فجرت الدكتورة نبيلة الشوربجي مدرس علم النفس بكلية رياض الأطفال جامعة الفيوم قنبلة عندما صرحت في حوارها الجريء مع عقيدتي بأن وزارة الداخلية في النظام السابق الفاسد كانت تستغل أطفال الشوارع لزعزعة الأمن وإرهاب الناس وهذا ما حدث في الهجوم علي شباب ثورة 25 يناير العظيمة في ميدان التحرير أثناء الثورة ثم تم استغلالهم من قبل فلول الحزب الوطني البائد في الهجوم علي مديرية أمن الجيزة ليلة الهجوم علي السفارة الاسرائيلية.. وان ظاهرة البلطجة التي تشهدها مصر الآن وليدة أطفال الشوارع المهملين من قبل النظام السابق.. وان معظم الدول الأجنبية كانت تدعم مصر مالياً لمساعدة أطفال الشوارع إلا ان سوزان مبارك ومشيرة خطاب كانا لا يوجهان هذا الدعم لهؤلاء الأطفال.. واقترحت الدكتورة نبيلة فكرة إنشاء وزارة جديدة للطفل للقيام بمشروع قومي لانقاذ أطفال الشوارع من خلال إنشاء مدينة متكاملة نموذجية لأطفال الشوارع باسم أطفال مصر المستقبل بإحدي صحاري مصر.. وأشياء أخري فجرتها في هذا الحوار الذي لا تنقصه الجراءة. * عقيدتي: بداية ما هو تقييمك ورؤاك لظاهرة أطفال الشوارع في مصر؟ ** ظاهرة أطفال الشوارع في وقتنا الحالي من اخطر التحديات التي تواجه مجتمعنا المصري فهم يمثلون مشكلة تضاف إلي قائمة المشكلات التي تجتهد مصر في اجتيازها بعد ان أصبح عددهم الآن نحو ما يقرب من 4 ملايين طفل شارع علي مستوي الجمهورية ويقصد بأطفال الشوارع الأطفال ذكور وإناث المعرضون للانحراف أو الخطر من سن السادسة إلي ما قبل الثامنة عشرة عاماً المقيمين في الشارع بصورة شبه دائمة وعلي علاقة غير مستقرة أو منقطعة بأسرهم ويعتمدون علي حياة الشارع بصفة أساسية ويعملون بمهن حرفية ومهن غير مستقرة كما يعملون بالتسول وتعتبر هذه المهن مصدر دخل رئيسي بالنسبة لهم ويعيشون دون حماية أو إشراف من جانب أشخاص معينين لحرمانهم من الحقوق الأساسية للحياة ومن بيئة عائلية صالحة أو تربية فيمثل وجودهم أحد أهم مظاهر الظلم والعنف والقسوة في المجتمع وتتبدي خطورة هذه الظاهرة علي أمن مصر في أنه من خلالها نمت مشكلات سلوكية خطيرة من بينها العنف والجريمة وإدمان المخدرات نظراً لان هذه الفئة مستهدفة من معتادي الإجرام والمنحرفين كما يسهل استقطابهم لممارسة الأشكال المختلفة للانحراف. وبسبب الفساد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأمني السابق في العقود الثلاثة الماضية أدي ذلك إلي انتشار ظاهرة أطفال الشوارع حيث افتقد هؤلاء الأطفال المأوي والأسرة الصالحة والطعام وأول شيء يفتقده طفل الشارع حين يتخذ من الشارع أسرته هو "براءة الطفولة" حيث يتحول الطفل إلي مجرم صغير تتطور خطورته ومدي إجرامه مع تقدمه في السن فيعانون من الظلم الاجتماعي فيتحول الحرمان إلي رغبة في الانتقام الموجه ضد المجتمع ويصل الأمر بهم إلي القتل والاغتصاب والاعتداء علي غيرهم من الأطفال بالشارع والآخرين والاعتداء علي ممتلكات الدولة ومن أكثر المخاطر التي مثلت خطورة بالغة علي أطفال الشوارع بوجه خاص وعلي مصر بوجه عام هو استقطاب المجموعات الارهابية والإجرامية لهم داخل مصر وخارجها إذ اتخذت هذه المجموعات من هؤلاء الأطفال أدوات سهلة ورخيصة للانشطة غير المشروعة مثل "المخدرات" وذلك باستخدامهم كأدوات مساعدة في الترويج والتوزيع فضلاً عن الاستغلال الجنسي من جانب العصابات أو الأفراد المستغلين ضعفهم لصغر سنهم وكذا بيع الأطفال الصغار منهم خارج مصر للدول الأجنبية والعربية واستقطاب المجموعات الإرهابية لهم خارج مصر وداخلها لاستخدامهم بعد القيام بتدريبهم علي أعمال العنف والقتل والبلطجة ضد المجتمع وهذا ما رأيناه بأعيننا في أحداث ثورة 25 يناير فقد انفجرت هذه القنابل الموقوتة في وجه المجتمع المصري مسببة في ذلك زعزعة للأمن والاستقرار والخوف في نفوس المصريين حتي يتمني المصريون رجوع النظام السابق للحكم المتهم بالفساد السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي والذي يتم محاكمة رموزه الآن أمام القضاء المصري وهذا يضعنا الآن أمام مسئولية كبري وواجب قومي يحتم علينا الإسراع بحمايتهم ورعايتهم واحتضانهم لما يمثلونه من خطر هدد ومازال يهدد الأمن العام والأمن القومي في مصر. * عقيدتي: ما هي الأسباب التي دفعتك للتفكير في إنشاء مدينة كاملة لأطفال الشوارع؟ ** د. نبيلة: لم يكن في ذهني ان أكتب بحثاً علمياً حول أطفال الشوارع حتي شغلتني هذه المشكلة الخطيرة بعد ان أصبحت ظاهرة تؤرق المجتمع والأمن المصري وفي سنة 2003 قمت بعمل بحث عن السلوك العدواني لأطفال الشوارع من 8-16 سنة وذهبت إلي بعض القري التي تأوي أطفال الشوارع في منطقة المنيرة ومحكمة زنانيري ومدينة نصر هذه القري تابعة لوزارة الشئون الاجتماعية سابقاً وزارة التضامن حالياً فوجدت ان هذه القري تأوي هؤلاء الاطفال صباحاً وتعطيهم برامج ثقافية ورياضية وملابس وطعام ثم تلقيهم في الشارع مرة أخري مساء ولاحظت ان هؤلاء الأطفال منبوذين من المجتمع ومما جعلني اتأثر كثيراً ما شاهدته من فتيات لا تزيد أعمارهن علي 13 سنة يحملون اطفالهن من الحرام ولا يعرفون تربيتهم هؤلاء البنات لم يجدن مأوي غير الشارع بعد المعاملة السيئة التي لاقوها علي يد أسرهن المفككة فمعظم هذه الأسر أصحاب سوابق وتجار مخدرات في السجون. وانتهيت من بحثي الذي فاز بأحسن بحث يتناول ظاهرة اجتماعية خطيرة في المجتمع المصري ووضعت بعض الحلول لهذه المشكلة ومنها إنشاء مدينة كاملة لأطفال الشوارع باسم أطفال مصر المستقبل وتقام في احدي صحاري مصر. * عقيدتي: وما هي مواصفات هذه المدينة؟ ** د. نبيلة: تشتمل هذه المدينة علي مبان سكنية مزودة بالأجهزة الكهربائية للإقامة الدائمة لهؤلاء الأطفال علي ان يتضمن كل منزل مجموعة من الاسر أم بديلة وأب بديل. ومستشفي لرعاية أطفال الشوارع مزودة بأحدث الأجهزة العلاجية ومتابعتهم صحياً لمواجهة الأمراض الخطيرة التي يتعرضون لها مثل الإيدز والسل والسيلان والربو الناتج عن شم "الكلة" وأمراض الجلد التي تصيبهم نتيجة لمعيشتهم في الأماكن القذرة وتجمعات القمامة مثل الجرب. ومدارس حديثة مجانية ابتدائية وإعدادية وثانوية عام وصناعي وتجاري وزراعي وتزويدها بأجهزة كمبيوتر ومكتبات أطفال. وتوفير ورش مختلفة لتدريب الأطفال للعمل فيما بعد مثل ورش الحدادة والنجارة والنسيج والميكانيكا. وإنشاء أندية اجتماعية ورياضية وثقافية ودينية للنهوض بهؤلاء الأطفال وتنشئتهم تنشئة اجتماعية سليمة من الناحية الجسمية والاجتماعية والخلقية التي تهدف إلي خلق المواطن الصالح. وإنشاء مسرح كبير للطفل للقيام بعرض فنون المسرح وتوفير دور العبادة وتزويد المدينة بسوبر ماركت ضخم يتضمن جميع الاحتياجات الأساسية من غذاء وملبس وتزويد المدينة بسيارات اسعاف وإطفاء ونقطة شرطة لحماية هؤلاء الأطفال من جميع المخاطر التي قد يتعرضون لها بالمدينة. مصدر التمويل * عقيدتي: وما هي مصادر التمويل لإنشاء هذه المدينة التي ستتكلف ملايين الجنيهات؟ ** د. نبيلة: فكرت في إنشاء صندوق قومي لتنمية ورعاية أطفال الشوارع ويتم تمويله من رئاسة الوزراء في ذلك الوقت وتبرعات بعض الوزارات والصندوق الاجتماعية للتنمية ورجال الأعمال والمستثمرين ومعونة الشتاء مع عمل طوابع بريد والاستعانة بالمنح الأجنبية بالرغم من انها أشد خطورة لانها كانت لا توجه لأطفال الشوارع وتوجه إلي الجمعيات التي تستغلها وتوجهها إلي غير مستحقها. النظام الفاسد * عقيدتي: وما هي الخطورة المتوقعة في حالة عدم تنفيذ هذه الفكرة؟ ** د. نبيلة: وصل عدد أطفال الشوارع في مصر إلي 6مليون منهم من تخطي سن 18 ويعتبر السن من 6-18 أشد خطورة وأشد تعرضاً للانحراف والخطر لأنهم لا يطبق عليهم القانون الجنائي لأنهم قصر وعندما يكبرون يصبحون أولاد شوارع ويتم استغلالهم في تجارة المخدرات والعنف والبلطجة والقتل والإرهاب مما جعلهم قنابل موقوتة ممكن ان تدمر المجتمع في أي وقت خاصة في ظل النظام السابق الفاسد وتواطؤ جهاز الشرطة في العهد السابق الذي كان يستفيد من وجود هؤلاء الأولاد في الشوارع لزعزعة الأمن وإرهاب الناس وهذا ما حدث في الهجوم علي شباب ثورة 25 يناير العظيمة في ميدان التحرير أثناء الثورة ثم تم استغلالهم من قبل فلول الحزب الوطني البائد في الهجوم علي مديرية أمن الجيزة ليلة الهجوم علي السفارة الإسرائيلية ولذلك فهم جريمة موجهة للمجتمع المصري. وللأسف الشديد ان جميع الدول الأجنبية كانت تدعم مصر في شكل اعانات لرعاية أولاد الشوارع لكن المسئولين في النظام السابق الفاسد وعلي رأسهم سوزان مبارك ومشيرة خطاب كانوا لا يوجهون هذا التمويل إلي أطفال وأولاد الشوارع بل كان يتم بيع أعضاء أطفال الشوارع وتجارة الأطفال وانتهاك حقوق الطفل في ظل النظام السابق وأولاد الشوارع لأن لديهم حقد علي المجتمع قد يولد لديهم عدوان أكثر مما سبق وهذا ما شاهدناه الآن من زيادة في معدلات الإجرام من سرقة بالإكراه وبلطجة واغتصاب. وزارة النقل * عقيدتي: وماذا فعلت لتنفيذ فكرة إنشاء المدينة النموذجية حتي تنقذي هؤلاء الأطفال؟ ** د. نبيلة: حاولت الاتصال ببعض المسئولين لتحقيق هذه الفكرة ومنهم بعض رؤساء الأحزاب فطالبوني بتوفير قطعة أرض لتنفيذ هذه المدينة ففكرت في إنشاء وزارة للطفل عام 2009 تكون مهمتها إنشاء هذه المدينة وقمت بعمل الهيكل التنظيمي والإداري لوزارة الطفل التي تقوم بتوفير الأرض وتقوم بإنشاء المدينة من خلال المكاتب الاستشارية التابعة لكليات الهندسة بالجامعات المصرية ورجال الأعمال وتستعين هذه الوزارة بالباحثين الاجتماعيين ورجال الضبط القضائي لاحضار الأطفال من الشوارع بالتعاون مع رجال الشرطة بعد القيام بحصر شامل لعدد أطفال الشوارع المعرضين للانحراف والخطر وهم من 6 سنوات إلي 18 المتواجدين في الشوارع وتحت الكباري وبجوار المساجد وفي الأماكن المهجورة والقطارات هذه الأماكن التي كان يمارس فيها هؤلاء الأطفال الشحاتة والجرائم الخطيرة مثل الاغتصاب والقتل وشرب المخدرات وللأسف كانت تحدث تلك الجرائم علي مرأي ومسمع من جهاز الشرطة في النظام السابق الذي كانت مهمته حماية النظام فقط وكان لا يحمي أولاد الشوارع ويستخدمهم كمرشدين للشرطة وبعض الأعمال المشبوهة الأخري مثل ترويع الناس والبلطجة خاصة في الانتخابات لمناصرة اعضاء الحزب الوطني البائد وتزوير الانتخابات. ولذلك أطالب مجلس الوزراء بسرعة اصدار قانون بإنشاء وزارة الطفل لتحقيق فكرة هذه المدينة لخدمة مصر وأمنها وتحقيق مستقبل أفضل فمن الممكن ان نخرج من هؤلاء الأطفال علماء وصناع وأنا علي استعداد ان أشارك في تمويل هذه المدينة علي حسب امكانياتي وخدمة المشروع وإمداد المسئولين بكل التفاصيل الخاصة بالمشروع والوزارة بما فيها الهيكل التنظيمي للإدارة الذي قمت بإعداده.