لقد دخل شهر أكتوبر التاريخ يوم السادس منه وهو يوم الانتصار الكبير علي قوات العدو المتغطرس الذي تسانده قوي البغي والعدوان والاستكبار العالمي. ولقد ظن المراقبون العالميون للشئون العسكرية ان يوم الخامس من يونيو 1967م هو يوم القضاء النهائي علي القوات المصرية. وهو ظن مخطئ لأنهم أغفلوا معرفة اليقين المصري بنصر الله. ولقد غلبت الفئات القليلة الجيوش العارمة في الحروب الدفاعية الإسلامية. وقد نصر الله القلة علي الكثرة في يوم بدر وقد كان ذلك رمزاً لقوة الإرادة التي انتصرت بها القلة الإسلامية علي الكثرة الكافرة التي تمثلت في قريش بتاريخها وعقائدها وواقعها القوي. ولقد عبر القرآن الكريم عن ذلك في آية قصيرة من آياته الكريمة حيث قال تعالي: "ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة" فالنصر من عند الله. وحين اغتر المسلمون بكثرتهم وظنوا ان قوتهم المادية هي سبب نصرهم لقنهم الله درساً يتعظون به في يوم حنين. وقد عبر القرآن عن ذلك أيضا في قول الله تعالي: "ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين". وقد ثبت الله المسلمين بقوة من عنده غرست فيهم اليقين بنصر الله وذلك هو تعبير القرآن الكريم بقول الله تعالي: "ثم أنزل الله سكينته علي رسوله وعلي المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلي وكلمة الله هي العليا" فالنصر دائما من عند الله ونصر الله غالب دائما وذلك بقوله تعالي: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا" فالنصر يأتي دائما من صانع النصر سبحانه وتعالي. وقد تمثل ذلك في الحروب التي خاضها المسلمون دفاعاً عن دينهم وحياتهم وواقعهم المنتصر بالله. فليست هناك في هذه الحروب الدفاعية انتصار للكثرة والقوة المادية وانما الانتصار جاء دائما من عند الله بعد الاستعداد بما في الأيدي من قوة مادية وبما في القلوب من قدرة معنوية. وإذا كنا نمر الآن بذكريات النصر الذي تحقق في شهر أكتوبر من عام 1973م الذي وافق العاشر من رمضان عام 1393 هجرية انما يجب ألا نغفل ذكريات النصر بالتاريخ الهجري لأن هذا التاريخ يمثل الشخصية الإسلامية والتي تمثل إيمانها في الهجرة من مكة إلي المدينة ثم تبعته أيام الانتصارات العظيمة في الغزوات الإسلامية. وقد أعجبني في ذلك كتاب صغير الحجم كبير الفائدة كتبه الأستاذ الدكتور عبدالعزيز كامل رحمه الله . وجعل عنوان الكتاب: "غزوة أحد" وعبر عن أن هذه الغزوة وإن كانت هزيمة للمسلمين إلا انها بعثت فيهم أسباب القوة والمنعة التي انتصروا بها في معاركهم اللاحقة. وهو كتاب يجدر بالمسلمين أن يقرأوه. ويجدر بدور النشر أن تعيد طباعته بأعداد وفيرة وان توزعه علي نطاق واسع بين المسلمين وغير المسلمين حتي يلتقي الجميع علي كلمة سواء مبعثها الإيمان بالله واليقين بنصره.