لم يكن الملف القبطي في عهد الرئيس المخلوع ملفاً وطنياً يتم التعامل معه وفق أسس قانونية أو سياسية تغلب المواطنة وقيم العيش المشترك. وإنما اعتبر ملفاً خالصاً ترك بقضاياه وأزماته لجهاز أمن الدولة يديره برؤية وقرارات أمنية بحتة. وعندما ازاحت الثورة كل هذا العبث الذي تسبب في زيادة حدة التوتر والمخاوف القبطية. وتمكنت من انتزاع الشأن القبطي من الأجهزة الأمنية وردته بعض أوراقه إلي الجماعات الوطنية. ظلت هناك اشكالية تخوفات الأقباط من التحولات المتسارعة التي احدثتها الثورة في مصر خاصة صعود التيارات الإسلامية. وتزايد القلق بعد تولي الدكتور محمد مرسي منصب رئاسة الجمهورية. وارجعت شخصيات قبطية هذا إلي تبني بعض أنصار التيار الإسلامي خطاباً متشدداً أثار فزع قطاعات من المواطنين المسيحيين. ولا يمكن انكار أن القضية شائكة وتحتاج إلي معالجة عميقة وافية تتفق مع روح ثورة يناير وأصالة الشعب المصري. وتساهم في القضاء علي الاحتقان ومخاوف الانعزال والتهميش والاقصاء وتعيد المسألة القبطية إلي الجماعات الوطنية علي أرضية المصالحة والتوافق والمواطنة. ولعل ما تردد في بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن قيام أحد رموز الكنيسة في الجمعية التأسيسية للدستور باستئذان المستشار حسام الغرياني لتعديل أيام الاجتماع لأيام الاثنين والثلاثاء والاربعاء بدلاً من الاحد والاثنين والثلاثاء لانشغاله الاحد بمهام في الكنيسة. وعند أخذ موافقة الأعضاء كان أول من قاموا برفع أيديهم موافقة علي تعديل أيام الاجتماع هم السلفيون. وايضا قيام أهالي مطروح بحماية الكنائس عند الاحتفال بفوز د. مرسي. يقدم لنا نموذجاً عملياً ويثبت أننا جميعاً نملك مفاتيح الحل. البداية كانت مع الجماهير قال مازن علي - طبيب: ليس في صالح الدكتور محمد مرسي عمل فرقة بين أبناء الوطن الواحد فأنا شخصياً متوسم فيه الاعتدال والانصاف وأنه لن يجبر علي أحد ولن يضير الأقباط في عهده لأنه يريد البناء وتحقيق الاستقرار في مصر وليس كما يدعي البعض ومن يريد عمل فرقعة داخل المجتمع باستخدام الأقباط. خوف مبرر أشار ناصف عبده فني أسنان إلي وجود تخوف لدي الأقباط من صعود الإسلاميين لكنه ليس بالصورة التي ينقلها الإعلام لأننا نؤمن بالله عز وجل وسلمنا إرادتنا له ونثق بأنه تعالي لا يفعل بنا شراً. أضاف: أن هذا الخوف الذي لا نستطيع إنكاره أو مداراته نابع من عدم وفاء الإخوان بعهودهم ووعودهم طوال الفترة الماضية. فرقعة إعلامية أوضح محمد فوزي موظف أن كل ما يقال حول الأقباط وخوفهم من الإسلاميين ما هي إلا مجرد مبالغات إعلامية تتناولها وسائل الإعلام المختلفة وهذه خطة الهدف منها إحداث القلق داخل المجتمع المصري.. فمصر مستهدفة ولابد أن يعي الجميع ذلك ويعمل علي تجنبه. شاركه الرأي محمد صبحي طالب بكلية الهندسة قائلاً: كلنا نعاني من مشكلات كثيرة وليس الأقباط فقط هم الذين يعانون من مشكلات ولابد من التصدي لهذه المشكلات وحلها وأهم مشكلة يجب حلها هي البطالة. أكد محمد عبدالرحمن طالب بكلية الهندسة علي حق الأقباط في المطالبة بكافة حقوقهم لكن القول بهجرة عدد كبير منهم خوفاً مما سيحدث لهم علي أيدي الإسلاميين شيء غير مبرر ولا داعي له لأن هناك برنامجاً موضوعاً لابد أن ينفذه الدكتور مرسي وإلا سيقف المصريون جميعاً في وجهه مسلمين وأقباطاً فقد وعد بتعيين نائب قبطي وإتاحة فرص العمل للجميع بشكل عادل دون استثناء أو ظلم لأحد. العدل المنشود أكد سيفين سمير موظف: لن تطمئن قلوبنا إلا عندما نري