الدعوة إلي الله تعالي من أسمي الرسالات الانسانية التي جاء بها النبيون منذ أن بعثهم الله تعالي مبشرين ومنذرين إلي أن يرث الله الارض ومن عليها.. ولذا فرضت متابعتها علي العلماء والمتفهمين في الدين الذين جعلهم الله أمناءه في أرضه ومنحهم وراثة أنبيائه. وجهازنا الدعوي والوعظي سواء في الازهر أو الاوقاف يواجه مشكلات كثيرة من أهمها إعداد الداعية الذي لا يكفل المتاح منه الآن أداء المهمة السامية علي وجهها الصحيح.. ثم إعداد الطريق الذي يسير فيه للوفاء برسالته ويواجهه ببسالة وحكمةحملات الغزو الفكري التي يتعرض لها المجتمع الآن. "عقيدتي" التقت عدداً من خبراء الدعوة وكبار الدعاة فماذا قالوا إلي؟! في البداية يطرح الدكتور الاحمدي أبو النور- وزير الاوقاف الاسبق رؤيته فيقول: الدعوة إلي الله تعتمد علي إيمان الداعي برسالته وعلي تيسير مهمته. والخصائص التي تتوافر في الداعية المؤمن برسالته لابد ان تتناسب مع طبيعة الاسلام وتتماشي مع حقائقه ليكون قدوة حسنة ولكيلا يكون الداعية كمصباح انقطع عنه التيار الكهربائي فانطفأ نوره يجب ان يعبئ نفسه بالعلم الراسخ والايمان السليم والخلق المتين لأن الاسلام انتشر بالقدوة كما انتشر بالدعوة والداعي إلي الله يجب ان يكون دقيق الملاحظة قوي الاحساس ثاقب الرأي ذكي الفؤاد غير البصيرة حسن السيرة نقي السريرة يمشي في الحياة إلي مرضاة الله بخطوات مسددة موفقة "قل هذه سبيلي أدعو إلي الله علي بصيرة أنا ومن اتبعني". كادر خاص ويمضي د. الاحمدي موضحا انه حتي لايكون الداعية قلقا يتجرع المتاعب في معيشته ومشقة الحياة في أسرته "فهو بشر" فيجب ان يكون للدعاة كادر مالي خاص يكفيهم أعباء الاسرة لكيلا يصبح الداعية مجرد موظف فيلقي درسه جسماً بلا روح لأن درسه مورد رزقه وليس رسالة متغلغلة في دمه ممتزجة بروحه ووجدانه. ويشير الداعية الدكتور محمد هداية- إلي أن إعداد الداعية لابد وأن يتم من خلال عدة وسائل اهمها تطوير المناهج الازهرية لتتلاءم مع متغيرات العصر ومستحدثاته كالعولمة وتطوير وسائل الاعلام والاتصال وتوفير مكتبة شاملة في كل مسجد ليطلع عليها الامام والمصلون علي حد سواء مما يولد مساحة مشتركة من الفهم للقضايا العصرية ومنها الغزو الفكري والثقافي الذي يهدد هويتنا الاسلامية والعربية. وكذلك أري ضرورة التكثيف من الدورات التدريبية للدعاة في مختلف العلوم بحيث يحاضر فيها كبار المفكرين بهدف العمل علي محو الامية الثقافية التي انتشرت بين مختلف الفئات بمن فيهم الدعاة. ويري الدكتور عبدالله الصبان- الاستاذ بجامعة الازهر ان اعداد الداعية ضرورة حتمية في الوقت الحالي لما للدعاة من دور كبير في تشكيل المجتمع دينيا وأخلاقياً وسياسياً أيضاً وإذا كان هذا هو دور الداعية فمن الواجب ان ننهض أولاً بالداعية نفسه لأن فاقد الشئ لا يعطيه.. فيجب علي القائمين علي أمر الدعوة والدعاة ان ينظروا إلي الحالة الاجتماعية والمادية للداعية حتي يستطيع ان يكون علي قدر كبير من المسئولية في مواجهة ما يتعرض له.. فكيف أطالب الداعية بأن يساير متطلبات العصر مثلاً من تكنولوجيا وثقافة واطلاع علي ثقافة الغير وهو يفتقد أبسط مقومات الحياة ولا يستطيع راتبه الضئيل ان يعيش به خمسة أيام من الشهر..لذا أري ان الجانب المادي في حياة الداعية هام جداً أو كيف ان يكون الدعاة من الناحية المادية لا يقلون قدراً من فئات المجتمع المتميزة. أما الشيخ حسين خضر- رئيس قطاع الدعوة السابق بالاوقاف فيوضح ان اختيار الداعية الذي يقوم بمهمة الدعوة يجب ان يكون علي قدر من الموهبة والوعي الثقافي وحب هذا العمل وأن يكون عن رغبة وطواعية لا ان تكون وظيفة وفقط.. لذا اري انه بحق ان تكون هناك اختبارات قدرات لهؤلاء المتقدمين لهذه الوظيفة وليس حفظ القرآن فقط هو الذي يؤهل الخريج لهذا الدور.. صحيح ان حفظ القرآن مهم لكن يتطلب أيضاً الكفاءة الالقائية والمقدرة علي التأثير وحب المهنة والرغبة في الوصول إلي أعلي المراتب الدعوية ولم يحصر الداعية نفسه بين جدران المسجد فقط. وينحي الدكتور محمد رزق السيد-أستاذ الثقافة الاسلامية بكلية اصول الدين بالزقازيق.. منحاً آخر للنهوض بالداعية فيقول: انني اطالب بزيادة التمويل المخصص لخدمة الدعوة الاسلامية ككل لمواجهة الغزو الفكري الذي ترصد له الميزانيات الضخمة ليحقق غزواً ينطلق بمكره السيئ المضاد للاسلام فالمشككون في الاسلام يرصدن الميزانيات الضخمة لوأد الاسلام وثقافته.. وليعلم الجميع ان الدعوة هي المهمة الاولي التي وضعها الله في رقاب المؤمنين بدين الاسلام لتصبح العزة لله والرسوله وللمؤمنين.