صدرت أحكام قضائية في الفترة الأخيرة بإعدام العديد من الناس في مقتل شخص. وكعادة الشعب المصري دب الخلاف بين مؤيد ومعارض دون أن يبني لا المعارض ولا المؤيد رأيه علي سند شرعي أو قانوني. وعلي الرغم من أن أحكام القضاء لا مجال للتعليق عليها إلا في كتب الفقه والأبحاث القانونية ولا مجال للطعن عليها إلا في المحاكم بدرجتها المختلفة إلا أننا ليس في إطار التعليق علي الأحكام القضائية بل في إطار معرفة مدي شرعية وقانونية قتل الجماعة بالواحد؟ وبالرجوع لكتب الفقه الإسلامي وجدنا تناول تلك الحالة بالشرح والتفصيل. فقد أجمع الحنفية والشافعية والمالكية علي قتل الجماعة بالواحد سواء كثرت الجماعة أم قلت. وسواء باشروا جميعا القتل أم باشره بعضهم. سواء قتلوه بآلة حادة أم بغير ذلك مثل أن يضربوه ولم تتميز ضربة كل واحد منهم وسواء تساوت الضربات أم لم تتساو في شدتها وسواء حدث القتل بآلة حادة أو بآلة لا يقتل بها عادة أو حدث القتل بأن ألقوه من جبل شاهق أو في بحر خضم أو هدموا عليه حائطا حتي ولو تفاوتت جراحاتهم في العدد والفحش. وقد استند أصحاب هذا الرأي الي واقعة كتب بها الإمام علي كرم الله وجهه لسيدنا عمر رضي الله عنه عندما كان سيدنا علي أميراً علي اليمن وهي واقعة قتل امرأة من صنعاء وعشيقها لابن زوجها من غيرها والذي تركه في حجرها وسافر والتي تتلخص وقائعها في ان هذه المرأة اتخذت خليلاً لها بعد سفر زوجها وتركه لابنه من غيرها معها وخافت هذه المرأة أن يفضح ولد زوجها أمرها فأشارت علي عشيقها بقتله. فرفض فامتنعت عنه. فطاوعها واجتمع هو ورجل آخر والسيدة وخادمها علي قتل الغلام. فقتلوه وقطعوا أعضاءه. وقد اعترف عشيق الزوجة باقترافهما للجريمة. وكتب سيدنا عمر لسيدنا علي بقتلهم جميعاً بالغلام وقال قولته الشهيرة: "لو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتله لقتلتهم جميعاً" ووافقه جميع الصحابة في ذلك الوقت علي رأيه ولمن ينكر أحد منهم عليه ذلك مما يعد إجماعاً. واستند الفقهاء علي صحة هذا الرأي بأن القصاص شرع حقناً للدماء فلو لم يجب القصاص من الجماعة عند الاشتراك في قتل الواحد لأمكن لكل شخص أن يستعين بآخرين لقتل غيره فيفلت من العقاب واتخذ ذلك ذريعة لسفك الدماء. ولذلك كان لابد من حكم زاجر ليمنع هذا الفساد. أما المعارضون لقتل الجماعة بالفرد فهم الحنابلة مستندين في ذلك أن الله تعالي اشترط المساواة في القصاص ولا مساواة في القصاص بين الجماعة والواحد لقول الله تعالي "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس" وقوله تعالي "الحر بالحر والعبد بالعبد" وانتهوا إلي وجوب الدية علي حسب الرؤوس أو يتقل أحدهم وتجب الدية علي الباقين. وبالنسبة للقانون فقد نظم موضوع المساهمة الجنائية وهي حالة تعدد المتهمين في الجريمة بالاتفاق أو المساعدة بقصد المساهمة في القتل فإن الجريمة تكون واحدة ويسأل عنها كل من ساهم فيها إما باعتباره فاعلاً أو شريكاً حسب دوره طبقاً لمعيار الشروع. فإذا كانت المساهمة بفعل أصلي فان المادة 39 عقوبات لا تفرق بين من أحدث الاصابة القاتلة وبين من كانت ضربته غير قاتلة. لأن رابطة المشاركة بين الفاعلين تجعلهم متضامنين في تحمل تبعة النتيجة ولو كانت بفعل البعض دون البعض الآخر ويترتب علي ذلك ما قضت به محكمة النقض من ان مساءلة كل المتهمين عن القتل العمد تصح ولو تعذر تعيين محدث الضربة القاتلة منهم. ومن جماع ما سبق يمكن ان نستخلص توافق القانون المصري مع ما سبق أن أشرنا إليه من رأي فقهي غالب بقتل الجماعة بالواحد الأمر الذي يمكن معه قبول أي حكم قضائي يقضي بإعدام أي عدد من الأشخاص بقتل شخص من الناحية الشرعية والقانونية.