ماذا سيفعل الدكتور مرسي مع الأقباط فنحن ننشد العدل في بلادنا مصر وعندما يتحقق وقتها ستزول كافة التخوفات وينتزع القلق من قلوبنا. تصريحات مفزعة أوضح نجيب جبرائيل المحامي أن تخوفات الأقباط بدأت منذ نزول التيار الإسلامي للمسرح السياسي عقب تنحي حسني مبارك والتصريحات المفزعة التي أدلي بها بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين عبر وسائل الإعلام المختلفة عن عدم أحقية الأقباط في شغل الوظائف العليا ودفع الجزية وفرض الحجاب والزي الإسلامي علي المرأة والفتاة القبطية وما زاد من حدة هذه المخاوف عدم قيام مجلس الشعب المنحل طوال مدة عمله الأشهر الماضية بإصدار قانون دور العبادة الموحد مما أشعر الأقباط بأن البلد لم يعد بلدهم ولا جدوي من قيام الثورة التي شاركوا فيها جنباً إلي جنب مع المسلمين في كافة ميادين مصر والتي كان مطلبها الرئيسي العدل ولا شيء سوي العدل. أضاف: لقد حزنت حزناً لا يوصف عندما تم الاعتداء علي الأقباط في مذبحة ماسبيرو ولم يتحرك أحد من ممثلي وقادة التيارات الإسلامية وهذا ما نأخذه عليهم أنهم لا يشعرون بأوجاعنا ولا يثورون لقتلنا وسفحنا بهذه الطريقة الوحشية. رسالة طمأنة وأشار إلي أنه لا يمكن غض البصر عن الهلع الذي يصيب الأقباط وصعود التيار الإسلامي لسدة الحكم في مصر والدليل علي هذا الخوف والفزع هو قيام عدد كبير من الأقباط بالهجرة وتقدم عدد أكبر منهم بطلبات هجرة إلي الجهات المسئولة فهذا يدل علي خوفهم مما سيحدث لهم في المستقبل.. لذا لابد من قيام الدكتور محمد مرسي بإرسال رسائل طمأنة لنا وتتويج ذلك بالأمثال فالأقباط سوف يطمأنون ويرضون ويثقون في الإسلاميين إذا قام الدكتور مرسي بتعيين نائب قبطيوكفل حرية العبادة وعدم فرض زي معين علي المرأة القبطية فلها الحق في أن ترتدي ما تشاء بما يتوافق وآداب المجتمع وعاداته وتقاليده. ورقة ضغط استطرد: عندما يطالب الأقباط بمطالبهم المشروعة فعلي القادة والمسئولين وعلي رأسهم الدكتور محمد مرسي الاستماع جيداً وتنفيذ هذه المطالب فالفيصل في العمل هو الكفاءة وليس الدين أو الجنس.. أما من يقول باستخدام الأقباط كورقة ضغط علي الحكومات والأنظمة لا يراعي مصالح الأقباط إنما هدفه إحداث القلاقل والتوتر داخل المجتمع. طالب ميخائيل بتفعيل قوة القانون وإرساء قواعد العدالة الاجتماعية علي كل المصريين لأنه لو انتشر العدل خرجت الأصوات المناهضة ودعاة الفرقة والتشرذم. إعلام مغرض أكد الدكتور محمد منير حجاب أستاذ الإعلام بجامعة سوهاج علي أنه للأسف الشديد الإعلام مغرض واستخدام الأقباط كفزاعة لإحداث القلق والتوتر داخل المجتمع.. كما أن الإعلام يركز علي القضايا التافهة ويترك القضايا المهمة لإلهاء الناس عن مشكلاتهم الحقيقية المستعصية.. لذا أري أن أول قضية لابد أن يتولاها الدكتور محمد مرسي هي تطهير الإعلام وتنقيته من القيادات غير الثورية وصاحبة المصالح التي نصبت نفسها علينا واعتبرت نفسها قادة رأي توجهنا كيفما تشاء. أضاف: أننا نعاني أشد المعاناة من عدم موضوعية الإعلام وتحيزه الفج لمصالحه وأجندته فالإعلاميون صاروا أداة في يد مالك القناة أو المؤسسة فإذا كان المالك رجل أعمال وله مصالح مع قطاع معين وجهت كل برامج قناته لخدمة هذه المصالح والسعي لتحقيقها.. لذا أتمني تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي والالتزام به وألا يحيد عنه أجد إذا كنا نسعي لتحقيق الموضوعية والبناء علي أسس سليمة كما أنه لابد من التنسيق بين كافة وسائل الإعلام وعمل