أصيبت الساحة الفقهية في الفترة الأخيرة بكثير من الدخلاء الذين يصدرون أحكاماً أو فتاوي تثير الجدل والخلاف وتشغل الرأي العام. آخر تلك الفتاوي ما اطلقه د.ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية التي دعا الرجل لعدم تعريض نفسه للتهلكة إذا وجد زوجته تتعرض للاغتصاب من مجموعة مجرمين. نافياً أن يكون الميت دون عرضه شهيداً. فماذا قال العلماء رداً علي مثل هذه الفتاوي؟!. وصف فضيلة الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق مثل هذه الفتاوي بأنها فتاوي "بتاع البطاطا" ولا تستحق الرد عليها لأن قائلها ليس بعالم ولا متخصص ولا يجوز أن نطلق عليه لقب "شيخ" أو عالم. وقال: المشكلة أننا أصبحنا نلقب كل ملتح أو دجال أو ساحر بكلمة "شيخ" فالناس هم الذين "شيخوا" الجهلاء وأعطوهم ما لا يستحقون. وهذا يتطلب وقفة حازمة من المؤسسة الدينية وهي الأزهر الشريف للمطالبة بمعاقبة كل من يدعي أو يصف نفسه بلقب "شيخ" وهو ليس أزهرياً. فخريج الأزهر في مراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية تكتب في شهادته اسمه وأبن فلان وحينما يتخرج في الجامعة أو "العالية" يكتب في شهادته "الشيخ" فلان.. فيجب التمييز بين العلماء والجهلاء الذين يدعون العلم فليس كل من "هب ودب" يجوز أن نطلق عليه كلمة "شيخ". تساءل الشيخ عاشور مستنكراً: كيف يشاهد الرجل زوجته تغتصب أمام عينيه ويجلس متفرجاً؟! شهيد العرض يشير الدكتور سعيد أبوالفتوح رئيس قسم الشريعة بكلية حقوق عين شمس إلي أن هذه الفتوي قد جانبها الصواب لأن الدفاع عن العرض أو المال واجب شرعي بدليل الحديث الشريف الذي ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وجاء فيه: أن رجلاً قال: يارسول الله. أرايت لو أن رجلاً جاء ليأخذ مالي أي عنوة ؟ قال: فلا تعطه. قال: فإن قاتلني؟ قال: فقاتله.. قال: فإن قتلني؟: فأنت شهيد قال: فإن قتلته؟ قال: فهو في النار. والمقصود بأن النفس أولي من المال والعرض إنما هو في ترتيب المقاصد التي جاء الشرع للمحافظة ولا يعني هذا الترتيب أن نعمل بعضها دون البعض الآخر. ثم إن نخوة الانسان ورجولته تأبي عليه أن يفرط في عرضه مهما كان الثمن الذي يدفعه في مقابل حمايته له. إثبات الزنا يستطرد د.أبوالفتوح موضحاً الفتوي الأخري برهامي والمتعلقة بإثبات جريمة الزنا قائلاً: هذه مسألة اثبات تعتمد علي أن يقيم الزوج الدليل علي أن زوجته قد ارتكبت هذه الجريمة. وقد وضع الاسلام شروطاً خاصة لإثبات جريمة الزنا تتمثل في اعتراف مرتكب الجريمة أو أن تثبت بأربعة شهود.. إلا أن القرآن الكريم وضع للزوج طريقاً خاصاً حينما نص علي أن الذين يرون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.. وهذا ما يسمي بطريق اللعان أو الملاعنة. يتساءل الشيخ علاء أبوالعزائم رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية شيخ الطريقة العزمية: هل المال أعز عند الانسان من عرضه حتي يستشهد من أجله أما عرضه فيتركه نهباً للمجرمين والمغتصبين؟!. قال الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء أن الفتاوي العديدة التي أطلقها في الأسبوعين الأخيرين أحد المنتمين للدعوة السلفية وكلها فتاوي شاذة وغريبة ومنها الفتوي التي تبيح للرجل تسليم زوجته للصوص إذا هجموا عليه بهدف اغتصابها حتي ينجو بحياته يؤكد أننا بحاجة لقانون حاسم يمنع التجرؤ علي الفتوي لمواجهة أدعياء الإفتاء فلابد من وجود هذا القانون الذي يوقف من يفتي بغير علم ويتسبب في كل هذا الإحتقان الذي انتشر في العالم الإسلامي من السنغال وحتي اندونيسيا .. وأضاف الدكتور واصل في تصريحات لعقيدتي أنهم يبدأون بفتاوي العلاقات الزوجية ثم يصلون بنا إلي فتاوي التكفير وإذا لم نواجههم بحسم فسوف تنتشر فتاواهم وسوف يدخلون المجتمع في حالة من الجدل والشقاق المخيف وللأسف فقد انتشرت ظاهرة اسميها انا لصوص دين واقصد بهم من يفتون بغير علم وهؤلاءپأخطر علي المجتمع من لصوص الدنيا. وخطرهم أكبر لأنهم يخدعون الناس بأحب شيء لديهم.