أظهرت قوائم المرشحين لخوض المعركة الانتخابية علي مقاعد مجلسي الشعب والشوري عدة مفاجآت علي رأسها غياب الشباب عن الساحة وبروز الأعضاء السابقين وإن كانوا بوجوه مختلفة تمشياً مع طبيعة المرحلة. وكذا تخلي الأحزاب عن الدفع بالشباب وتدعيمهم انتخابياً بالرغم من أنهم هم من صنعوا الثورة وكانوا وقودها الذي أحرق وأسقط النظام السابق. وأرجع الخبراء والشباب أنفسهم هذا الغياب إلي افتقادهم الخبرة والحنكة السياسية التي يتطلبها العمل السياسي في حين أن الأحزاب تريد ترشيح من يضمن لها الفوز ولا تغامر بمستقبلها. شباب ثورة يناير أين هم الآن من انتخابات مجلسي الشعب والشوري؟ سؤال يطرح نفسه بقوة.. ومن خلال قراءة سريعة لأسماء المرشحين لمجلسي الشعب والشوري لا يوجد من الشباب إلا أعداد قليلة تعد علي أصابع اليد الواحد!! مما أدي إلي تعجب الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء في تصريحاته الأخيرة من عدم ترشيح الشباب في مجلسي الشعب والشوري وهم أصحاب الثورة رغم تحمل المجلس تكاليف الدعاية الانتخابية لهم بل وكذا النزول بسن المرشح لإفساح المجال لأكبر عدد من الشباب وكذلك إعلان بعض القنوات الفضائية علي دعم الشباب والوقوف بجانبهم بالدعاية لهم مجاناً إلا أنهم لم يتقدموا!! هذا السؤال المهم يطرح نفسه الآن ولكي نجيب عليه كان هذا التحقيق: سجن القوانين تري حسناء منير طالبة أن عدم ترشيح الشباب لأنفسهم في الانتخابات البرلمانية يرجع إلي أسباب كثيرة منها: أننا كنا نعيش في سجن من القوانين والتشريعات منعتنا من ممارسة حقوقنا السياسية. فهناك أمن الدولة كان يبطل ويمنع بل يقبض علي الشاب إذا أراد أن يقول رأيه أو يتكلم في سياسة الدولة ويضعه في دهاليز السجون. نعم اليوم بدأ التغيير وتغيرت خريطتنا السياسية وهذا التغيير بدأ من مجلسي الشعب والشوري ولكن لكي يتغير الشباب ويفهموا السياسة فهم يحتاجون إلي وقت طويل ونبدأ أولاً بتغيير القوانين التي كانت تمنعهم من العمل السياسي وحتي يتحقق ذلك بحرية وقوة وبدون عوائق ولا قوانين فلابد من إجراءات وقوانين للشباب تدفعهم إلي هذه الممارسة داخل الجامعات وفي الأحزاب كذلك الاشتراط علي الأحزاب أن يكون من مؤسسيها شباب وعدد معين حتي يندفع الشباب إلي العمل مع الأحزاب وتتسارع الأحزاب إلي جذب الشباب إليها. تقول حسناء: بالنسبة للفتيات أمر مهم أن اشترطت القائمة أن تكون فيها فتاة ولكن بدلاً من واحدة فلماذا لا تكون اثنتين؟ وكذلك الاشتراط عند تأسيس الأحزاب أن يكون هناك عدد معين من الفتيات داخل هذه الأحزاب وتكون هناك لجنة للفتاة وليس للمرأة لأن المرأة تحتكرها ولا تضم الفتيات إليها في بعض الأحزاب والفتاة ليس لديها دافع لدخول الانتخابات علي مقعد فردي لأنها غير معروفة وكذلك ليس لها عمل سياسي ولكن عملها اجتماعي فمن الآن علي كل فتاة أن تدعو لنفسها أثناء العمل الاجتماعي لكي يعرفها الناس إذا أرادت أن ترشح نفسها. ثورة عاطفية ويقول مروان يونس أحد مرشحي مقعد فردي بالقاهرة: إن الممارسة الثورية عند الشباب عاطفية ووقتية أما الممارسة السياسية فهي دائمة وتحتاج إلي تدريب وخبرة وتثقيف وممارسة داخل الأحزاب وللأسف شباب مصر لم يفعل ذلك ولهذا وجدنا عدد الشباب أثناء الثورة بالملايين