.. تحية للشابين العربيين البوعزيزي التونسي وخالد سعيد المصري لأنهما أشعلا الشرارة التي كانت وراء انتفاضة ذلك الروح العربية الأبية في وجدان الشعب العربي في تونس الخضراء والمحروسة مصر والذي انطلق من عقاله بعد أن شعر بأن هناك من يحتكر قراره ويحرمه من حريته ويسلبه كرامته والتعبير عن رأيه ومنعه من التصرف في مقدراته ومصيره بطريقة تواكب معطيات عصره فحول مظاهراته إلي ثورة شعبية سلمية ضاقت بها شوارع وميادين تونس والمحروسة وليسجل هذا الشاب صفحة جديدة ملكة بالحرية والعدالة والديمقراطية وليؤكد ان الشعب هو صاحب الشرعية الوحيدة وانه الدستور الحقيقي ومصدر قوة أي سلطة كانت ويسترد مكانة وطنه في مشهد حضاري تجلل بالدمع والدم والفرح. لقد اختلط الدمع بالدم نتيجة القهر والظلم والخذلان الذي يشعر به هذا الشباب حيال من سلبهم حقهم في التعبير عن رأيهم ومن ثم رماهم بالرصاص الحي ليرتفع عدد الشهداء الذين لحقوا بالبوعزيزي وخالد سعيد إلي المئات وعلي رغم ان هذا الجيل من الشباب لم يخبر السياسة ولا يمتلك حنكة المدلسين والمزيفين والمحنكين في الأكشاك الحزبية العربية وعتبات المسئولين علي امتداد الوطن الكبير فإنهم دفعوا من الحرية والديمقراطية فأخرجوا أنبل ما لديهم بعيدا عن الشعارات الجوفاء التي كانت تطلقها عقول سلطوية متخشبة تعيش في دهاليز وظلمات العصر. تحية للشاب خالد سعيد الذي لفظ أنفاسه الطاهرة تحت الضرب والتعذيب اللا إنساني.. وتحية للشباب الذين قادوا ثورتهم ضد تكميم الأفواه والاختطاف السياسي والاعتقالات غير القانونية مطالبين بأن يظل الحوار هو متن العلاقة بين الرئيس والمرءوس لأن المبدأ الأساسي والأجدي في أي حركة مجتمعية تنموية متطورة ومتقدمة وبأن حرية الكلمة هي المقدمة الأولي للديمقراطية وعلي الرغم من انهم حرموا من ممارسة العمل السياسي الحقيقي طول مدة دراستهم ان العلاقة المقلوبة بين الحكومة والمواطن الذي أصبح مغتربا في وطنه بعد أن ضاقت به السبل في تحقيق أبسط مطالب الحياة المعيشية بدءا من رغيف الخبز إلي الوظيفة التي توفر له الحياة الكريمة مرورا بالسكن والتأمين الصحي والاجتماعي وهي مطالب مشروعة ومن حق كل إنسان علي دولته وحكومته ومن يتولي المسئولية فيها. .. ماذا يحدث لأولي الأمر والرؤساء والقادة في العصر..؟ لماذا فقدوا بوصلتهم مع شعوبهم وانعزلوا في أبراجهم العاجية عن قضايا وهموم وأحلام الناس وعاثوا فيها بطشا وقهرا وظلما فنري أحدهم يقتل علي مرأي من شعبه وبأيدي أبنائه.. والثاني يضرب بالحذاء والثالث يضطر للهرب تحت جنح الظلام.. والآخر يتنحي بعد أن أصر شعبه علي رفضه..؟! .. هل هم مرضي بعلل نفسية ويحتاجون إلي العلاج قبل العقاب..؟ أم انهم لم يأخذوا العبر والدروس من تاريخ الشعب السيد الذي لا يغفر لمن يفهم متأخرا..! أحمد جمال الدين عزام