الله جل شأنه قد جعل نور آياته في ظاهر كلامه جل وعلا.. وجعل سر آياته في باطن كلامه.. وهو سبحانه الأول. والآخر. والظاهر. والباطن. فإن كانت روحك تسبح في عوالم الملك والشهادة.. فقد بسط آياته لك في عالم الملك ترتادها. وتتذوقها. وتفهم منها ما قدره الله لك. من الأكوان الظاهرة أمامك. وإن كانت روحك تسبح في عوالم الجبروت. فقد اشار سبحانه الي هذا العالم. وما فيه من موت. وحياة. وأنوار وتجليات وأسرار كثيرة. وإن كنت من رواد عالم الملكوت.. فهو جل شأنه ينبهك إليه برمز وتأويل لا يلتقطه إلا أهله حتي لا يكون فتنة علي غيرهم. فإن كانت روحانيتك علي درجة من القرب لروحانية رسول الله صلي الله عليه وسلم وحبك له ظاهر باطن.. وتستمد من أنوار ايمانه كما قلنا.. فهو اعرف الخلق بربهم واعلاهم فهماً لكتاب الله تعالي بلا جدال.. فهذا هو القرآن الذي أنزل علي قلبه صلي الله عليه وسلم. فكلما اقتربت من أنوار رسول الله صلي الله عليه وسلم ارتقي فهمك لآيات الله تعالي. وأمدك رسول الله ببعض أسراره فضلاً منه وكرما. ورضي الله تعالي عن "عمر بن الخطاب" الذي قرأ الفاتحة علي الملدوغ فشفاه الله.. بينما الملدوغ نفسه قرأ الفاتحة فلم يتم له الشفاء.. فينبه صلي الله عليه وسلم الي هذا السر الدقيق بقوله: "الفاتحة هي الفاتحة.. ولكن أين عمر!!!.." وصدق رسول الله.. اين روح عمر!!!. وهذا يدلك علي ان لروحانية القاريء للقرآن. دوراً هاماً في التقاط أنوار الآيات القرآنية.. حتي وإن كانت ظاهرة لعموم الخلق.. وكلهم مأمورون بتلاوتها والذكر بها.. ولكن كل روح تأخذ علي قدرها.. وتسبح في مستواها لا غير.