أما عند الترشيح فلا يوجد أحد!! وهذا بسبب القوانين والتشريعات السابقة التي وقفت حائلاً أمام الشباب وأضعفتهم سياسياً بل خذلتهم وجعلتهم بلا وعي سياسي وهذه الفترة التي تجد عدداً ضخماً من الأحزاب في الساحة السياسية الآن لكن بعد انتخابات مجلسي الشعب والشوري تنطفيء ولا يستمر إلا خمسة أو عشرة أحزاب فقط لأن مجهودهم ضعيف وحنكتهم السياسية صفر وتأييد الجماهير لهم سيقل بعد الانتخابات. لأن الأحزاب اليوم وهذا الكم من المنضمين لها لن تستطيع تقنين أوضاعها ولا قراراتها إلا بعد الممارسة الحقيقية بعد الانتخابات لنري أيها يبقي وأيها ستندثر وعزوف الشباب عن الممارسة اليوم هذا من مآثر الماضي وعيوبه وبعد التحرير هؤلاء الشباب ليست لهم خبرة ولم يمارسوا السياسة فماذا يفعلون؟! لذلك الأحزاب لم تضع علي قوائمها الشباب لأنهم غير معروفين للجماهير أضف إلي ذلك أنه ليس لديهم عمل سياسي سابق ولييت لهم خبرة أو ممارسة فالحزب يريد الفوز ولا يراهن علي من يضيعه أو يسقط القائمة لهذا اتجه إلي اختيار الأفضل له والذي يعطيه الجماهير أصواتهم ليضمن نجاح القائمة وأما النظام الفردي فلن يقدم علي هذا الترشيح إلا الشاب الذي مارس السياسة وله شعبية وقوة جماهيرية تدفعه للترشح حتي يضمن النجاح فالسياسة علم وليست ممارسة فقط.. ثانياً: الأمور المادية سبب أساسي في عزوف الشباب فمن أين يأتي الشاب بالمبالغ المالية الباهظة للدعاية ليرشح نفسه وهو لا يملك إلا قوت يومه؟ لهذا لم يرشح نفسه إلا من له ممارسة ومعه مال. وأنا والحمد لله الدعم المالي جاءني من مجموعة من الشباب الذين تبرعوا من جيوبهم لدعم هذه الحملة ووقفوا بجانبي عملاً بمبدأ الدفع بالشباب في مجلسي الشعب والشوري. صراعات داخلية وقال مروان: إن الأحزاب السياسية في مصر داخلها صراعات ومعظم المنتمين لهما ليسوا من محترفي السياسة أو من ممارسي السياسة لهذا فبداخلها صراعات في هذا الحزب أو ذاك فهذا ليس له رئيس والآخر رشح الفلول والثاني لا يجد من يرشحه وهكذا فهذه ليست أحزاباً وإنما حركات فالحزب السابق كان مسيطراً علي كل شيء والأحزاب في ذلك الوقت ليس لها صوت فالممارسة خير معرفة لكل شاب أراد أن يرشح نفسه والخبرة والحرفية الذاتية والثورة والتخطيط العمل السياسي وهذه الجماهيرية والشعبية شروط واجب توافرها لمن أراد أن يرشح نفسه مستقلاً أو داخل الحزب. وضرب مثلاً بدائرة مصر الجديدة التي يتنافس فيها مجموعة من الشباب الذين شاركوا في الثورة وبعض الشباب المنتمي للأحزاب والفوز إن شاء الله لمن تتوافر فيه الشروط السابقة. الجماهير.. تريد ويؤكد أحمد الباسوسي مرشح مستقل عن الشباب أن الجماهير اليوم تحتاج إلي التغيير وأنا معهم وأعرفهم ولست مختلفاً عنهم وهم يحتاجون لمن يعبر عنهم ولهذا رشحت نفسي لأدافع عن هؤلاء وللأسف الأحزاب لم تضع الشباب علي قوائمها لعدم ثقتها في الشباب بل بعضها اتجه للأعضاء السابقين من الحزب الفاشي السابق ليحصد لهم الأصوات فتفكير الأحزاب الآن كما هو في السابق حشد الأصوات وترشيح من يخدمهم وليس من لديه خبرة أو حنكة سياسية أو ممارسة وجزء من الأحزاب لا تثق في الشباب نهائياً حتي بعد الثورة رغم علمها أنهم أساس ومفجرو الثورة واندفاع الشباب هو العنصر الحاكم فيهم