إن إطلاق البصر يشتت القلب ويكسبه ظلمة. ويشغل صاحبه عن الفكر فيما ينفعه في الدار الآخرة. فيكون سبباً لأعظم الفتن. فكم فسد بسبب النظر من عابد. وكم انتكس بسببه من شباب وفتيات كانوا طائعين. وكم وقع بسببه أناس في الزنا والفاحشة والعياذ بالله. ولقد أمر الشارع بغض البصر. فقال تعالي: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل وهل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن" النور: 30. .31 إن حفظ البصر هو صمام الأمان بعد حفظ الحفيظ. وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا تتبع النظرة. فإنما لك الأولي وليست لك الثانية" وسئل عن نظر الفجأة فقال: اصرف بصرك. وإذا حفظ الإنسان بصره سلم له قلبه. ووجد لإيمانه حلاوة. ففي قصة موسي عليه السلام مع المرأتين قال ابن جرير "إن خير من استأجرت القوي الأمين" تقول إن خير من تستأجره للرعي القوي علي حفظ ماشيتك والقيام عليها في إصلاحها وصلاحها الأمين الذي لا تخاف خيانته فيما تأمنه عليه. وقيل إنها لما قالت ذلك لأبيها استنكر أبوها ذلك من وصفها إياه. فقال لها وما أعلمك بذلك فقالت أما قوته فما رأيت من علاجه ما عالج عند السقي علي البئر. وأما الأمانة فما رأيت من غض البصر عني. وبنحو ذلك جاءت الأخبار عن أهل التأويل.. تفسير الطبري ج: 20 ص:.63 وكان السلف الصالح يبالغون في غض البصر. حذراً من فتنته. وخوفاً من الوقوع في عقوبته فقال بعضهم نظرت إلي امرأة لا تحل لي. فنظرت زوجتي إلي رجل أبغضه. وغض البصر: هو أن يغمض المسلم بصره عما حرم عليه. ولا ينظر إلا لما أبيح النظر إليه. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "إياكم والجلوس في الطرقات.. فقالوا يا رسول. ما لنا من مجالسنا بد. نتحدث فيها.. فقال: فإذا أبيتم إلا المجلس فاعطوا الطريق حقه.. قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر. وكف الأذي. ورد السلام. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" متفق عليه. ولكن كيف تعين الزوجة زوجها علي غض البصر. وهل لها دور في ذلك؟؟؟؟ نعم لها دور كبير وعظيم.. فمشكلة غض البصر عند الرجال لا يمكن حصرها في بؤرة معينة حيث بالبحث في هذه المشكلة وجدتها ممتدة ولها تشعبات كثيرة وسبب هذه المشكلة المرأة والرجل معاً. فإذا كان الزوج لا يغض بصره فالزوجة قد تكون مقصرة في حقه وإذا كانت المرأة لا تغض بصرها فالزوج هنا مقصر لا يشبع رغبات زوجته. وتعتبر الزوجة هي العنصر القوي والزوج هو العنصر الضعيف حيث يقع علي عاتقها المسئولية الأكبر في إعانته علي غض البصر. بشرط رغبة الزوج في طاعة الله. ولكي تحافظ الزوجة علي زوجها فعليها بالتالي: أولاً: توفير الراحة والهدوء والسعادة للزوج خاصة عند الرجوع من العمل. ثانياً: تلبية كافة احتياجات الزوج. مع اهتمامها بأنوثتها حتي لا يضطر الزوج إلي اهمالها. ثالثاً: مشاركة الزوج في الآراء عند مواجهة أي مشكلة. فاعلمي أيتها الزوجة أن لك دوراً أكبر وأهم لإسعاد زوجك والحفاظ عليه.. فالمرأة البارعة هي التي تنسي زوجها إغراءات الشارع وتحول هذه التحديات لمصلحتها ويصبح. ومن ثم فهناك طرق قد تعين الزوجة زوجها علي غض البصر وتتلخص في النقاظ التالية: 1 التزين والتجمل للزوج: فتزين الزوجة لزوجها من أهم الأسباب التي تعين الزوج علي غض بصره. بل وتجعل قلبه معلقاً بها. مما يجعله يتمني العودة للبيت لرؤيتها. ولكن كيف تكون الزينة؟؟؟ يجب أن تكون الزينة كما يشتهي الزوج وليس كما تشتهي هي وعليها أن تنوع من الزينة. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : خير النساء التي تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره "السلسلة الصحيحة صفحة 453". 2 أن تمنع الاختلاط: حيث إن الاختلاط يؤدي إلي إطلاق البصر وقتل الغيرة. وفساد الأخلاق. 3 إعانة الزوج علي طاعة الله. فكلما ازداد إيمان الزوج. استطاع غض بصره. فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. فعليك يا أختي بمساعدة زوجك علي طاعة الله وحفظ كتاب الله. 4 الترويح عن النفس معاً: بالذهاب إلي الحدائق والمتنزهات في أوقات خالية من الزحام. مع تجنب ارتياد أماكن اللهو مثل الملاهي. فما هي إلا بقعة فساد يتم فيها الاختلاط والمنكرات وهذه نماذج مشرقة من السلف الصالح في غض البصر نستفيد منها ونقتدي بها في حياتنا اليومية: * جاء الربيع بن خثيم إلي علقمة فوجد الباب مغلقاً فجلس في المسجد. فمرت نسوة فأغمض عينيه. فليس الواجب تغميض العينين إنما الواجب غض البصر. * وعن سفيان قال: كان الربيع بن خثيم يغض بصره فمر به نسوة فأطرق وغمض عينيه حتي تظن النسوة أنه أعمي فجعلن يتعوذن بالله من العمي ويحمدن الله علي البصر. * وخرج حسان رحمه الله إلي صلاة العيد فقيل له لما رجع: يا أبا عبدالله! ما رأينا عيداً أكثر نساء منه. قال: ما وقع بصري علي امرأة ولا نظرت علي امرأة. فجعل يتعجب من كلامهم. * وقال سفيان الثوري لما خرج من صلاة العيد: أول ما نبدأ به في يومنا هذا غض أبصارنا. وختاماً فإلي كل رجل: كن رحيماً. تجاوز عن الأخطاء في الحياة الزوجية وغض البصر. لاسيما إذا كانت هذه الأخطاء في الأمور الدنيوية. فجميعنا بشر معرَّض للخطر. فعلي الزوج أن يضع نصب عينيه. أنه يتعامل مع امرأة وكما قال صلي الله عليه وسلم : "إن المرأة خلقت من ضلع" رواه البخاري. وأقول لكل زوجة كوني الإسفنجة التي تمتص الماء كي لا ينتشر. أي تتغاضي عما يبدره زوجك من عصبية وسلوكيات غير مقصودة. فالزوج بخروجه من البيت. يفقد الأمان ويواجه الكثير من الصعوبات. فلتحمد الله تعالي أنه عاد إليها وإلي أطفالهما بسلام. ولم تخطفه يد الأقدار التي نواجهها في مجتمعنا المضطرب اليوم لكثرة الروتين والرتابة والملل من أعداء الحياة الزوجية. وأحسن من قال: "كل الحوادث مبدؤها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر.. كم نظرة فعلت في نفس صاحبها فعل السهام بلا قوس ولا وتر.. يسر ناظره ما ضر خاطره لا مرحباً بسرور عاد بالضرر". أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلنا ممن يصرفون الهوي عن قلوبهم ويتبعون الحق ولو كان صعباً عليهم.