استراتيجية وخطة قومية يلتزم بها الجميع يكون هدفها الأول والأخير هو مناقشة قضايا المجتمع الصعبة والبعد عن القضايا التافهة والضعيفة التي تثير الرأي العام وتهيجه ولا تحقق أي هدف لأن تسليط الضوء علي هذه القضايا التافهة تهدم المجتمع وتفتته وتحدث البلبلة به. استطرد: لقد انتهي عصر الكلام وجاء عصر الأفعال فالمشكلة ليست الأقباط فقط فمصر تعاني من مشكلات عضال لأن الحديث عن حقوق الأقباط يشعر الأقباط بأنهم أقلية ومضطهدون وهذا ما لا نرضاه جميعاً لأننا شركاء في وطن واحد وسوف تختفي هذه النبرة إذا تحقق العدل داخل المجتمع وتم الاختيار في أي مكان بناء علي الكفاءة والقدرة علي العمل والعطاء والإخلاص ولابد من التخلص من الاختيار بناء علي الجنس والدين. أضاف: التفريق بين المسلمين جاء من منظور سياسي في السبعينيات ثم تزايد علي يدي حسني مبارك وكان هذا مخططاً لعمل حساسية داخل المجتمع فلابد من التخلص من هذه الحساسية إذا أردنا بناء مصر علي أساس العدل والمساواة. خزعبلات تناولت خيط الحديث الدكتورة نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس قائلة: تخوفات الأقباط من صعود التيار الإسلامي لا يمكن انكارها أو تجاهلها لأن هذا يزيد من تفاقم المشكلة ولا يساعد في حلها فأصحاب العقل والمنصفون يعون جيداً أن هناك مشكلة حقيقية للأقباط داخل مصر وهذه الحساسية بدأت في السبعينيات مع هجرة العمالة المصرية إلي دول الخليج العربي بعدها رجعوا بأفكار ومعتقدات دينية فريدة علي مجتمعنا ولم نكن نسمع به وزادت هذه الأفكار انتشاراً بين الطبقات المتوسطة والتي لم تأخذ قسطاً من التعليم والثقافة فأصبحت وعاء لأفكار متطرفة وخزعبلات لا أساس لها في الدين والمجتمع. أضافت: مثلما يوجد مسلمون متطرفون فكرياً هناك أقباط متطرفون كذلك ولا نقضي علي هذه الأفكار الهدامة إلا بتنقية التعليم وعمل مناهج جديدة قائمة علي تقبل الآخر ونزع هذه الأفكار الهدامة من العقول المتحجرة وإرساء دعائم العدالة الاجتماعية فهذا بشأنه أن يقضي علي هذه الضغائن من جذورها. أكدت علي ضرورة تطبيق القانون علي الجميع لا استثناء فالقانون يجب أن يكون كالموت لا يستثني أحد منه. يؤكد جوزيف ملاك. مدير المركز المصري للدراسات الإنمائية وحقوق الإنسان. أن الأقباط شريحة مجتمعية وطنية أصيلة داخل المجتمع لها حقوق المواطنة وعليها واجبات كافة المواطنين. مبيناً أن هناك مشاكل للأقباط مازالت عالقة وننتظر مبادرة الدكتور محمد مرسي باعتباره رئيس مصر المنتخب لحلها. اعتبر أن تأكيد مدنية الدولة وتفعيل المواطنة وليس القوانين واللوائح فقط هي الضمانة الحقيقية لحقوق الأقباط. مشيراً إلي أن الأقباط مواطنون من الدرجة الأولي عاشوا مئات السنين آمنين مع إخوانهم المسلمين. ويجب اتخاذ كل ما يلزم لضمان عدم التمييز ضدهم في العديد من مناحي الحياة والوظائف العامة والحرية في إقامة الشعائر الدينية. أشار إلي أن كل ما يقال عن هجرة الأقباط بسبب فوز الدكتور مرسي يدخل في باب شائعات. وذكر أن الأقباط سوف يعيشون في وطنهم ولن يتركوا ديارهم. فهم ليسوا أقلية وافدة. وإنما مواطنون أصلاء يسعون مع إخوانهم المسلمين لبناء وتقدم وطنهم ونهضته. يقول صفوت جرجس. رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان. إن مشاكل الأقباط معروفة والملف القبطي قديم ويحتاج لدراسة لإنهاء المعاناة التي يعانيها الأقباط. مضيفاً أنه لم يعد مقبولاً استمرار التمييز أو الخطاب السياسي القائم علي الفرز الديني بين المواطنين. يؤكد أن بعض