يتميز كتاب ¢الدين الخالص¢ لشيخنا ومؤسس جمعيتنا الشرعية الشيخ محمود خطاب السبكي بمحاربة التعصب المذهبي حيث يذكر آراء المذاهب الأربعة وأدلة كل رأي. وأحيانا يختار ما يرجحه الدليل وأحيانا تستوي عنده الأدلة فيترك الترجيح. فهو إلي الفقه المقارن أقرب» ولما كانت همم الشباب اليوم منصرفة عن إدراك مناقشات العلماء في استنباط الأحكام مما حفل به الكتاب آثرت أن أختصره بذكر الرأي ودليله وما ترجح لدي الشيخ مع الحرص علي تفصيل الأحكام التي يدور حولها نقاش لا يخلو من عصبية مذهبية بين شباب اليوم الذي اكتفي بما قرأه في مذهب واحد وما استند إليه هذا المذهب كما حرصت علي تنحية أي حديث حكم عليه بالضعف أو الإرسال وفي هذا العدد نستعرض بالتفصيل كل ما يتعلق بالصيام. ما لا يفسد الصّوم 1- الأكل والشرب والجماع ناسيًا عند الحنفيين والشّافعي لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ أنّ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمى فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ" أخرجه السبعة وهذا لفظ مسلم. وقال الترمذي: حسن صحيح. والعمل علي هذا عند أكثر أهل العلم. وقال أحمد: الأكل والشرب ناسيًا لا شيء عليه. أمّا الجماع ناسيًا فعليه القضاء والكفارة. وقالت المالكيّة: مَن تعاطي أي مفطر ناسيًا في رمضان عليه القضاء دون الكفارة. 2- مَن احتلم نهارًا وهو صائم لا يبطل صومه إجماعًا. 3- لا يفسد صوم المرأة إذا أدخلت إصبعها في فرجها ولو مُبتلاًّ عند أحمد. 4- مَن ذرعه القيء لا يبطل صومه ولو كان ملء الفم إذا لم يعد منه شيء إلي الجوف إجماعًا. فإن كان ملء الفم وأعاد شيئًا منه أفطر اتفاقًا. وعلي الجملة فلا يبطل الصّوم بارتكاب شيء من المباح والمكروه فيما تقدّم. ما يفسد الصّوم منه ما يوجب القضاء. ومنه ما يوجب القضاء والكفارة. أ- ما يوجب القضاء فقط: 1- المُكرَه علي الإفطار والمخطئ عند الحنفيين ومالك. وعند الشّافعي لا يفطر وليس عليه قضاء. 2- وصول ما لا نفع فيه إلي الجوف من منفذ مفتوح أو إلي باطن الرأس عمدًا. 3- الحقنة في الدبر أو قبل المرأة. 4- السعوط. وهو إيصال مائع وغيره إلي الجوف عن طريق الأنف. 5- تقطير مائع ولو ماء في الأذن علي الصحيح عند الأئمة الثلاثة غير مالك إذا كان عمدًا. وعند مالك يفسد ولو كان سهوًا أو شاكًّا. 6- مداواة الجرح البالغ إلي الجوف أو إلي أُمّ الرأس. لعموم ما ورد أنّ الفطر ممّا دخل وليس ممّا خرج كما في البخاري هذا إن تحقّق الوصول اتفاقًا. أمّا إذا شك فيه وكان الدواء رطبًا فكذلك عند أبي حنيفة ومالك. وقال الشّافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد لا يفسد الصّوم بالشك في الوصول. فإن كان يابسًا فلا فطر اتفاقًا إذا شكّ في وصوله. 7- تعمّد القيء ولو قليلاً لعموم قول النّبيّ صلي الله عليه وسلم: "وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ". وقال أبو يوسف وفي رواية عن أحمد: تعمّد القيء لا يفسد إلاّ إذا ملأ الفم. 8- إنزال المني عن مباشرة أو بجماع بهيمة أو استمناء بالكف وهو حرام. 9- مَن تسحّر يظن بقاء الليل فتبيّن طلوع الفجر. وكذلك مَن أفطر آخر النهار يظن غروب الشمس. يبطل صومه عند الأربعة والجمهور. أمّا إن شكّ في طلوع الفجر ولم يتبيّن الأمر فليس عليه قضاء عند الحنفيين والشّافعي وأحمد» لأنّ الآية اشترطت التبيّن في "حَتَّي يَتَبَيَّنَ لَكُم الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِن الْخَيْطِ الأَسْوَدِ" "البقرة:187". وقال مالك: يلزمه القضاء. فائدتان الأولي: مَن جامع قبل طلوع الفجر ثم طلع فإن نزع فورًا لم يفسد صومه عند الحنفيين والشّافعي وهو مشهور مذهب أحمد» لأنّه ترك الجماع فلا يتعلّق به حكمه. وقال مالك: يفسد صومه ولا كفارة عليه. وإن لم ينزع فسد صومه وعليه القضاء اتفاقًا وكذا الكفارة عند الثلاثة ما عدا الحنفيين. الثّانية: مَن جامع يظن الفجر لم يطلع وتبيّن أنّه قد طلع فسد صومه وعليه القضاء فقط عند الحنفيين والشّافعي. وقال مالك وأحمد: عليه القضاء والكفارة. 10- يفسد الصّوم بالأكل عمدًا بعد أن أكل ناسيًا فظنّ أنّه أفطر فيلزمه القضاء اتفاقًا ولا كفّارة عليه عند الحنفيين والشّافعي وأحمد. وللحديث بقية