اللغة تدور علي معني الإظهار والإبانة. يقال:أفتاه في الأمر إذا أبانه له وأظهره. يقال: أفتي الفقيه في مسألة إذا بين حكمها. وفي الاصطلاح:تعددت تعريفات العلماء للفتوي. وهذه التعاريف وإن اختلفت ألفاظها. إلا أنها متفقة في المعني. حيث أوضحت أن الفتوي غالباً ما تكون جواباً لسؤال. وهذا ما يوافق المعني اللغوي أيضاً. كما أنها جاءت مقتصرة علي الأمور والأحكام الشرعية. وبالتالي فالسؤال عن أي أمر من أمور العلم لا يطلق عليه أنه فتوي بالمعني الحقيقي المراد عند الفقهاء والأصوليين. ومن أبرز ما قيل فيها أنها:الإخبار عن حكم الله تعالي بمعرفة دليله. أهمية الفتوي وخطورتها:معلوم أن الفتوي في الإسلام عظيمة المقام. كثيرة الأهمية. فائقة الخطورة. لذلك قالوا:إن المفتي موقع عن الله تعالي. أو هو الواسطة بين الله وبين خلقه. من أجل ذلك اهتم بها الصحابة ومن جاء بعدهم لعلمهم التام بعظم المسؤولية المترتبة عليها. وكان الصحابة ينأون بأنفسهم من التعرض لها. قال عبد الرحمن بن أبي ليلي:أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يُسْأَلى أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلي هذا. وهذا إلي هذا حتي ترجع إلي الأول. والأقوال في خطورة الفتوي أكثر من أن تحصي. فقد روي عن عطاء بن السائب أنه قال:أدركت أقواماً يىسْألى أحدهم عن الشيء فيتكلم وهو يرعد. وعن ابن عباس ومحمد بن عجلان أنهما قالا:إذا أغفل العالم لا أدري فقد أصيبت مقاتله. وروي عن الشافعي أنه سئل في مسألة فسكت ولم يجب. فقيل له:لم السكوت ؟ قال:حتي أدري أن الفضل في السكوت أو في الجواب. وقد عرف الإمام مالك بكثرة قوله ¢لا أدري¢ يقول الهيثم بن جميل: ¢ شهدت مالكاً سئل عن ثمانية وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين لا أدري. وقيل:ربما كان يسأل مالك عن خمسين مسألة فلا يجيب في واحدةي منها. وكان رحمه الله يقول:من أجاب في مسألة فينبغي قبل أن يجيب فيها أن يعرض نفسه علي الجنة والنار وكيف يكون خلاصه في الآخرة. ثم يجيب فيها. ومع تلك المكانة الجليلة التي قررها العلماء للفتوي. فإنهم تعرضوا للتفريق بين المفتيوالقاضي من حيث المسؤولية وأيهما أخف مغرما وأقل إثماً. فقال أبو عثمان الحداد:القاضي أيسر مأثما وأقرب إلي السلامة من المفتي. وعلل ذلك بقوله:إن من شأن القاضي الأناة والتثبت قبل الفصل في القضايا. والتثبت والأناة غالباً ما يكون فيهما الصواب. علي عكس المفتي الذي يقوم بالرد علي كل ما يرد إليه من استفسارات. وأري أن هذا الكلام محل نظر » لأن القاضي إذا كان من شأنه التثبت والأناة فهو أيضاً شأن المفتي. بل هو آكد من القاضي. لأن القاضي مخبر عن حكم الله تعالي في الواقعة. فهو لا ينشيء أحكاماً جديدة. بخلاف المفتي إذ في بعض الأحيان يكون مضطرا للاجتهاد. خاصة في فتاوي النوازل. وقال البعض الآخر: المفتي أخف إثماً وأقرب إلي السلامة من القاضي » لأنه مخبر بالفتوي لا ملزم بها. فهو يخبر المستفتي بالحكم. والمستفتي مخير إن شاء أخذ وإن شاء ترك. أما القاضي فالشأن في حكمه الإلزام. والخصوم مجبرون علي التنفيذ والامتثال. وللحديث بقية.