المقولات التي تنسب لقيادات التيار الإسلامي تتسبب في زيادة تخوفات الأقباط. وقال إن الحديث عن دولة الخلافة والجزية وفتح باب الهجرة لمن لا يعجبه ذلك تهديد حقيقي للدولة المدنية يبعث علي القلق ويؤثر بشدة في السلم الاجتماعي. ورفض استمرار لغة الإقصاء ومفردات التخوين بين أبناء الوطن. وقال إن هناك قوانين يجب أن تصدر لإنهاء معاناة الأقباط وفي مقدمتها قانون بناء دور العبادة الموحد. وقانون الأحوال الشخصية للطوائف المسيحية. كما يجب منع أي سياسات تقوم علي التفرقة والتمييز الديني في تولي الوظائف العامة وتحقيق المواطنة علي أرض الواقع. الأمية الدينية أكد هاني لبيب. الباحث في الشأن القبطي. في دراسته "الكنيسة المصرية: توازنات الدين والدولة" أن السبب الرئيسي للمشكلات والأزمات التي شهدتها مصر طيلة الربع قرن الأخير هي الأمية الدينية التي يعاني منها المصريون. والتي طالت العديد من رجال الدين من المسيحيين والمسلمين ايضا. مبيناً أن هيبة الدولة غابت في كثير من المواقف والأزمات. بل إنها في بعض الأحيان تغاضت عن أخطاء كثيرة مشدد علي أهمية أن يكون الحل دائماً قائماً علي الحلول الوطنية التي هي صمام الأمان الأساسي ضد الطائفية البغيضة. لافتاً إلي أن التوترات والأزمات الطائفية في العلاقات المسيحية - الإسلامية تحتاج إلي رؤية وطنية تهتم بالحفاظ علي مستقبل هذه العلاقات. يري أنه يجب أن تكون الدولة المصرية أكثر حسماً في مواجهة هذه القضايا. وكشف عن جذور الأزمة التي بدأت بالصدام الذي حدث بين الرئيس السادات وبين البابا شنودة وتم تحديد إقامته في الدير. إذا ترتب علي توتر العلاقة بين الرئيس والبابا تتوتر العلاقة بين الدولة والأقباط في مصر. إذ تم اختزال المواطنين المسيحيين مع بداية عصر السادات. وتم حصر المسيحيين في شخص البابا. وأصبح هناك قناعة لدي مسيحيي مصر أن مشاكلهم لن تحل إلا عن طريق الكنيسة وهو ما أدي إلي قوقعتهم. وبينت الدراسة أنه في عهد الرئيس السابق مبارك. تحول الملف القبطي إلي شكل مؤسسي ولكن تديره مباحث أمن الدولة. وليس ملفاً وطنياً أو سياسياً للتعايش المشترك. وأوضح أن مشاكل المسيحيين بعد الثور مازالت تحل كونهم رعايا وليسوا مواطنين ومازالت تحل المشاكل بالجلسات العرفية. لفت إلي أن حل الأزمات من جذورها يتطلب إقامة دولة قانون ناجز وعادل يطبق علي الجميع وتوعية علي المدي الطويل. محذراً من خطورة لجوء الدولة إلي الحلول الأمنية في مثل هذا النوع من القضايا التي هي أقرب للفكر. وتحتاج إلي تغليب لغة الحوار وليس الأمن. يؤكد أنه يجب اتخاذ العديد من الخطوات لبناء الثقة بين المواطنين المسيحيين المصريين وبين وطنهم مصر. منها تطبيق كود بناء دور العبادة المسيحية والإسلامية. وإصدار قانون منع التمييز. وقانون حرية العقيدة. وقانون الأحوال الشخصية الموحد للطوائف المسيحية. وتطوير التعليم. وضبط الأداء الإعلامي. وصياغة دستور مدني لبيرالي مصري جديد. وطالب بضرورة أن تكون الكنيسة هي المؤسسة الدينية والروحية الرسمية للمواطنين المسيحيين المصريين. ولكنها لا تمثلهم سياسياً. مؤكداً أن الدور السياسي للكنيسة أمر غير مقبول ومرفوض. فلا يجوز أن تكون المؤسسة الدينية سواء كانت مسيحية أو إسلامية هي الوسيط بين المواطن المصري والدولة. توصلت الدراسة في نتائجها إلي أهمية أن تترك الكنيسة للمواطنين المسيحيين المصريين الحرية الكاملة في قيامهم بأعبائهم الوطنية. دون أن توحي لهم بالتزام اتجاه سياسي معين. بحيث يتحرك المواطن المسيحي المصري بحرية