تعد الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح أول هيئة إسلامية تم إنشاؤها عقب سقوط النظام البائد وفيها ممثلون لكل الجماعات والتيارات الإسلامية وتلعب دورا كبيرا في تسيير دفة الأحداث في مصر سواء فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية او غيرها من القضايا المطروحة علي الساحة المصرية الساخنة وما تحتمله من صدامات مستقبلية استنادا الي احتقانات ماضية وحالية من هنا تأتي أهمية الحوار مع أمينها العام الدكتور محمد يسري إبراهيم لنطرح معه كافة التساؤلات وجاءت إجاباته عليه صريحة ووضع النقاط علي الحروف * قمتم مؤخرا بالإعلان عن الدكتور محمد مرسي كمرشح للهيئة ويحاول البعض التشكيك في الأسس التي تم عليها هذا الاختيار بالتأكيد علي انه توجد شبهة مجاملة حتي لا يتم التصادم مع الإخوان المسلمين؟ ** هذا اتهام باطل لان الاختيار تم علي أسس موضوعية وشفافية من خلال التقييم الموضوعي لبرامج كل المرشحين وموقفهم من كافة القضايا الداخلية والخارجية وهذه اللقاءات التي جرت بين اللجنة التي شكلتها الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح و مرشحي الرئاسة انتهت الي جملة نتائج وتحققت من خلال هذه اللقاءات مجموعة أهداف لقد هدفت الهيئة من ضمن ما هدفت اليه الي تحقيق هذا القدر المهم من التواصل بين رموز الحياة المصرية ورموز المشاركين في العملية السياسية وقد تحقق هذا الهدف من خلال الاتصال بعشرة من كبار المرشحين الموجودين علي الارض ليس فقط من التيار الاسلامي بل من التيار الاسلامي وغيره وقد عنيت الهيئة بلقاء كل من ينتسب الي هذه البلاد بوطنية وصدق واشترطت الا يكون ممن شارك في الحياة السياسية او انتسبوا بشكل ما بنا يسمي بفلول النظام البائد الذي ساد البلاد في مرحلة من مراحل الضعف والفساد التقت الهيئة بعشرة مرشحين واستفادت الهيئة من خلال التواصل في التعرف علي جوانب كثيرة ومهمة في حياة هؤلاء المرشحين وفي الحياة السياسية لمصر بوجه عام واستطاعت الهيئة ان تكتسب ثقة واحترام هؤلاء المرشحين من حيث ما قامت به من هذه المقابلات التي كشفت عن حرفية ومهنية عالية حيث ان الهيئة شكلت لجنة من كبار المتخصصين في الجوانب السياسية والاقتصادية و ما يتعلق بالشأن العام كانوا يعنون بمقابلة هؤلاء المرشحين إضافة الي أعضاء مجلس أمناء الهيئة وتم وضع من المعايير الموضوعية التي علي أساسها يمكن أن يختار رئيس البلاد هذه المعايير المتعلقة بمختلف القضايا والمحاور الشخصية والمنهجية والعملية الخاصة بالشخصية ووضعت أوزانا نسبية لكل معيار من هذه المعايير ووضعت تقييمات ودرجات الي آخره بحيث ان اللقاء خرج عن كونه كلمة يلقيها المرشح أو إبداء وجهات نظر في بعض القضايا الي مراجعة شاملة في كل محاور التفكير وكل مسائل السياسة الداخلية والخارجية وبالتالي تعرض المرشح لنقاشات تفصيلية حول محاور ستة رأت الهيئة أهميتها وأولوياتها وعلي أساس التقييم النهائي والتصويت السري تم اختيار الدكتور محمد مرسي دون ادني شبهة مجاملة ومن لديه أي دليل فليعلنه علي الناس ويكشف المجاملة التي يزعمها ونحن لدينا كل المقابلات مسجلة بالصوت والصورة والتي تم علي أساسها الحكم بدون ادني شبهة مجاملة لان هذه شهادة أمام الله وسيسألنا عنها فهل نبيع ديننا بدنيا من اجل الإخوان أو غيرهم. اتباع أبو إسماعيل * يخشي البعض من صدام أتباع الشيخ حازم ابو إسماعيل حاليا أو مستقبلا وحتي موعد إجراء الانتخابات فماذا تقول؟ ** اعتقد أن الشيخ حازم أعقل واحكم من ان يدعو أتباعه للصدام ويكفيه ثوابا عند الله انه استطاع من خلال سباق الرئاسة ان يحقق أهدافاً كثيرة للدعوة الي الله عز وجل حيث استطاع ان ينشر هذا المنهج الاسلامي ويكسب له أنصارا كثرا وان يبشر بقضية الشريعة وان يجمع الناس حولها وهذه من اكبر الحسنات التي تحققت من خلال الشيخ حازم للدعوة الي الله قضية الشريعة وهذا مما ينبغي أن يذكر فيشكر ولو لم يكن له من هذه الحملة الانتخابية الموسعة الا نشر قضية القناعة والإيمان العميق بقضية الشريعة وبقضية المنهج الإسلامي لكفاه عند الله عز وجل . كما أن الهيئة الشرعية تكن لعضو جمعيتها العمومية الشيخ حازم صلاح كل التقدير وتثمن كثيرا من هذه المواقف التي قام بها في المرحلة السابقة أما قضية الذين يلتفون حوله اخشي ان يتم تصويرهم علي أنهم ينتسبون الي جماعات إرهابية اذا قاموا بأي أعمال تصادمية مخالفة للقانون وخاصة ان المحيطين بالشيخ حازم فئات متعددة ومتنوعة ويجب ان يسود مبدأ المهم أن ترفع الراية وليس مهما من يرفع الراية. الشك في العسكريين * يؤكد البعض أن تمسك المجلس العسكري بالدستور قبل تسليم السلطة يؤكد الشكوك حول رغبة المجلس في وضع مواد تحصنه ولا تعرضه للمساءلة والحساب وكذلك إعطاء امتيازات خاصة له للحد من سلطات و صلاحيات الرئيس القادم فماذا تقولون؟ ** الحقيقة أن المجلس العسكري هو جهة من الجهات المؤثرة في الحياة السياسية اليوم لأن الجيش المصري يحكم من 60 عاما و خروجه من السلطة بهذه السهولة ليس أمرا ميسورا وقد قال الله تعالي ¢قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء¢ أي ان النزع لا يكون إلا بمشقة فلاشك أن هناك مشقة حقيقية علي الذين عاشوا يحكمون لعقود متصلة أن يتركوا الحكم ويغادروه ولهذا استطيع أن افهم قلق المجلس العسكري علي وضعه في الدستور وكذلك قلقه علي الموقف من ميزانيه الجيش وما يتعلق باستثمارات يقوم بها الجيش لحسابه ربما تمثل ثلث الاقتصاد المصري بالإضافة الي الامتيازات الشخصية التي توجد لأعضاء هذا المجلس كل هذا مما يحمل الجميع علي القلق :ماذا سوف تؤول إليه الأمور؟.وماذا سوف تسفر عنه الأمور؟ اعتقد ان هذا شئ طبعي وطبيعي ولكن ينبغي علي الحكماء والعقلاء أن يوجهوا هذه الرسائل التي تطمئن المجلس العسكري أننا لسنا بصدد ثورة تطيح بالمجلس العسكري وإنما بصدد ثورة تحترم الجيش المصري وتحترم المؤسسة العسكرية وتعطيها قدرها وليست في الحقيقة الخصومة و المنازعة والثورة علي الجيش المصري أو علي المؤسسة العسكرية هذه التخوفات يعني لا يستطيع أن نقول أنها غير صحيحة بل أقول إنها صحيحة وأقول إنها أيضا طبيعية في نفس الوقت بالنسبة للسياق الزماني والمكاني الذي نعيش فيه وعلينا ان نتعامل مع الحقائق وليس مع الأوهام او الأحلام وان يضع الجميع نصب أعينهم مصلحة البلاد والعباد. صدام الإسلاميين والعسكريين * يخشي كثيرون من زيادة الاختلاف بين العسكريين والإسلاميين ليصل الي حد التصادم مع اقتراب موعد استلام السلطة عقب الانتخابات ووقتها سيخسر الجميع فما هي أسباب هذا الوضع المحتقن ؟ وما هي خطورة تطوره للأسوأ ؟ وكيف سيتم التعامل معه؟ **هناك حالة من التدافع سببها أن الثورة المصرية ثورة لم تكتمل و اتخذت هذا الإطار السلمي الكامل وسببه وجود الدولة العميقة في مصر بانتمائها للنظام السابق البائد وسببه وجود هذه النفوس التي استمرأت حياة الذل و الاستعباد و الفساد وتنفست هذا الفساد هواء وطعمته طعاما وشرابا وعليه فان القضاء علي الفساد لا يكون بجرة قلم ولا يكون بين عشية وضحاها وإنما يحتاج الي عدة عمليات جراحية متتابعة وحتي الآن لم تتم اي من هذه العمليات الجراحية الكبري وإنما أزيلت رءوس النظام وبقيت رءوس أخري ضمن بقية الجسم بمعني انه تم استبعاد بعض مفاصل النظام وبقيت غالبية مفاصله ولهذا فإن الذي نراه إنها تحاول استمرار الممانعة و المقاومة للتغيير والإصلاح لأن النظام البائد ليس هو الأشخاص الموجودين خلف القضبان فقط وإنما أعوان أو مساعدين ما زالوا علي ولائهم له ويحاولن إفساد أي تغيير بإثارة الفتن والصدامات من هنا ينبغي للثورة أن تفهم هذا المعني وتتعامل مع هذا الواقع وأن يفهم المصريون أن الإصلاح طريق بدأ بخطوه الثورة ولابد أن تتابع الخطوات وأن تتلاحق المراحل وإلا فإن التغيير الحقيقي الذي نأمله و نرتضيه من خلال المسيرة السلمية السياسية ربما يحتاج الي بضع سنوات وليكن هذا معلوما حتي لا نتساءل كل لحظة وفي كل مرحلة و عند كل مشكلة: هل نجحت الثورة أو لا؟. وهل حققت الثورة أهدافها أم لا؟. وهل مازال النظام البائد يحكم أم لا ؟. هل القضية في رأس النظام أم في جسده ؟. ويجب أن نفهم هذا حتي لا يكثر السؤال الذي لن يجاب عنه إجابة سحرية لا يملك احد أن يجيب عن هذا السؤال اليوم ولابد للتغيير أن يأخذ مداه ولابد للإصلاح أن تتابع مراحله ولابد للمصريين أن يصبروا وأن يصابروا وكذلك بأن يصبروا علي ثورتهم وأن يصابروا علي حفظ مكتسباتهم وأن يستمروا في تحقيق هذه المنافع والمصالح كل يوم يحققون شيئا جديدا و يدفعون بعجلة التنمية وأما المجلس العسكري فلن يبقي في السلطة ولا أظنه يستطيع البقاء فيها ولو انه أراد لما مكنه المصريون من هذا وخاصة انه أعلن مرارا انه سوف يغادرها ولو جاء الموعد فتغير رأيه أو تغير موقفه فان ميدان التحرير مازال يتسع لبضعة ملايين وميادين القاهرة تزال تتسع لعشرات الملايين بإذن الله تبارك وتعالي وهو أمر لا يستطيع لا المجلس العسكري ولا القوي الداخلية ولا القوي الخارجية ولا المخابرات العالمية أن تقف أمامه أبدا .ونحن أيضا ضد تثوير الناس ضد مؤسسة القضاء و لا نري أن كل القضاء ممثلا في هذه اللجنة التي عليها ملاحظات ومؤاخذات. مخالفة الجماعة ** ولكن ماذا يفعل العضو في جماعة أو تيار أو حزب إسلامي اذا رأي في غير اختيار الجهة التي ينتمي إليها أليس في هذا خروج علي ما يسمي البيعة ؟ ** أؤكد بوجه عام علي أن غالبية المصريين ليسوا كلهم أعضاء في جماعات كما انه ليس كل أعضاء الجماعات قد اخذوا بيعة علي أصحابهم وكذلك ليست البيعة ملزمة لكل أحد في كل قضية ولهذا ينبغي أن يبحث المصريون عن الأتقي لله عز وجل والأنفع لعبادة فهذا الذي يجب أن جميعا معه بغض النظر عن الانتماءات والولاءات لأن قضية الرئاسة من قضايا الشأن العام التي ينبغي أن يتجرد فيها الناس لله تعالي في تقديم من هو الأنفع والأصلح والأفضل تتحرر فيها إرادة الناس فمن وافقت إرادته إرادة طائفته أو جماعته يأخذ بهذا وإن خالف فعليه أن يستفتي إما في دائرة جماعته أو في دائرة أوسع وهي دائرة العلم الشرعي الذي يحكم علي الأفراد ويحكم علي الجماعات والطوائف وليعلم ان صوته أمانة وشهادة سيحاسبه الله عليها. منع التزوير ** إذا تجمع الإسلاميون سواء الناخبون المرشحون فإن هناك من يراهن علي انه سيتم تزوير الانتخابات لإبعادهم فما هي مخاطر مثل هذا الطرح في هذه المرحلة التي تشهد حالة من الغليان ؟ ** نحن لا نخون أحدا ولا نشكك في نوايا القائمين علي العملية الانتخابية ولكننا نقول إذا نزل المصريون بجملتهم و اجتمعوا من حدب و صوب فان مخاطر التزوير سوف تقل . ولكن شبح التزوير قد يظهر حينما يتخلف الناس واعتقد أن المصريين وقد بلغوا هذه الدرجة من النضج والفهم والوعي أنهم سوف يقبلون علي الانتخابات في هذه المرة ولن يقبلوا بأن تزور إرادتهم أو أن تزيف لحساب طرف آخر وفق ضغوط معينة ولكني في النهاية اعتقد الكثرة الكاثرة من الشعب المصري سوف تذهب الي الصناديق وتحميها وتقول كلمتها وعندئذ يتعذر أو يمتنع التزوير وبحجم إقبال المصريين تتضاءل فرص التزوير وبقدر إحجامهم تكبر فرص التزوير. واجب ديني ** يؤكد بعض العلماء أن المشاركة الانتخابية في ظل هذه الاجواء واجب ديني فهل هذا صحيح أم تحميل للدين ما ليس منه؟ ** لاشك المشاركة في تقرير مصير البلاد والعباد واجب ديني ووطني علي كل مصري وهذا الخطاب العام يجب أن يوجه لكل الجماهير المصرية في المرحلة المقبلة حتي تزداد المشاركة. ** هل الناخب ملزم شرعا بانتخاب مرشح حزبه أو جماعته؟ ** ليس هناك إلزام شرعي بذلك ولكن الإدلاء بالصوت لمن يراه أجدر و أحق وألا يقع تحت ضغوط تجعله يحيد عن الحق والإدلاء بالشهادة للأصلح أيا كان وان لا يقع تحت أي ضغوط اقتصادية مثل بالرشوة أو أي وسيلة للاستمالة وكذلك ألا يقع تحت ضغوط فئوية أو طائفية أو سياسية أو اي نوع من أنواع الضغوط وإنما عليه أن يتحرر فيمن يختار لله تبارك وتعالي وأن يتجرد في قصده بحيث يتحقق من وراء هذا ما يصبو اليه كل المصريين من عودة عزتهم ورجوع كرامتهم التي فقدوها و يستعيدوا خصائصهم التي جرفت عبر عهود الفساد البائدة. الحرب علي العلماء ** هناك تطاول من بعض وسائل الإعلام المشبوهة علي العلماء والترويج للعديد من الأكاذيب عنهم لتشويه صورتهم .. فما هي خطورة ذلك ؟ و كيف نتفادي مثل هذا الأمر؟ ** هذه مرحلة فيها قدر كبير من الفتنة والتباس الصورة والشائعات المكذوبة والأغراض التي تبدو مدفوعة بمقاصد متعددة ومتنوعة تهدف في النهاية الي إشعال نار الفتنة والعمل علي استمرارها بالترويج للأكاذيب وتمزيق الصفوف وتثوير الشباب علي علمائهم كمحاولة لإخراجهم من دائرة المحبة والولاء والسمع والطاعة الي دائرة من التشرذم والتفرق والتجرؤ علي أهل العلم ورميهم بالتهم وكيل التهم جزافا لهم وتخوينهم بما يفضي إلي إهدار الحرمات والوقوع في الأعراض وهذا كله مخالف للشرع ويجب أن نكون أكثر وعيا بما يحاك بنا. محاصرة الفلول ** افتي البعض بحرمة التصويت للفلول وضرورة محاصرتهم وعزلهم قانونيا وسياسيا وشعبيا فهل انتم من أنصار ذلك أم أن نعطيهم الفرصة؟ ** أنا مع عزلهم بكل الوسائل عقابا لهم علي ما أفسدوه في هذه البلاد طوال السنوات الماضية وأؤيد كل وسائل العزل لأنهم أعداء الثورة حتي وإن أدعو عكس هذا ولا يريدون للفكر الإسلامي ولا المشروع الاسلامي أن يسود وينتشر. نصيحة للشباب ** ما هي نصيحتكم للشباب علي مختلف انتماءاته سواء من الإسلاميين أو غيرهم وخاصة أن هناك بوادر لانقسامهم عن بعض التيارات والعلماء ؟ **أنصح الشباب أن يعودوا الي تقوي الله عز وجل وأن يحسنوا الظن بعلمائهم وان يفهموا أن بعض القضايا التي نتحدث فيها اجتهادية تقبل أكثر من رأي واجتهاد ولكنها لا تقبل التخوين ولا السباب ولا الوقوع في الأعراض . وإذا كان هؤلاء الشباب الإسلاميون لا يحسنون الظن بالعلمانيين والليبراليين واليساريين فيجب عليهم أن يحسنوا الظن بعلمائهم لأنهم اذا أسقطوهم فمن يبقي لهم ؟ . ومن ستكون مرجعيته اذا حدثت أي فوضي؟