اللحي المستعارة كنا نراها في الأفلام السينمائية القديمة والمسرحيات. مركبة علي ذقون "المشخصاتية". وكان الهدف منها تصوير عالم الدين -أياً كان تصنيفه إماماً أو داعياً أو شيخاً كبيراً أو مأذوناً شرعياً- في صورة مغايرة لما تتضمنه اللحية من وقار وتدين وتزهد وتقوي لله ومراقبة في سلوك صاحبها أمام الناس. وكنا نضحك "كالمهابيل" علي النكات والقفشات التي تصدر من أمثال هؤلاء الذين ركبوا اللحي الصناعية. والزبيبة الصناعية أيضا في الجبهة. وضحكنا ممزوج بجهل مركب!.. لأننا نسخر من الدين ولا نشعر. أو نشعر ونغض الطرف من أجل شهوة "الضحك". ونساهم في تأييد الساخرين من دين الله والمتمسكين بدين الله بكل بلاهة وسذاجة أو قل "عباطة"!! وإليك نموذج من هذا الاستغفال الذي كان يمارسه القائمون علي أفلام السينما وعلي المسرح أيضا. حينما يصور لك "النصاب" الذي يأكل أموال الناس بالباطل وهو يلبس ملابس أهل الدين والورع واللحية تكاد تغطي صدره. فما جاءه من يطالبه بحقه في ماله الذي هو عليه. قالها "نويت أصلي لله لمدة شهر!". وما كان من "الفتك" الآخر إلا أن رد عليه بقوله "وادي قعدة إلي يوم القيامة! وإن ضربت لكم أمثلة علي مسرحيات شهيرة للزعيم ومعاونيه من الممثلين الدائمين لديه و"الكومبارس" أيضا وكمية الإسقاطات التي كانت تهمز وتلمز الدين والمسلمين في أمور واضحة كالشمس. ونحن نضحك ملء أفواهنا و"نسخسخ" علي أنفسنا من الضحك. ونقول بلسان الحال والمآل "هل من مزيد؟!". الآن لم تعد اللحي المستعارة أو المصطنعة تخص الممثلين والممثلات. بل أصبح لها دور كبير في تزييف الواقع بشكل لا يمكن تصديقه. فهي تستورد بكميات هائلة في بلدان كثيرة شهدت ثورات "الربيع العربي". ويقوم أصحاب المصالح القديمة في الأنظمة القديمة والمستنفعين من وجودهم. بتركيب هذه اللحي علي الذقون. وذلك "للضحك علي الذقون" أيضا. وعمل كل ما يخل بالأخلاق والشرف والفضيلة وكل ما يمت للإرهاب والإفساد في المجتمع. ويحدث هذا عياناً بياناً. للدرجة التي تجعل تشويه الدين أمراً سهلاً. ونسبة كل الرذائل لأهل الدين. سيما وأن رئيس البلاد علي تدين. حتي يقال إن هذا ما يفعله الإخوان أو السلفيون بشكل خاص أو الملتزمون أو المتدينون بشكل عام. ويخوض المنافقون والمنافقات -خاصة من أصحاب الطبل الإعلامي العالي- ليقرعوا آذاننا بحلقات برامجهم الفاجرة التي تساهم في زعزعة ثوابت الدين والعمل علي خلخلة أركانه وقواعده في نفوسنا. وهكذا ينسلخ عنا ديننا أو ننسلخ نحن عن ديننا. دون أن نعي أو نعلم وأكثرنا يعي ويعلم ويعرف ومع ذلك يريد أن يتبع النفس اللجوج هواها. وهذا كله يجعلنا ننطلق دون لجام الدين. تفعل ما تشاء دون خوف من الله أو حياء من عباد الله. عندما تقرأ من يقول أو تقول "ملتحون ذبحوا ابني أمام عيني". أو ملتحون قتلوا شابا لأنه يسير برفقة خطيبته. أو ملتحون تهجموا علي مرقص لإيقاف الراقصات. أو التهجم علي أصحاب فرقة موسيقية. أو ملتحون يهددون غير المحجبات في الشوارع تحت مسمي هيئات أمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لا وجود لها في المجتمع المصري أصلا.. فكل هذا يخزن في نفسك شيئين مهمين.. الأول: كره الملتحين كلهم عن بكرة ابيهم. ومن ثم كره الدين وأصحاب الدين الصالحين منهم والطالحين.. والثاني: قتل حب الدين والمتدينين في قلبك. لتعود "فزاعة" كره الدين من جديد كما كانت في العصور البائدة حتي يستشري كره الدين في مظاهر سب الدين وإهانة أصحاب الدين. والتعدي علي مقام الصالحين ومقام النبوة أيضا. ثم التعدي علي مقام الألوهية بالإلحاد أو الكفر بخالق الأرض والسموات. لقد رأيت أصحاب لحي لا يلقون السلام علي المسلمين أنفسهم. وهم زملاء عمل وجيران مساكن وأصدقاء دنيا. ولا تجمعهم في بيوت الله صلاة المسلمين الجامعة. ولا يحرمون ما حرم الله. ولا يحلون ما أحل الله. وأمثال هؤلاء تتوقع منهم كل خراب باسم الدين. فهل نظلم الدين ولحاهم التي يعفونها ونعمم سلوكها المعوج وفهمهم المغلوط للدين علي أهل الدين جميعاً؟!! ورأيت أصحاب لحي ليس لهم علاقة بتيارات الإسلام لا من قريب ولا من بعيد. وليسوا من زمرة المسلمين. بل أنهم يعلقون الصلبان في أعناقهم. ووشماً يزين مرافقهم. ويرددون "إن الله ثالث ثلاثة". فهل يحسب هؤلاء علي جماعة معينة في الإسلام سواء كانوا سلفيين أو من الإخوان؟ ورأيت أصحاب لحي ملاحدة لا يؤمنون بالله الواحد الأحد. ويرون أن الحياة مادة. ولا إله للكون. ولحاهم تكاد تصل إلي سرة الواحد منهم. فهل نضعهم في زمرة المسلمين وننسب لهم كل فعل قبيح أو كلام بذيء أو سلوك أهوج أو خلق أرعن أو تصرف أخرق؟! يا مسلمين لا تكونوا عوناً لأعداء الدين علي الدين. فتساعدوا في إشعال فتيل الحرب علي اللحي في صورة أصحابها. لتكون في النهاية حرباً ضروساً علي الدين كله. وإن كان الواحد منكم قد حرم ثواب إعفاء لحيته -وهي شعار نبيكم الكريم صلي الله عليه وسلم وسنته التي حث علي إعفائها- فالأجدر ألا تكونوا حرباً عليها أو أبواق حرب عليها. حتي لا تحملوا أوزار البرءاء. "يضلونهم بغير علم".. وصدق الله العظيم في تعقيبه الكريم "ألا ساء ما يزرون". ** عذب الكلام "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله علي ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولي سعي في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد".. سورة البقرة.