تامة حسب نشأته الفكرية والثقافية وتوجهاته السياسية. ومن ثم تظل الكنيسة فوق كل ذلك تعمل في اختصاصها الروحي والديني فقط. وذكرت أن التسامح الحقيقي هو أساس صناعة القرار المتعلق بالتوترات الطائفية. وهو ما يعني أن يلتزم الجميع السماح لبعضهم بممارسة مختلف عباداتهم الدينية باعتبارها حقاً خالصاً لهم. وليس تفضلاً عليهم من أحد. وانتهت إلي أنه ينبغي أن يسود بين الجميع العدل ومجموعة القيم المرتبطة بالتسامح. ومنها الاحترام والصدق والسلام والتعاون والأمانة. إشاعة الفتنة قال الدكتور محمد أبوليلة. الاستاذ بجامعة الأزهر. أن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية الثيوقراطية التي تقوم علي التمييز بين الناس علي أساس المعتقد أو الهوية. معتبراً أن المفاهيم والتصورات التي ارتبطت بالدولة الدينية في أوروبا ابان العصور الوسطي وكانت تحكم بالحق الإلهي المطلق بعيدة تماماً عن المعني الصحيح للدولة المدنية الحديثة الديمقراطية الدستورية التي تستند لمرجعية الدين وتنضبط فيها الأخلاق بالإسلام. وحذر من الخلط بين المفاهيم لإخافة الناس وإشاعة الفرقة والتخاصم في المجتمع. مشيراً إلي أن الخبرة التاريخية للدولة الإسلامية لا تعرف فرض الاستبداد باسم الدين أو الاضطهاد بسبب المعتقد. لفت إلي أن البعض يسلط الضوء علي بعض الكلمات ويعطيها أبعاداً غير مقصودة لإشاعة البلبلة والاضطراب بين الناس. مبيناً أن مفهوم الخلافة الذي تردد في أكثر من مناسبة ووظفه البعض بطريقة غير أمينة اعطته معاني اثارت تخوفات بعض الاخوة المسيحيين يجب أن يفهم بطريقة صحيحة وبعيداً عن التضخيم والتهويمات التي لا أساس لها من الصحة. يضيف أنه بالرجوع إلي النظر الإسلامي لمفهوم الخلافة نجد أنها سياسة الدنيا بالدين وبما يحقق العدل بين الناس وحفظ الحقوق الكاملة للرعية مسلمة كانت أم غير مسلمة. موضحاً أنه لا أحد يريد استدعاء نماذج تاريخية لحكم الواقع والمستجدات وفرضها كأسلوب للحكم. والمعول عليه هو تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم واقامتها علي أساس من العدل واحترام إرادة الشعوب وتحقيق كل ما يؤدي إلي سعادتها وقوتها. أكد أن كل ما يثار حول الجزية من بعض الكتاب يبتعد تماماً عن الحقيقة وليس له هدف غير الإثارة ولفت الانتباه بطريقة غير مسئولة لأنها تؤجج الخصومات في المجتمع. موضحاً أن الجزية مفهوم تاريخي لم يكن كما قال العلماء والمستشرقون الغربيون لوناً من ألوان العقاب لامتناع المسيحيين عن قبول الإسلام. وإنما كانوا يؤدونها مع سائر أهل الذمة وهم غير المسلمين من رعايا الدولة الذين كانوا يخدمون في الجيش في مقابل الحماية التي كفلتها لهم سيوف المسلمين. وهذا لم يعد موجوداً منذ مئات السنين. وفي مصر الإخوة المسيحيين مواطنون لهم ما للمسلمين من حقوق وعليهم ما علي المسلمين من واجبات جميعهم يخضعون أمام القانون سواء ويؤدون ما عليهم من واجبات وطنية لرفعة هذا الوطن. أضاف أن إقامة الدولة الحديثة التي تأخذ بالحريات والديمقراطية وسيادة القانون كفيل بتحقيق المساواة والعدل بين أبناء الوطن. مضيفاً أن مشاكل الأقباط في مصر هي مشاكل كل المصريين. فالمعاناة لا تعرف ديناً والظلم لا يفرق بين إنسان وآخر. أشار إلي ضرورة تحلي جميع فئات المجتمع بالانتماء وإعلاء مصلحة الوطن العليا. مؤكداً أن المرحلة التي تمر بها مصر دقيقة وتستوجب من الجميع التكاتف والوحدة والعمل لبناء مستقبل مشرق ينعم فيه كل المصريين مسلمين ومسيحيين بالحرية والعدل والأمن والرفاهية.