بدون أدني شك لم يدرك بابا الفاتيكان وهو يتحدث عن ضرورة حماية الأقباط المصريين أنه لن يستطيع ان يعرف من هو محمد ومن هو جرجس حتي يتولي حماية جرجس المسيحي المصري الذي ارتبط مع محمد بصداقة لا يعرف مثلها بنديكت السادس عشر ولا باراك أوباما. عندما تدخل المحل الذي يمتلكه محمد وجرجس ستعجز عن تحديد أي منهما محمد وجرجس وقد أخذ الاثنان عهداً علي أنفسهما بألا يخبرا أحداً من هو جرجس ومن هو محمد بل يتركان الأمر للمصادفة ولعل هذا هو ما جعلهما يسميان المحل الخاص بهما "مش هقولك" بكل ما يحمله الاسم من معان ودلائل. وقصة محمد وجرجس ليست الوحيدة من نوعها كما قد يزعم بعض الحاقدين ولكننا ونحن ننشرها نقدم للعالم كله دليل حي علي عدم وجود فارق بين المصريين وان المسيحي والمسلم في مصر يعيشان ألفة يصعب علي الرئيس الأمريكي ان يشعر بها وهو المسيحي الكاثوليكي وهو يجلس حتي مع أب اعترافه في كنيسته التابع لها. كان أول سؤال سألناه للاثنين عندما ألتقيناهما في المحل الخاص بهما في القاهرةالجديدة هو شعورهما وقت سماعهما نبأ حادث كنيسة القديسين وفاجأنا جرجس بقوله انه تعب كثيراً في هذا اليوم ليس بسبب حزنه علي ضحايا الحادث فحسب بل لانه اضطر إلي بذل مجهود كبير لتهدئة محمد الذي ثار غاضباً عندما شاهد الحادث عبر الفضائيات وانبري غاضباً يهاجم كل من نفذ هذا الهجوم الارهابي قبل ان يغلبه التأثر لتنهمر دموعه ولاضطر أنا - جرجس - ان أتماسك وأحاول جاهداً التخفيف عنه. ويضيف جرجس ان حادث الكنيسة رغم كل آلامه إلا انه كشف لي مدي حب اخوتي المسلمين لنا فقد فوجئت بتعاطف غير محدود وكنت أتمني ان يري من يدعون أنهم يريدون حماية أقباط مصر مدي التفاف المصريين المسلمين حول المصريين الأقباط وأنا بقدر حزني سعيد لأن الحادث رغم ألمه ساهم في تقريبنا من بعضنا البعض ليؤكد لكل دعاة الفتنة أننا مسيحيون ومسلمون نقف خلف نفس الجدار وسنواجه كل محاولاتهم لهدم هذا الجدار بمنتهي الحسم والقوة والوحدة. علاقة حب وعن بداية صداقتهما يقول محمد لقد بدأت صداقتنا قبل ربع قرن تقريباً ولم نفترق منذ هذا الحين وقد تندهش إذا عرفت أننا لم نختلف يوماً مهما حدث وحتي بعد ما فتحنا هذا المحل سويا لم يحدث بيننا والحمد لله أي خلاف وحتي عندما تزوج جرجس فقد حرص علي ان تكون شقته مجاورة لشقتي ومثلما انا وهو صديقان فإن زوجتينا أصدقاء وحتي الأولاد يحرصون علي اللعب سوياً ولا يستطيع احد في الكون أن يجعل ابنتي لا تري صديقتها ابنة جرجس ولو يوماً واحداً وأنا وهو معاً دوماً لدرجة ان أحد الأشخاص عرض علي جرجس السفر إلي دبي فرفض السفر إلا إذا توفر عقد عمل ثنائي لي وله ويقول جرجس: هل تصدق أن محمد هو الذي زوجني زوجتي وأم أولادي بل ان أهلها لم يزوجوني ابنتهم إلا لأنني جئت من طرف محمد وقصة زواجي كانت طريفة للغاية حيث فوجئت ذات يوم بمحمد يقول لي إن هناك زميلة له في العمل مسيحية ومهذبة ومتدينة وهو يرشحها لي كزوجة وحدد لي موعداً للقائها في منزلهم حتي اراها وتراني والحمد لله أعجبتني فقلت لوالدها هذه هي بياناتي حتي تسأل عني وعن أسرتي ففوجئت بالرجل يقول لي ليست هناك حاجة للسؤال عنك لانك جئت من طرف محمد وهو رجل نثق فيه كثيراً فاذهب وحدد موعداً لوالدك كي نجلس ونحدد موعد الزفاف. يلتقط محمد طرف الخيط ضاحكاً. لقد أصر جرجس وعروسه وأهلهما ان أحضر لقاءهما الأول وعندما قلت لهما باسماً هل سنقرأ الفاتحة في هذه الجلسة قالوا لي ولم لا؟ اقرأ انت الفاتحة وسنقرأ نحن جزءاً من صلاة أبانا الذي في السماوات ولن أنسي أبداً ما حدث في حفل عقد الاكليل حيث كنت أقوم بتصوير الطقوس في الكنيسة بكاميرا فيديو وعندما حان دخول العروسين إلي الهيكل طلبت ان أدخل معهما فعرفني جرجس ان دخول الهيكل قاصر علي المسيحيين فقط فابتعدت قليلاً لافاجأ بالقمص الذي يتولي عقد الاكليل يسألني عن اسمي وعندما قلت له محمد قال لجرجس ان محمد يحبك ولابد ان تحافظ علي صداقتك معه وسمح لي بدخول الهيكل والتصوير. إفطار رمضان ويري جرجس ان هناك من يتربص بمصر ويتمني ان تتاح له الفرصة للنيل من وحدتها منهم يريدون ان يفعلوا بنا مثلما فعلوا في السودان تحت مسمي حماية الاقليات وأنا أقول لكل من يدعي ان الأقباط أقلية في مصر تعالوا إلي مصر في شهر رمضان وحاولوا ان تعرفوا من هو المسيحي ومن هو المسلم وأنا أتحدي أي غريب علي مصر ان يميز بين المسلم والمسيحي في شهر رمضان فالكل صائمون فالمسلم صائم تنفيداً لأوامر دينه والمسيحي صائم حفاظاً علي شعور المسلم وأنا شخصياً لا يمر رمضان دون ان اتلقي من دعوة من محمد وأسرته للافطار معه في منزله. لقطات من الحوار * حرص محمد وجرجس علي تسمية المحل مش هقولك قائلين نحن نحب ان يعاملنا الناس بدون النظر إلي الدين والحمد لله نجحنا في هذا الأمر. * عندما عاد جرجس من اجازة العيد وجد محمد قد اشتري حذاء جديداً وعندما شاهده أعجبه الحذاء فأقسم محمد أن يهديه إياه ليعود إلي منزله بحذاء جرجس القديم. * قبل عدة أعوام مر علي المحل أثناء غياب محمد أحد باعة لوحات جدارية بها آيات من القرآن الكريم فقام جرجس بشراء ثلاث منها وعلقها في المحل وعندما عاد محمد ورأي ذلك قام بالذهاب إلي محل لصناعة البراويز وطلب منه عمل برواز كبير لصورة مريم العذراء وحرص علي وضعه في مكان بارز في المحل. * خلال الحوار فوجئت بجرجس يستشهد كثيراً بكلام شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب حول الوحدة الوطنية وبمحمد يستشهد بكلام البابا شنودة حول أن مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا.