لا شك ولا ريب أن مصر تمر الآن بأزمات لا بأزمة وبمحن لا بمحنة وتتعرض لكثير من الفتن لا لفتنة أسأل الله عز وجل أن ينجيها وأن يعصمها من كل الفتن إنه ولي ذلك والقادر عليه. لا شك ولا ريب أن الناس جميعاً يشعرون بقلق كبير علي مصر ومستقبلها والمستقبل بيد الله جل وعلا والكل يتسائل الآن ما المخرج من هذه المحن؟ وما المخرج من هذه الأزمات والفتن؟. لا شك ولا ريب أن أخطر فتنة تمر بها بلدنا الآن هي الفتنة الطائفة. وأعداؤنا في الخارج ومن ينفذون أجندتهم في الداخل يعلمون أنهم لن يتمكنوا من زعزعة وزلزلة أمن واستقرار بلدنا واختراقه إلا من خلال إشعال نار الفتنة الطائفية بين المسلمين والنصاري أو القباط وقد تكلمت طيلة الأيام الماضية في خطب الجمعة والحلقات والمحاضرات واللقاءات والندوات عن هذه الأزمة الخطيرة بحق. هذه الفتنة أيها الأحبة لن تحرق بنارها المسلمين فقط أو الأقباط فقط.. وإنما إن اشتعلت نار الفتنة الطائفية فستحرق المسلمين والنصاري معاً وستدمر الأخضر واليابس في بلدنا كلها. مصر..لا يمكن علي الإطلاق أن يسمح الحكماء والعقلاء والعلماء فيها للسفهاء الذين يحرضون علي الفتنة والذين يريدون أن يُشعلوا نار الفتنة ويغرقوا سفينة المجتمع المصري بمسلميه وأقباطه. فانا أدين لله أن مصر ملك للمسلمين والأقباط. يعيش في سفينة المجتمع المصري المسلمون والأقباط معاً. لا ينبغي للعقلاء والحكماء من المسلمين والأقباط أن يأذنوا ويسمحوا للسفهاء والجهلاء من أهل الحمق والرعونة أن يغرقوا سفينة المجتمع الذي يعيش فيه الجميع بأمن وأمان طيلة القرون لا أقول طيلة السنوات الماضية. فمنذ أن دخل الفتح الإسلامي مصر وشرف الله هذا البلد الكريم بالتوحيد وبسنة النبي صلي الله عليه وسلم وأهل مصر من المسلمين والأقباط يعيشون معا في أمن وأمان وسلم وسلام يعيش المسلمون مع الأقباط في أمن يحفظون أمنهم طيلة القرون الماضية لا يفعلون ذلك من منطلق سياسي ولا يفعلون ذلك رضوخاً لأي طلبات خارجية أو تهديدات خارجية. بل يفعلون ذلك تدينا اعتقاداً امتثالاً منهم لأمر الله وطاعة منهم لأمر حبيبهم محمد رسول الله. فربنا جل وعلا هو الذي يأمرنا بقولهيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمي عَلَي أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَي المائدة:8 ونبينا محمد صلي الله عليه وسلم يُعلمنا أن الدماء لها حرمة سواء كانت هذه الدماء لمسلم أو لقبطي من أهل الذمة يعيش بين أظهرنا ومعنا» سواء كانت هذه الدماء لجندي من جنود القوات المسلحة أو لجندي من جنود الشرطة. هذه الدماء لها حرمة لا ينبغي علي الإطلاق أن نسمح للسفهاء وللحمقي ولأهل الرعونة أن يتطاولوا وأن سفكوا الدماء. لا نرضي أن تُسفك دماء المسلمين من أبناءنا وإخواننا من أبناء القوات المسلحة الشرفاء الأمناء وأقولها لله الشرفاء الأمناء الجيش الذي كان أميناً علي هذه الثورة وأميناً علي هذا البلد ولو كان الجيش خائناً كما يحلو لأصحاب الأجندات الخارجية والداخلية أن يُشعلوا نار الفتنة بين الشعب والجيش والشرطة وأن يجرَّو الجيش لهذه الفتنة الخبيثة بأي صورة من الصور وبأي ثمن حقير من الأثمان. لو كان الجيش خائناً لكانت مصر الآن غارقة في برك الدماء في أكوام اللحم والأشلاء وأنتم تتابعون إلي هذه اللحظة ما يجري الآن علي أرض سوريا وعلي أرض اليمن وعلي أرض ليبيا. فينبغي علي عقلاء مصر أن ينتبهوا لهذه المؤامرة الحقيرة الخبيثة التي تريد لدماؤنا أن تُسفك علي هذه الأرض. والله الذي لا إله غيره نحن لا نريد أبدا لدماء المسلمين ولا لدماء الأقباط أن تسفك ولذا فيجب علي العقلاء أن يبادروا وأن يتحركوا تحركاً خالصاً جاداً ومسئولاً من أجل الله أولاً ثم من أجل هذا الوطن وهذا البلد وإلا ستغرق سفينة المجتمع بكل من يركبها من الأقباط والمسلمين من المسلمين والأقباط.. نبينا صلي الله عليه وسلم هو الذي يعلمنا كيف نحافظ علي الدماء علي دماء المسلمين وعلي دماء الأقباط والنصاري من أهل الذمة أي من أهل الحرمة ومن اهل الحق ومن اهل العهد الذين يعيشون معنا في سفينتنا التي نركبها جميعاً. ففي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:من قتل معَاهَداً أو معاهِدايكلاهما صحيح من قتل معاهدا لم يرح أي لم يشم رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً. فنحن حين نحفظ دماء أهل الذمة لا نفعل ذلك سياسة ولا خضوعاً لأي إملاءات أو لأي ضغوط.. إنما نفعل ذلك طاعة لربنا وطاعة لحبيب قلوبنا محمد صلي الله عليه وسلم الذي قال لنا كما في صحيح سنن أبي داود آلا من ظلم معاهداً أو انتقصه حقاً أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة. أنا أقول لا يقبل مسلم علي وجه الأرض لا في مصر فقط بل علي وجه الأرض لا يقبل أن يكون النبي صلي الله عليه وسلم حجيجه يوم القيامة. فأنا اُطمئن الأقباط واُطمئن النصاري واُطمئن أصحاب الأصوات النشاز التي تنادي الآن بالاستقواء بالخارج . وأقول لهم: لقد فرض علينا ديننا حمايتكم هنا بل وأجمع فقهاء الأمة نقل هذا الإجماع الإمام ابن حزم وغيره من أئمتنا قال: "أجمع فقهاء المسلمين علي وجوب حماية أهل الذمة من أي اعتداء خارجي فحمايتهم واجبة علينا نحن المسلمين". ولكنني أصرخ بأعلي صوتي وأقول: وحماية المسلمين أيضاً حق علي الأقباط وعلي النصاري. لا ينبغي أن يفرط الأقباط والنصاري في أمن هذا البلد وفي دماء أهله من أبنائنا من أبناء القوات المسلحة أو أبناء الشرطة الذين يقفون الليل والنهار لحماية أمن واستقرار هذا البلد بعد هذا الانفلات الأمني المروع الذي ذاق الناس جميعاً مرارة كأسه ولم نشعر بنعمة الأمن إلا في هذه الأشهر القليلة الماضية فيجب علي الأقباط أن يحافظوا هم الآخرون علي أمن هذا البلد وعلي دماء أبنائه من أبناء القوات المسلحة الشرفاء ومن أبناء الشرطة الذين نجحوا أن يكسروا هذا الجهاز ولم تستطع الشرطة إلي الآن أن تنزل لتزاول عملها كما كانت من حماية لأمن هذا البلد واحترام وتقدير للمواطنين. ويجب علينا جميعاً أن نمد أيدينا لتعود الشرطة مرة أخري لتزاول عملها بأمن وأمانة وشرف وصدق ونزاهة للحفاظ علي أمن واستقرار هذا المواطن وكذلك يجب علينا أن نحمي الجيش وأن نقف وراء الجيش وأن لا نسمح لأي أحد في هذا البلد أن يتطاول علي أبناء القوات المسلحة أو أن ينال من مكانة الجيش أو من دماءه الزكية. وللحديث بقية في العدد القادم