والذي يدفعهم للفوز وعدم دفع الأحزاب للشباب هذه الحظوة أحبطت الجميع وأثبتت أن الأحزاب ليست لديها رغبة للتغيير واتجهوا إلي الماضي يحشدون السابقين ويعتمدون عليهم رغبة في الفوز وتركوا الشباب وهذا دليل علي أن الأحزاب مازالت تعيش في الماضي ولم يحسوا بالتغيير ويتعاطفوا معه ويغيروا جلدهم ويعطوا الفرصة للشباب حتي يثبت نفسه ويثقف نفسه لأنه هو الذي فجَّر الثورة ودافع عنها ولولا الشباب لكنا مانزال في الماضي والحزب الواحد والمجلس المزور فأين نحن الآن مما سبق؟! افتقاد الجرأة ويري الدكتور محمد أنور محروس رئيس قسم الاجتماع جامعة حلوان أن قلة الخبرة وعدم الثقة جعلت الأحزاب لم تقم بهذه الخطوة الجريئة لتقدم الشباب للترشيح علي قوائمها وكذلك أفراد الشعب لم ينتخبوا أحداً لم يعرفوه فلابد للمرشح أن يقدم نفسه ويكون معروفاً للناس حتي يضمن الحزب نجاحه هذه أسباب جعلت الأحزاب تعزف عن تقدم الشباب علي قوائمها مع أن الأحزاب فتحت أبوابها لكل من أراد أن يتقدم للترشيح ولكن لم يتقدم إلا القليل لأن الشباب ليست لديهم تجربة سابقة وتثقيف سياسي ولم يكتسبوا خبرة.. هذا كله دفع الأحزاب إلي عدم التمسك بالشباب وللأسف تعود شبابنا علي الاستعمار والهيمنة والابتزاز فالخبرة ليست موجودة وعلي الشباب أن يراجعوا أنفسهم ويعالجوا قصورهم ويقدموا أنفسهم. واجب الشباب ويري د.أنور أن الواجب علي الشباب أن يتقدم ويرشح نفسه وكذلك علي الأحزاب أن تقدمهم حتي ولو كان العدد في هذه الانتخابات 1% ثم بعد ذلك يصل إلي 5% ويكون كل مرة في زيادة إلي أن يكون الأعضاء كلهم شبابا ورغم هذه كله وخفض سن الترشيح إلا أن الكل خائف حتي يكون الوزراء من الشباب وندعو الشباب إلي الانضمام إلي لجان الأحزاب ثم بعدها يتقدمون من لجنة إلي مؤسسي حزب وهكذا ندفعهم حتي نصل إلي شباب يعرف حقوقه وواجباته ويتعامل مع المجتمع وهناك عائق أمام الشباب هو الدعاية الانتخابية للأسف الشباب ليس معه مال فكيف يرشح نفيه؟! ففاقد الشيء لا يعطيه وهو يعلم أنه لن يستطيع أن يعوض ما دفعه مثل العضو السابق كان كل عضو يعوض ما دفعه وأكثر من ذلك!! غاب الرؤية وبنظرة تحليلية تاريخية يرجع الدكتور رأفت غنيمي الشيخ أستاذ التاريخ الحديث ومستشار رابطة الجامعات الإسلامية إحجام الشباب عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية إلي أن هذا الشباب ليس لديه فكر عن برنامج ما بعد هذه الانتفاضة ضد الظلم والفساد والسيطرة التي مارسها النظام السابق. وقد اشترك في هذه الانتفاضة فئات كثيرة من الشعب.. صحيح أن الشباب هو الذي قادها لكن الشعب كله شارك فيها. استطرد د.الشيخ قائلاً: هذه الانتفاضة جاءت للتغيير لكن لم يكن لدي أصحابها رؤية واضحة للإصلاح أو ماذا بعد؟! وأذكر أنه أجري حواراً بعد الثورة بشهر تقريباً بين مجموعة من الشباب الثائر في الميادين المختلفة وبعض القيادات الفكرية والسياسية فأقر أصحاب الانتفاضة بأن همهم الأول كان إسقاط النظام أما ما بعد ذلك أي إقامة نظام جديد.. فهذا لم يكن له برنامج واضح لديهم لإقامة نظام ودولة جديدة. ومن ثم كان تعليق المثقفين والسياسيين علي هذا القول بأنه حقيقي وقد أعطي هذا للأحزاب وأصحاب التيارات الدينية والسياسية الفرصة لظهور وركوب الموجة.